احتجاجات بازار طهران تكشف تصدع النظام في إيران

احتجاجات بازار طهران تكشف تصدع النظام في إيران

أغلق مئات التجار في الشوارع المقببة في بازار طهران الكبير متاجرهم هذا الأسبوع احتجاجا بسبب العملة الآخذة في التراجع، فيما يقول حلفاء حسن روحاني، رئيس إيران الذي يعتقد أنه إصلاحي، إن تراجعها يتم بدعم من قبل المتشددين الساعين إلى إرغام روحاني على التخلي عن الحكم.
قال شاب لعدد من أصحاب المحال في السوق يوم الثلاثاء: "أغلقوا! أغلقوا المحال! الرجاء التعاون معنا".
قال أحد تجار الذهب بالجملة، رفض ذكر اسمه: "لقد أُكرِهْنا على إغلاق محالنا. أرسلت مراكز السلطة المعادية لروحاني عملاءها إلى السوق. يبدو أن هنالك خطة لجعل روحاني ضحية لهذه الأزمة الاقتصادية الحالية".
عندما هتف بضع عشرات من المتظاهرين بشعارات مناهضة للحكومة - "العدو هنا. النظام يكذب عندما يقول إنها الولايات المتحدة" - وقفت شرطة مكافحة الشغب دون أن تتدخل. وقدمت وسائل الإعلام المتشددة تغطية بارزة لهذا الإضراب.
لعب البازار دورا محوريا في الثورة الإسلامية في عام 1979 عندما ضم التجار صفوفهم إلى رجال الدين من أجل الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي. لم يعد التجار يتمتعون بهذا النوع من السلطة، لكن رمزيا، المشهد في السوق يعني كثيرا بالنسبة للإيرانيين.
يقول محللون إن هذه التطورات تأتي في صميم صراع يزداد حدة على السلطة، بين القوى المؤيدة للإصلاح – المتحالفة مع روحاني – والمتشددين الموجودين إلى حد كبير في الحرس الثوري والسلطة القضائية. حتى إن هناك شائعات عن وجود تدخل عسكري من أجل السيطرة على الحكومة.
في الوقت الذي يُظهر فيه كبار القادة في إيران صورة الوحدة ضد الولايات المتحدة، التي انسحبت في الشهر الماضي من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 وتهدد إيران بفرض عقوبات جديدة صارمة، هناك اختلافات أساسية حول مستقبل النظام الثيوقراطي وحول أية مفاوضات مستقبلية مع "العدو اللدود" الولايات المتحدة.
طالب الرئيس دونالد ترمب إيران بأن توقف تدخلها في الشرق الأوسط، وأن تتخلى عن برنامج الصواريخ البالستية لديها. لكنه ترك الباب مفتوحا أمام إجراء محادثات طالما توقفت طهران عن تدخلها في شؤون المنطقة. في الظاهر، إيران تتحدى الولايات المتحدة، لكن يتشكك محللون في قدرتها على تحمل العقوبات الأكثر صرامة لفترة زمنية طويلة.
قال أحد المحللين السياسيين من أنصار الفكر الإصلاحي: "يبدو أن المتشددين يعتقدون أنه قد لا يكون أمامهم أي خيار سوى التفاوض مع الولايات المتحدة، لكنهم لا يريدون أن يكون روحاني هو الذي يفاوض. ومن الغريب أيضا أن روحاني لا يبذل جهودا كافية كما لو أن الحكومة ترغب أيضا في أن تخرج الأزمة عن نطاق السيطرة، بحيث يضطر المتشددون لابتلاع تنازلات كبيرة".
من المتوقع أن يتدهور وضع الاقتصاد الإيراني أكثر من قبل. ستعيد الولايات المتحدة في آب (أغسطس) فرض قيود على قدرة إيران على شراء الدولار الأمريكي، إضافة إلى أي تجارة عالمية مع ما لدى إيران من ذهب وفحم وصلب وسيارات وعملة وسندات. وفي وقت لاحق من العام ستفرض واشنطن عقوبات على صادرات إيران من النفط والطاقة، وعلى الشحن البحري والموانئ، ومعاملات البنك المركزي.
"الحرب التجارية" مع الولايات المتحدة – كما يحب المسؤولون الإيرانيون وصفها – هزت الناس العاديين ومجتمع الأعمال. ويتوقع كثيرون التعرض لمزيد من الألم والضرر في الأشهر المقبلة عندما تصبح العقوبات الجديدة نافذة المفعول. وحتى الآن انخفضت العملة الإيرانية، الريال، نحو 50 في المائة مقابل الدولار في السوق المفتوحة هذا العام.
التدابير الطارئة التي اتخذتها الحكومة – تخصيص عملة صعبة لمستوردي السلع الأساسية وفرض حظر على مئات من السلع المستوردة، بما فيها السيارات – أدت إلى رفع أسعار كثير من المنتجات. مثلا، مراكز التسوق التي كانت تعتمد على السلع الاستهلاكية المستوردة، بما فيها الملابس والأحذية، ذُهِلت عندما تم فرض الحظر على الواردات بين عشية وضحاها الأسبوع الماضي.
في الوقت نفسه، يسحب كثير من الناس مدخراتهم ويشترون الذهب والعملة الصعبة والعقارات والسيارات في محاولة لحماية أصولهم.
قال أحد أصحاب المحال الذي كان يبيع آلات صنع القهوة الفرنسية في البازار: "يشتري الناس السلع الأساسية فقط هذه الأيام، أو يحولون مدخراتهم إلى سبائك ذهبية. ليس هناك سبب يجعلنا نفتح متاجرنا في وقت لا نستطيع فيه شراء منتجات جديدة باهظة الثمن بسبب أسعار الدولار وليس لدينا زبائن لشرائها".
اغتنم المتشددون فرصة المعارضة العامة الآخذة في التصاعد لإلقاء اللوم على الرئيس. قال رحيم صفوي، وهو قائد سابق في الحرس الثوري، خلال عطلة نهاية الأسبوع: "أحيانا يبدو وكأن البلاد ستدار بشكل أفضل من دون وجود حكومة روحاني".
تعليقات صفوي الذي هو أيضا مستشار رفيع المستوى للمرشد الأعلى، علي خامنئي، أعقبتها دعوات من بعض الأعضاء المتشددين في البرلمان تدعو إلى عزل الرئيس روحاني.
قال أمير خوجاسته، أحد أعضاء البرلمان، يوم الإثنين: "نمنح الحكومة من 10 إلى 15 يوما لتقدم خطتها حول مواجهة مؤامرات العدو في الحرب الاقتصادية. وإلا سوف نثير مسألة افتقار الرئيس للكفاءة (من خلال توجيه الاتهام له بالتقصير). والهدف من ذلك هو الاستجابة لمطلب الجمهور ولن نتزحزح عن مواقفنا قيد أنملة".
ليس من الواضح ما إذا كان المتشددون – الذين يدعون الولاء غير المشروط للمرشد الأعلى – يحاولون في الواقع الضغط عليه ليوافق على إجراء تغيير مبكر على الحكومة. وقد كان حتى الآن داعما للرئيس وفريقه من خلال الخطب العامة التي كان يقدمها.
قال أحد المطلعين على النظام وأحد أقارب المرشد الأعلى: "لا يزال خامنئي معارضا لفكرة الإطاحة بروحاني".
وقال أحد المحللين الإصلاحيين: "سيكون روحاني محظوظا إن بقي في السلطة حتى الخريف المقبل. الأزمة الحالية جاءت قبل سريان مفعول العقوبات الأمريكية، فما الذي سيحدث عندما يبدأ سريانها فعليا؟".

الأكثر قراءة