المدينة الذكية تدمج وسائل النقل العام والخاص

المدينة الذكية تدمج وسائل النقل العام والخاص

المرة الوحيدة التي يربط فيها معظم الأشخاص "نيتفليكس" بوسائل النقل العام هي حين يشاهدون الحلقة الأخيرة من "بلاك ميرور" Black Mirror أو "كوير آي" Queer Eye أثناء تنقلاتهم. ديف روات، المدير الاستراتيجي لشركة تكنولوجيا النقل "كيبك" Cubic لا يقبل بذلك. في مركز ابتكار الشركة في فرينجتون، لندن، يطرح روات سؤالا أساسيا في مجال النقل، "كيف يمكننا، كمستهلكين لوسائل النقل العام، استهلاك هذا بالطريقة نفسها التي نستهلك بها أشياء مثل نتيفليكس؟".
وهو يقصد بذلك النقل عند الطلب، مدفوعا بالتكنولوجيا، مع دفع قيمة الرحلة مرة واحدة لجميع التنقلات - المعروف باسم التنقل كخدمة "ماس" MaaS. هذا يدمج النقل العام والخاص في وظيفة واحدة، لذلك في حين أن مخطط الرحلة قد يقترح عليك الآن ركوب الحافلة، ثم المترو، أو استئجار سائق من أوبر لكامل الرحلة، يمكن أن تقول خدمة ماس إن من المنطقي أن تأخذ أوبر إلى أقرب محطة قطارات. بشكل حاسم، أنت تدفع ثمن الرحلة بأكملها من خلال التطبيق أو الموقع، بدلا من الدفع مقابل كل رحلة بشكل مستقل، ويتم توزيع المدفوعات بين المشغلين.
تجلب "ماس" المنفعة للعملاء من حيث السهولة والفعالية والتكلفة. لكنها تقدم الخدمات الخاصة وضعية الخدمات العامة نفسها، أو حتى توحدها معا، مهددة بتحول الناس والإيرادات عن وسائل النقل العام. وعلاوة على ذلك، تستغل بعض المدن صعود خدمات النقل من القطاع الخاص لتجنب تمويل البنية التحتية التي تحتاجها "ماس".
كانت فنلندا رائدة في نظام ماس، حيث أطلقت تطبيق "ويم" Whim، وهو تطبيق من شركة ماس جلوبال Maas Global المحلية في هلسنكي في أواخر عام 2016. يجمع "ويم" بين وسائل النقل العام وسيارات الأجرة ودراجات المدينة وخدمات مشاركة السيارات. يمكنك الدفع لكل رحلة بشكل مستقل، أو الاشتراك مقابل 49 يورو شهريا مقابل تنقل غير محدود في وسائل النقل العامة واستعمال دراجات المدينة، أو دفع 499 يورو شهريا، تشمل ركوب سيارات أجرة غير محدود يصل إلى خمسة كيلو مترات للرحلة ومشاركة السيارات. شركة ماس جلوبال، التي أسسها سامبو هيتانين وكاي بييتي، مدعومة من شركة تويوتا للسيارات، ومن شركات أخرى.
تقول لورا أيرو، مديرة وحدة الأسواق في وزارة النقل والاتصالات في فنلندا، إن شركة ماس أدت إلى "إعادة التفكير في النظام بأكمله منذ البداية بأعين جديدة"، عبر المجالات الأساسية للقانون التنظيمي، والأسواق، والتكنولوجيا، والبيانات.
أولا، اضطرت فنلندا إلى تبسيط القانون التنظيمي، كما تقول أيرو "حتى لا يعود هناك وجود للصوامع بين وسائل النقل المختلفة والخدمات، ولكن (...) حقل لعب متكافئ للجميع". يهدف هذا القانون التنظيمي إلى أن يكون "محايدا من الناحية التكنولوجية"، فهو يضع الأهداف المرجوة ويترك الوسائل للسوق. بعد ذلك كان على جميع الشركاء إتاحة البيانات بحيث يمكن لشركات أخرى تقديم خدمات إصدار التذاكر والدفع مقابل "سلسلة نقل سلسة"، بما في ذلك وسائل النقل العامة والخاصة.
يقول تي سي تشيو، الرئيس العالمي لأعمال السكك الحديدية في شركة أروب Arup الهندسية، إن البيانات يمكن أن تكون هي الجزء الأصعب في خدمة ماس. "الصعوبة تتعلق بالحصول على النوع الصحيح من البيانات، ولكن أيضا الحصول على المعلومات اللازمة لمعرفة ما تعنيه هذه البيانات". إذا أرادت إحدى المدن أو الشركات استخدام بيانات الركاب لفهم مسارات التنقل، مثلا، يجب ألا يشعر المستهلك بأن هناك من يتعقبه.
كان هناك شك مبدئي لدى القطاع العام، بحسب جاكوب بانجسجارد، رئيس نقابة الصناعة في تحالف ماس. يقول "سألونا: هل هذا هو القطاع الخاص الذي يحاول أن يسلب رحلات من وسائل النقل العام؟". ويضيف، "والآن يرون أننا نعد أن القسم التابع للنقل العام هو العمود الفقري لخدمة ماس". وأوضح أن الهدف الصحيح من ذلك هو إخراج الناس من السيارات الخاصة إلى أشكال النقل العام أو المشترك. وقد شاهد انتقالا يصل إلى 30 في المائة نحو ذلك استنادا إلى تجربة فيينا.
ويوجز بانجسجارد نوعين لـ "ماس"، خدمة متكاملة، حيث توظف المدينة نظاما لمكاتب المساندة بهدف جمع جداول زمنية وخدمات الدفع وتذاكر السفر عبر الأنواع المختلفة؛ وخدمة مجمعة، حيث تجمع الشركات البيانات من المشغلين، كما يفعل تطبيق ويم في هلسنكي ـ ومنذ نيسان(أبريل) 2018 في غرب ميدلاندز في إنجلترا.
بعض الناس يتصورون منذ الآن كيف ستتطور ماس. يقول كريم الجندى، كبير مهندسي الاستدامة في "دار" Dar، وهي شركة خدمات مهنية في دبي، إننا نشهد "تقاربا بين الاتجاهات" مثل تطبيقات طلب سيارات الأجرة باستخدام الإنترنت والمركبات ذاتية القيادة، وبالتالي المرحلة التالية في "ماس" ستكون آلية طلب سيارة الأجرة عبر الكمبيوتر بصورة مؤتمتة". وهو يقدم المشورة للحكومة المصرية، التي تبني مدينة جديدة شرق القاهرة باستخدام أفكار على غرار "ماس". ويقول، "عملية بناء مدينة جديدة ودمج وسائل النقل العام فيها أسهل بكثير ما كانت عليه قبل عشر سنوات عندما كان الجميع متشبثين بفكرة التنقل الخاص والسيارة الشخصية".
ولا تحتاج كل مدينة إلى ماس شاملة. يقول مايكل هورويتز، مدير قسم الابتكار في شركة "النقل من أجل لندن" المعروفة بـ TfL، إن هذا النظام يمكن أن يكون حافزا لإدخال أو تحسين مخططي الرحلات والدفع، الأمور التي نعتبر فيها "محظوظين بما يكفي لوجودها من قبل في لندن". وأوضح أن لندن تسعى إلى الحصول على نسختها الخاصة من خلال إتاحة بيانات النقل العام للعموم لمدة عقد من الزمن الآن، ما أدى إلى إنشاء 600 تطبيق، وعن طريق تطوير الدفع غير المباشر بالبطاقات الائتمانية أو الهواتف الذكية، ما يضع سقفا لقيمة التذاكر عبر وسائل النقل العام.

الأكثر قراءة