أثرياء جيل الألفية بحاجة إلى سلالة جديدة من مديري الأموال

أثرياء جيل الألفية بحاجة إلى سلالة جديدة من مديري الأموال

هذا جيل صاحب تفكير أخلاقي، وهوس بالتكنولوجيا والثروة – إنه الجيل التالي من العملاء الخاصين، الذي يتألف من سلالة جديدة من الزبائن الذين يريدون نوعا جديدا يناسبهم من مديري الثروات.
العميل الأصغر سنا أكثر اهتماما بمحفظة استثمارية صديقة للآيفون وليس بمستشار متأنق، ويرغب في مناقشة سمات الصناديق البيئية والأخلاقية، بدلا من رحلة إلى ملعب الجولف.
يقول ماثيو فليمنج، الشريك في مكتب أسرة ستونهيج فليمنج "موقف الجيل الأصغر سنا من العملاء مختلف جدا (عن آبائهم). كان هناك تحول لا لبس فيه في السنوات الخمس الماضية نحو الأثر المترتب على الاستثمارات والاستدامة من خلال الاستثمار المسؤول بشكل واضح".
في مواجهة وقائع التغير المناخي وتربية الأبناء، يرغب مستثمرو الألفية الأغنياء في معرفة أن أموالهم تسهم في أمور إيجابية بدلا من زيادة المشاكل، التي يعانيها العالم، بحسب ما يقول مديرو الثروات. تماما مثلما أنهم يرغبون في شراء المنتجات العضوية، يريدون من مستشارهم أيضا أن يبين لهم الاستثمارات المستدامة.
أكثر من 40 في المائة من مديري الثروات البالغ عددهم 45 شخصا ممن شملهم استطلاع أجرته "ويلث- إكس" بالنيابة عن "فاينانشيال تايمز" يقولون إنهم يركزون على المواضيع البيئية والاجتماعية ومواضيع الإدارة الرشيدة لاجتذاب الجيل المقبل. وقدم كثير منهم صناديق أو محافظ استثمارية تراعي المسائل الاجتماعية والبيئية والإدارة الرشيدة، أو أنهم يطلقون خدمات جديدة لتعزيز عروضهم في هذا المجال. لكن لماذا هذا الأمر مهم جدا؟ 
يقول تشارلي دانيال، وهو مختص في التمويل يبلغ من العمر 28 عاما وعميل لدى "كيليك آند كو" "أريد أن تُعطى لي استثمارات موجهة ذات آثار إيجابية ويتم فيها إبراز الآثار الأخلاقية المترتبة على الاستثمارات في أقل الأحوال".
ويضيف "أعتقد أن أفراد جيلي على قدر كبير من الوعي والإدراك فيما يتعلق بمخاطر الاستثمار في أسهم مثل شركة شل وهم أكثر ترجيحا لأن يكونوا أكثر اهتماما بأمور مثل الطاقة المتجددة. أشك كثيرا في حال عرض أحدهم أسهم شركة التبغ الأمريكية البريطانية علينا أن يجد الاهتمام لدى كثير منا، وكذلك الحال بالنسبة لأسهم النفط والغاز".
هذا العام أنشأت "كيليك" بشكل محدد محافظ استثمارية مسؤولة اجتماعيا لتلبية ما تعد أنها سوق نامية. في كانون الثاني (يناير) أطلقت شركة إدارة الثروات مجموعة من الصناديق تتقيد بمعايير أخلاقية صارمة، بما فيها بعض الاختيارات التي سبق أن وقعت فيها تعهدا بدعم مبادئ الاستثمار المسؤول لدى الأمم المتحدة.
وفقا لـ "كيليك": "تبدو تلك الاستثمارات أكثر جاذبية لسوق العملاء الأصغر سنا". لكن أحد العملاء الأكبر سنا بكثير يمتلك اثنين من تلك الحسابات لأحفاده الذين طلبوا أن تكون أية استثمارات تقدم بأسمائهم مسؤولة اجتماعيا.
المصرف الخاص "يوليوس باير" يدعي أيضا أن الأموال الأخلاقية تحظى "بجاذبية خاصة لدى عملائنا الأصغر سنا، على مستوى عاطفي ونظرا للآفاق الاستثمارية الأطول أجلا التي يغلب عليهم امتلاكها". وأطلق المصرف في شباط (فبراير) 2018 "صندوق الجيل المقبل" مستهدفا على وجه التحديد مستثمري الألفية، استنادا إلى خمسة مواضيع، من بينها نقل الطاقة والتعطيل الرقمي.
وتم إطلاق مبادرات مماثلة من قبل شركات مثل "يو بي إس" الذي يعرض، بقيادة الرئيس الجديد للاستثمار، جيمس جيفورد، محافظه الاستثمارية المستدامة ذات الأصول المتعددة لعملاء من القطاع الخاص.
تقول عميلة لدى إحدى شركات إدارة الأموال، عمرها 28 عاما وتنتمي للجيل الثاني من عائلة تجارية، "الاستثمار المؤثر مهم حقيقة بالنسبة لي ولجيلي".
ويلاحظ مستشارون أن من هم في سبيلهم إلى وراثة الثروات، أو تحمل مسؤولية أعمال العائلة هم أكثر وعيا وإدراكا من آبائهم بشأن تصورهم لتلك الثروة في مجتمعاتهم أيضا، وغالبا ما يتولون زمام المبادرة في البدء بمشاريع خيرية جديدة عن طريق مستشاريهم.
يقول فليمنج "المحادثات الأولى التي أجريناها مع الأسر اشتملت على الهدف من الثروة. غالبا ما يكون الجيل الأصغر سنا أكثر تركيزا على موقف الأسرة من المجتمع. وغالبا ما تكون هناك درجة من الإحراج بشأن الثروة ويرغب الجيل الأصغر سنا في أن يراه الآخرون وهو يستخدم ثرواته بشكل مسؤول. ضمن ذلك الإطار هناك عنصر معين من التخلص من المخاطر".
يقول أحد العملاء (30 عاما)، ورث شركة الأسرة وهو يمثل الـ16 للعائلة في إدارة الشركة "أعتقد عموما أن هذا الجيل أكثر وعيا من الناحية الاجتماعية". ويضيف "نحن الآن أكثر تواصلا بكثير بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، ونحن أكثر إدراكا للمخاطر التي تهدد السمعة. كان الجيل الأقدم أكثر استعدادا للدخول في المخاطر من حيث العلاقة مع الجمهور، لكن هذا الجيل أكثر استعدادا للبحث عن سبل أخرى".
تقول ستونهيج فليمنج إن الأسر غالبا ما تسمح للجيل الأصغر سنا من الشباب باختيار ملكية المشاريع الخيرية المباشرة، مستخدمين العائلة شكلا من أشكال لجان الاستثمار.
وأصبح لدور مدير الثروات أيضا أهمية مختلفة بالنسبة للأجيال الأصغر سنا التي في سبيلها إلى وراثة أعمال العائلة، التي تشعر بالتوتر إزاء المسؤولية الجديدة.
وفقا لعميل (30 عاما) "غالبا ما كان والداي يتصلان بمستشاريهم عند الحاجة، لكنني أكثر حرصا على استخدامهم واللجوء إليهم. أشعر بتوتر أكبر عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات. تعرض أبي لانتقادات شديدة على مدى عدة عقود". 
عندما يتعلق الأمر بالتحدث إلى المستشارين، العملاء الشباب أقل احتمالا بكثير لأن يختاروا المدير نفسه الذي كانت تستخدمه الأسرة. وبشكل متزايد، يقول العملاء الشباب إنهم يريدون التواصل مع شخص قريب منهم في السن.
يقول دانيال "أعتقد من المهم أن يكون المدير الذي ارتبط به شخص من عمري نفسه. من الجيد أن تعرف أننا ننتمي إلى الجيل نفسه. التعامل مع شاب بعقلية قريبة من عقليتي أمر ضروري". ويضيف "لو عُرض علي مدير علاقات العملاء نفسه الذي كانت تتعامل معه أسرتي، لما قبلت ذلك أبدا. أود أن أكون مستقلا ولدي العلاقة الخاصة بي بدلا من اتباع أوامر والدي". 
الاختلاف في أسلوب التفاعل لا يتوقف عند العمر. العملاء الشباب أكثر تركيزا على استخدام التطبيقات والرسوم البيانية لرصد ثرواتهم ويطالبون بوجود تدفق دائم ومستمر من البيانات والمعلومات.
يقول توم بيل، مدير إدارة الاستثمارات في "سانت جيمس بليس" "نحن نمضي وقتا أطول بكثير في معرفة كيفية استخدام التكنولوجيا، سواء مع مستشارينا أو مع عملائنا. وأنشأنا تطبيقا عبر الآيباد يصور بيانيا ما يحصل في محافظ العملاء الاستثمارية، لأن هناك شعورا بأنهم يريدون رؤية أمور أكبر بكثير".
ويضيف فليمنج "الجيل المقبل حساس ويراعي الطريقة التي كانت تتم من خلالها تسوية الأمور في الماضي (لدى أُسرهم)، إلى أن ينالوا السيطرة الكاملة على الأموال بأنفسهم. لكن الاختلاف الكبير هو الرغبة في الحصول على معلومات واقعية حول أداء محافظهم الاستثمارية وتفهم المَواطن التي تكمن فيها المخاطر في أية مرحلة من مراحل العمل".
في استطلاع أجرته "ويلث إكس"، قال أكثر من 37 في المائة إنهم طوروا، أو كانوا يعملون على تطوير تطبيقات أو منصات لعملاء جدد خلال العام الماضي، بحيث يتمكن عملاؤهم من استخدام التكنولوجيا في الاستثمار بسهولة أكبر، أو رؤية محافظهم بشكل أكثر وضوحا. وذكر معظمهم أن الجيل الأصغر هو المحفز الرئيسي.
تقول جورجي كيليك، رئيسة الابتكار في شركة كيليك "إمكانية الوصول هي قضية هائلة بالنسبة للجيل الأصغر. إنهم يرغبون في أن يكونوا قادرين على الوصول إلى أي شيء وفي أي مكان وهم معتادون على استخدام التكنولوجيا والتطبيقات".
وتعمل "كيليك" على إطلاق تطبيق جديد للاستثمار والمدخرات أطلقت عليه اسم "سيلو"، خاص بالمستثمرين الشباب الذين يتطلعون إلى اختبار الأجواء والبدء بالاستثمار من خلال مبالغ أصغر. وسيتم إطلاق التطبيق في وقت لاحق من هذا العام وسيكون وسيلة بالنسبة للذين هم أقل اعتيادا على التحدث إلى مستشارين ماليين "لبناء الثقة واتخاذ الخطوة الأولى في عالم التكنولوجيا"، وفقا لرئيسة الابتكار في "كيليك". 
وأطلقت شركات أخرى بما فيها "بْرُوين دولفين" حلولا استثمارية مماثلة عبر الإنترنت وذات تكلفة منخفضة مصممة بهدف إشراك العملاء ممن هم ربما أقل اعتيادا على الاستثمار، في محافظ استثمارية أصغر حجما. ويستهدف مشروع "ويلث بايلوت" من شركة بْرُوين دولفين العملاء من ذوي الاحتياجات الأبسط، من خلال استخدام خيارات وبدائل استثمارية مؤتمتة وذات تكلفة أقل.
وفقا لمديري الثروات، في الوقت الذي يشعر فيه العملاء التقليديون براحة كبيرة أثناء التحدث إلى مستشاريهم، غالبا ما يشعر العملاء الذين يستعدون لوراثة ثرواتهم براحة أقل، وربما يكونون أكثر حرصا على الانخراط أولا مع أحد التطبيقات قبل التحدث إلى مستشار مالي.
تقول كيليك "يمكن أن يكون الجيل المقبل أكثر توترا من حيث التحدث إلى المستشارين وطرح التساؤلات مقارنة بالأجيال الأكبر سنا". وتضيف "هم معتادون على حجز رحلات كاملة من خلال التطبيقات ويرغبون في اتخاذ الخطوة الأولى من خلال التكنولوجيا. لكن هذه ليست حالة يمكن أن تحل فيها التكنولوجيا مكان الإنسان. فهؤلاء العملاء الأصغر سنا لا يزالون يريدون التحدث إلى شخص للتأكد من أنهم يتخذون القرارات الصحيحة".
الجيل الشاب يريد النصيحة، والخيارات الأخلاقية، وأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا. لكن إياك أن تطلب منهم إطاعة أوامر الوالدين.

الأكثر قراءة