Author

المكافآت لاستهداف التحفيز

|
إذا كان الفساد أو التراخي في المبادرة إلى إنجاز المهام المطلوبة يجد أمامه منظومة من التشريعات والأنظمة والقوانين للمساءلة والعقاب، فإن للنزاهة وكفاءة أداء المهام بما يحقق الجودة، ويعمق ويوسع نطاق الشفافية، ما يشجعها ويحفزها على الصعيدين المعنوي والمادي. ومن هنا يمكن لنا استخلاص حرص القيادة السعودية على أن يلقى المُجِد المخلص جزاءه مشكورا مقدرا، مثلما يُواجَه المُخِل بإجراءات العمل المتجاوزة الأنظمة ما يستحقه من ردع. وإذا كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قد شهدت له مواقف مناقبية كبرى في تقديره لمن يسهرون على حراسة الوطن وأمنه من رجال الجيش والأمن، كما شهدت له مواقفه بالشهامة في حالات إنسانية، كان فيها الباذل السخي المبلسم للجروح، فها هو اليوم وبكل نبل الرعاية يصدر موافقته على صرف مكافأة تشجيعية مقدارها عشرة ملايين ريال، لـ353 من منسوبي ديوان المراقبة العامة؛ وذلك لتميزهم المهني في تنفيذ مهامهم وأعمالهم الرقابية خلال العام المالي 1438/ 1439هـ، الذي نتج عنه الكشف عن صرف مبالغ من قبل بعض الجهات المشمولة برقابة الديوان دون سند نظامي، أو عدم متابعة تحصيل بعض الإيرادات المستحقة للخزانة العامة للدولة، وتفويت بعض الحقوق بما يخالف مقتضى الأنظمة والتعليمات، وقد بلغ مجموع ما تم الكشف عنه خلال العام المالي المذكور نحو ثمانية مليارات و300 مليون ريال. كما أن هذه الموافقة من قائد هذه البلاد تمثل دعما قويا لدور ديوان المراقبة في ترسيخ مبادئ الشفافية والإفصاح والمساءلة، وتعزيزها في جميع الجهات الحكومية، وتثمينا للنتائج الإيجابية التي حققها الديوان في الأنشطة الرقابية المتعددة، التي يمارسها وفقا لاختصاصه في مجالات المراجعة المالية والرقابة على الأداء، الهادفة إلى المحافظة على المال العام، وحماية المكتسبات الوطنية والممتلكات العامة، التي أسفرت عن توفير مبالغ كبيرة للخزانة العامة، وكذا متابعة تنفيذ الأوامر السامية وقرارات مجلس الوزراء التي كلف الديوان بمتابعتها. هذه المكافآت التشجيعية لمنسوبي ديوان المراقبة تحمل دلالتها العميقة أكثر من مستوى، فهي من ناحية تأكيد أن مكافحة الفساد وحماية النزاهة ليست شعارا نظريا، وليست هيكلا إداريا، بل هي بعد وأساس استراتيجي في البنية الإجرائية للسياسة العليا في إدارة الشأن العام، وجهات التنمية المسؤولة عن الخدمات والإنتاج، مثلما أن هذه المكافأة التشجيعية تشير إلى أن مبدأ ثقافة العمل تستهدف التحفيز، وتضع لكفاءة الأداء ما يدفع بها إلى مزيد من الجودة فيه، وما يشعر الموظف الكفء بأنه محل التقدير؛ لأنه في عين القيادة هو الثروة الحقيقية غير الناضبة حين لا يجد التراخي أو الإخلال إليه سبيلا، بل البذل والصدق والإخلاص في شرف ما يقوم به وتشرُّفه به، كما أن هذه المكافآت التشجيعية تمثل علامات مضيئة في اتجاه صناعة القدوة للاحتذاء بها، والتنافس في جعلها تسود، غامرة كل نشاط وكل مجال، فذاك سبيل الترقي والتقدم، وإحراز السبق على الصعيد التنموي بتنوعه ونوعيته، الذي جاءت "رؤية المملكة 2030" من أجل الوصول إلى رحابه الشاهقة في البشر وفي الإنجاز.
إنشرها