الحرب التجارية تتصاعد .. أمريكا تهدد برسوم على واردات صينية بـ 200 مليار دولار

الحرب التجارية تتصاعد .. أمريكا تهدد برسوم على واردات صينية بـ 200 مليار دولار

أعلنت الإدارة الأمريكية أمس، أنها أعدت قائمة بسلع صينية تستورد منها الولايات المتحدة ما قيمته 200 مليار دولار سنويا، وذلك بهدف فرض رسوم جمركية عليها بنسبة 10 في المائة اعتبارا من أيلول (سبتمبر) المقبل، في خطوة تنذر بمزيد من التصعيد في الحرب التجارية الدائرة بين واشنطن والصين.
وكان دونالد ترمب الرئيس الأميركي، توعد بكين بإجراء انتقامي بعدما ردت بالمثل على قائمة أمريكية أولى شملت صادرات صينية إلى الولايات المتحدة بقيمة 34 مليار دولار فرضت عليها واشنطن الأسبوع الماضي رسوما جمركية بنسبة 25 في المائة.
ووفقا لـ"الفرنسية"، قال روبرت لايتزر ممثل التجارة الأمريكية، إن قيمة السلع الواردة في القائمة الأولى تبلغ 50 مليون دولار سنويا وليس 34 مليونا كما أعلن سابقا، مشيرا إلى أن الصادرات الصينية المستهدفة بهذه الرسوم هي منتجات تستفيد من "نقل قهري للتكنولوجيا"، وهو المصطلح الذي تطلقه واشنطن على السياسة التي تتبعها الصين في تعاملها مع شركات التكنولوجيا الأمريكية.
ويتهم مسؤولون أمريكيون الصين ببناء هيمنتها الصناعية عبر سرقة إلكترونية للدراية التكنولوجية الأمريكية بفرضها نقل الملكية الفكرية والاستحواذ عليها من قبل شركات تابعة للدولة.
وأضاف في بيان، أن قرار إعداد قائمة ثانية اتخذ ردا على الإجراء الانتقامي الذي لجأت إليه الصين بفرضها رسوما جمركية على صادرات أمريكية، مشيرا إلى أن القائمة الثانية تشمل سلعا صينية تستورد منها الولايات المتحدة سنويا ما قيمته 200 مليار دولار، أي أربعة أضعاف قيمة السلع الواردة في القائمة الأولى.
وأوضح لايتزر في بيانه، أنه "نتيجة للإجراءات الانتقامية التي لجأت إليها الصين وعدم قدرتها على تغيير ممارساتها، فقد أمر الرئيس مكتب ممثل التجارة الأمريكية بالبدء في آلية ترمي إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على واردات إضافية بقيمة 200 مليار دولار".
ولكن الإجراءات والقواعد المتبعة في هذا المجال تجعل فرض هذه الضرائب امرا مستحيلا، إذ يتعين على المكتب أن يعقد جلسات استماع حول المنتجات المدرجة في القائمة الجديدة للنظر في ما إذا كان سيتم الإبقاء عليها أم لا.
وبحسب مسؤول في الإدارة، فإن الأمر سيستغرق نحو شهرين لوضع اللمسات النهائية على القائمة التي ما إن تصبح جاهزة حتى تحال إلى ترمب الذي سيقرر عندها ما إذا كان سيعتمدها أم لا.
ويحذر الخبراء منذ أشهر من أضرار محتملة لحرب تجارية بين واشنطن وبكين ليس فقط على صعيد الاقتصاد الأمريكي، بل أيضا على الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يهدد بوقف النمو الاقتصادي المستمر منذ سنوات.
وعلى الرغم من التحذيرات من تداعيات هذه الحرب على الولايات المتحدة نفسها، إلا أن ترمب يعتقد أن الاقتصاد الأمريكي يمكنه الخروج فائزا من هذه المعركة.
في المقابل، تعد الصين أن اقتصادها قادر على تخطي الأزمة بالتركيز على الطلب المحلي وتخفيف الاعتماد على الصادرات.
من جانبها، اتهمت الصين الولايات المتحدة بالسعي إلى "تدمير" التجارة بين البلدين، وذلك ردا على التهديدات التي وجهتها واشنطن. وقال لي شينجانج نائب وزير التجارة الصيني، خلال منتدى في بكين، إن "زيادة الرسوم الجمركية بصورة متبادلة وعلى نطاق واسع بين الصين والولايات المتحدة ستؤدي حتما إلى تدمير التجارة البينية".
وأضاف، "هذه الممارسات تؤثر سلبا على العولمة الاقتصادية وتضر بالنظام الاقتصادي العالمي".
وإذ وصف المسؤول الصيني التراشق الضريبي الدائر حاليا بين بلاده والولايات المتحدة بأنه "وقت فوضوي في التجارة الدولية"، مؤكدا أن "الشركات في كلا البلدين ستتكبد خسائر، ما من منتصر في حرب تجارية. التعاون هو الخيار الوحيد الصائب بين الصين والولايات المتحدة".
وأضاف، "الولايات المتحدة ترفع على ما يبدو من وتيرة هذه المناوشات التجارية"، محذرا من أن "الأثر السلبي للمناوشات التجارية بدأ يظهر فعلا".
وجاء تصريح المسؤول الصيني بعيد إعلان الإدارة الأمريكية أنها أعدت قائمة بسلع صينية تستورد منها الولايات المتحدة ما قيمته 200 مليار دولار سنويا، وذلك بهدف فرض رسوم جمركية عليها بنسبة 10 في المائة اعتبارا من أيلول (سبتمبر) المقبل.
ونددت وزارة التجارة الصينية في بيان بالتهديدات الأمريكية الجديدة "غير المقبولة إطلاقا" معتبرة أن تصرف الولايات المتحدة "غير العقلاني" يضر "بالصين والعالم وبهم أنفسهم".
وكتبت بكين، "حفاظا على المصالح الأساسية للبلاد والشعب، ستضطر الحكومة الصينية كما فعلت من قبل إلى اتخاذ تدابير الرد الضرورية" مبدية "صدمتها" لسلوك واشنطن.
وتابعت الوزارة، "بموازاة ذلك، ندعو الأسرة الدولية إلى العمل بشكل منسق للحفاظ على قواعد التبادل الحر والنظام التجاري التعددي والتصدي معا للهيمنة التجارية".
وأفادت الصين عن تقديم شكوى جديدة "فورا" ضد الولايات المتحدة لدى منظمة التجارة العالمية.
وفي حال قررت الولايات المتحدة المضي قدما بفرض الرسوم الجمركية الجديدة، فلا يمكن أن تدخل حيز التنفيذ قبل سبتمبر بسبب آليات قانونية واستشارية، على ما أوضح مسؤولون في الإدارة الأمريكية للصحافة (الثلاثاء).
وهذه التدابير الأمريكية الجديدة ليست مفاجئة، وقد لوح بها ترمب في حال عمدت بكين إلى التصعيد بعد فرض أولى التدابير الحمائية الأمريكية الأسبوع الماضي ضد منتجات صينية بقيمة 34 مليار دولار.
وكانت الصين أعلنت الأسبوع الماضي ردا على أول سلسلة من التدابير الأمريكية أن واشنطن باشرت "أكبر حرب تجارية في التاريخ الاقتصادي".
وفي حال إقرار واشنطن الرسوم الجمركية الجديدة، ستطاول هذه التدابير العقابية بصورة إجمالية 250 مليار دولار من المنتجات الصينية المستوردة إلى الولايات المتحدة، إذ تعمل الإدارة الأمريكية على إضافة منتجات بـ16 مليار دولار إلى الـ34 مليارا المشمولة أساسا بالعقوبات، تضاف إليها المنتجات بقيمة 200 مليار التي أعلن عنها (الثلاثاء).
وقد لا يتوقف ترمب عند هذا الحد، إذ أعلن في السابق أنه يعتزم استهداف أكثر من 400 مليار دولار من المنتجات المستوردة من الصين.
وبلغ حجم الواردات الأمريكية من الصين بالإجمال 505 مليارات دولار عام 2017، فيما سجل الميزان التجاري بين البلدين عجزا بقيمة 375 مليار دولار لصالح الصين.
وتضاف إلى هذه التدابير العقابية الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن على واردات الصلب 25 في المائة، والألمنيوم 10 في المائة، من الصين ودول أخرى.
وتتهم واشنطن بكين منذ الصيف الماضي بالقيام بعمليات "نقل قسري للتكنولوجيا" بإرغامها الشركات الأمريكية الساعية إلى بيع منتجاتها في الأسواق الصينية على إقامة شركات مع شركاء صينيين يتمكنون بهذه الطريقة من الاستفادة من التكنولوجيا الأمريكية.
وفي هذا السياق، تتهم إدارة ترمب، الصين مباشرة بـ"السرقة" وتطالبها بفتح أسواقها أكثر من خلال رفع الحواجز الجمركية والقانونية.
وستقوم الإدارة الأمريكية الآن بتنظيم مناقشات وإجراء تحقيقات حول انعكاسات هذه الرسوم الجمركية الإضافية التي تستهدف من جملة ما تستهدفه الأسماك والإطارات والمنتجات الجلدية والأجبان والخشب والورق ومنتجات كيميائية. وستستغرق العملية مدة قد تصل إلى شهرين، وتترافق مع جلسات استماع تسمح للقطاعات المعنية بعرض حججها الداعمة للرسوم الجديدة أو المعارضة لها.
وليس الخلاف حول الملكية الفكرية سوى واحدة من الجبهات التي فتحها دونالد ترامب في هجومه الحمائي على التجارة.
فإلى الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم التي تنطبق على جميع شركاء الولايات المتحدة التجاريين تقريبا، يعتزم الرئيس الأمريكي استهداف قطاع السيارات، ولا سيما واردات السيارات من ألمانيا.

الأكثر قراءة