FINANCIAL TIMES

لقاء تشيكرز يغيّر قواعد «بريكست» .. الكرة الآن في ملعب «بروكسل»

لقاء تشيكرز يغيّر قواعد «بريكست» .. الكرة الآن 
في ملعب «بروكسل»

ستسود سياسة تيريزا ماي الجديدة في المعركة الداخلية، التي يخوضها حزب المحافظين حول علاقة بريطانيا المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي. السبب الرئيس لهذا هو أن رئيسة وزراء المملكة المتحدة لم تعد تعمل بشكل مخالف للمنطق، بل تعمل إلى حد كبير بما يتناسب معه.
كما تبين في لقاء تشيكرز يوم الجمعة الماضي، فإن "البريكست يعني البريكست" بما يعني حرية حركة البضائع. يضع بيان الحكومة سياسة لمتابعة "كتاب للقواعد المشتركة" بشأن إنتاج السلع؛ ومعايير موحدة بشأن المنافسة، فضلاً عن الشؤون البيئية والاجتماعية والتوظيفية وشؤون المستهلكين؛ وترتيبات للتعامل مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي "كما لو كانت منطقة جمركية مشتركة".
كان هذا هو الموقف المنطقي الوحيد الممكن لحكومة بريطانية لا ترغب في تعريض اتحاد بريطانيا العظمى مع إيرلندا الشمالية للخطر، من خلال وضع بنية تحتية مادية على الحدود البرية في جزيرة إيرلندا.
(وقد أشار هذا العمود إلى هذا منذ أن تم الالتزام به في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. واستغرق الأمر ثمانية أشهر فقط لقبول مضامين القرار). كما أنه كان الحد الأدنى من الاستمرارية اللازمة لعدم سحب البساط من تحت أفضل عمليات التصنيع في البلد، التي تعتمد على شحنات خالية من الاحتكاك عبر الحدود في سلاسل التوريد الأوروبية.
هذه الاعتبارات المهمة كانت تتعارض مع "الخطوط الحمراء" الأصلية لرئيسة الوزراء. من خلال قبول الضرورة المنطقية لإعادة رسم الخطوط، تغلبت رئيسة الوزراء على زملائها في مجلس الوزراء الذين يدعمون خروجا صعبا لبريطانيا، من الذين لم يقبلوا بتلك الضرورة المنطقية.
بعد مرور أكثر من عامين على الاستفتاء، لم يتوصلوا لتفسير يبين كيف يمكن احترام هذه الخطوط الحمراء. السبب في ذلك هو أنهم لم يستطيعوا – دون تهديد صريح لكل من اتحاد المملكة المتحدة وقطاعها التصنيعي، وهما أمران لا يمكن للسياسيين البارزين من الحزب الوحدوي والحزب المؤيد للأعمال (أي حزب المحافظين) أن يتحملوا القيام به. في العام الماضي لقد تعرضوا للإحراج في حينه. استقالة ديفيد ديفيز لن تغير هذا (ولا استقالة بوريس جونسون لاحقاً).
قبل ذلك، تغلب حزب العمال على الحكومة في هذا الشأن: أولاً عندما دعا إلى انتقال تجميدي، ثم عندما دعا إلى شكل من أشكال الاتحاد الجمركي (والذي هو من الناحية العملية ما يبدو أن اتفاقية تشيكرز تقوم به).
هذه المرة رئيسة الوزراء هي التي أجبرت المعارضة على الاستماع إليها. اقتراحها بالانتقال الحر للبضائع يترك لزعيم حزب العمال جيري كوربين طريقتان فحسب لتمييز نفسه: من خلال الدعوة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل أقوى من رئيسة الوزراء، أو من خلال المطالبة بالسوق الموحدة الكاملة والاتحاد الجمركي في جميع المجالات.
المهم أكثر من ذلك، أن هناك الاتحاد الأوروبي. للمرة الأولى، فلدى حكومة المملكة المتحدة موقف لا تستطيع بروكسل نزعه منها باستخدام المنطق البسيط. كيف ستستجيب الآن بعد أن توصلت المملكة المتحدة أخيرا إلى موقع يمكن التفاوض منه؟
على عكس ما يعتقده البعض، العقبة الأولى ليست ما إذا كانت البلدان الـ 27 الأخرى في الاتحاد الأوروبي ستقبل حرية حركة البضائع مع أراضي دولة ثالثة ليست جزءاً من السوق الموحدة الكاملة.
أو للتعبير عن الأمر بشكل مختلف، ما إذا كان هذا سيسمح باتحاد تنظيمي للسلع على مساحة أكبر من الاتحاد التنظيمي للخدمات.
الأمر الأساسي أكثر من ذلك هو ما إذا كانت المملكة المتحدة تقبل فعلاً إخضاع نفسها لاتحاد تنظيمي ليست عضواً فيه، حتى بالنسبة للسلع فحسب. هذه مسألة تتعلق بوضع القواعد والحوكمة على حد سواء. بالنسبة إلى صنع القواعد، يجب أن نفهم أن المقصود هو القبول بالقواعد: هل تقترح المملكة المتحدة بكل جدية أن تكون ملتزمة بجميع قواعد الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالسلع، بما في ذلك القواعد الجمركية، وليس الآن فحسب مع تغييرها في المستقبل؟ بالنسبة للحوكمة، كيف يمكن للمملكة المتحدة أن تجعل الاتحاد الأوروبي على ثقة بأنها ستمتثل في الواقع لهذه القواعد وتفرضها؟
ما لم يقدم الكتاب الأبيض الذي وُعد به هذا الأسبوع إجابات مقنعة عن هذه الأسئلة، فإن مسألة فصل الحريات الأربع لا تنشأ. لذلك عندما يتم إصدار الكتاب، ينبغي للقراء أن ينظروا بعناية فائقة إلى النطاق المقترح للقبول بالقواعد وطبيعة ترتيبات الحوكمة.
في الوقت الحالي، لدينا بيان تشيكرز من رئيسة الوزراء للعمل عليه، فيما يتعلق بقبول القواعد، ويبدو أن البيان يواجه الصعوبة بشجاعة. هو ينص بوضوح على أن المملكة المتحدة ستتبع قواعد الاتحاد الأوروبي بشكل كامل، في الوقت الذي تتطور فيه مع الحرية الاسمية للرفض، دون أن يكون ذلك على حساب وقف التجارة الخالية من الاحتكاك.
يتمثل السؤال الأكبر هنا في كيفية اقتراحها لتغيير رسومها الجمركية عن رسوم الاتحاد الأوروبي، دون الحاجة إلى إجراء عمليات تحقق على قواعد المنشأ على الحدود – وقد يكون السر هنا أن الترتيب سيصبح "عمليا على مراحل في الوقت الذي يقوم فيه الطرفان بإكمال الاستعدادات الضرورية". إذا لم يحدث هذا الاكتمال أبداً؛ (لأنه مستحيل)، يمكن أن تستمر التجارة من دون احتكاك.
القضية الشائكة هي الحوكمة والإنفاذ. كيف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يثق بأن المملكة المتحدة ستنفذ القواعد، في حين أن البلدان الأعضاء في الاتحاد لا تثق ببعضها البعض للقيام بذلك إلا في حضور محكمة مشتركة.
يتحدث البيان عن "إيلاء الاعتبار الواجب لقانون القضايا في الاتحاد الأوروبي"، وهي لجنة مشتركة وتحكيم ملزم. هذا أمر لا فرصة أمامه للنجاح. القواعد التي يجب الالتزام بها هي قواعد الاتحاد الأوروبي؛ وليس لدى الاتحاد الأوروبي وأعضائه أي سبب لإخضاع نظامهم القانوني الخاص للتدقيق القضائي الخارجي.
هذا بالطبع ما تريد المملكة المتحدة تجنبه أيضًا، ولكن لا تنسَ أنها هي التي ستترك المحكمة التي هي الآن عضو فيها.
علينا أن نتوقع المرحلة التالية من المفاوضات، أن تركز على هذين السؤالين، خاصة الأخير. هناك، من الضروري التوصل إلى ما هو أكثر من التحسينات؛ من غير المرجح أن يتم القبول بأي شيء لا يصل إلى مستوى محكمة دول الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة. يمكن أن ينجح ترتيب المحكمة؛ لأن الاتحاد الأوروبي يثق بها لضمان عدم قيام أعضاء المنطقة الاقتصادية الأوروبية من خارج الاتحاد الأوروبي بإنفاذ قواعد السوق الموحدة.
إذا أظهرت المملكة المتحدة أنها ستفعل ما هو مطلوب في هاتين المسألتين، سنأتي إلى الجوهر: هل ستقبل البلدان الـ 27 الأخرى توسيعا لمنطقة الحركة الحرة للسلع خارج أراضي السوق الموحدة الكاملة؟
كما جادلتُ في مقابل سابق، فإنه ينبغي لها ذلك. يقول الاتحاد الأوروبي إنه راغب في تغيير موقفه إذا غيرت بريطانيا خطوطها الحمراء. إذا كان هناك شيء واضح من لقاء تيشكرز، فهو أن هذه الخطوط الحمراء قد انتقلت مسافة لا يستهان بها، واضعة الكرة في ملعب الاتحاد.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES