ثقافة وفنون

شاشة رمضان .. شخصيات محبوكة ومحظورات اجتماعية

شاشة رمضان .. شخصيات محبوكة ومحظورات اجتماعية

شاشة رمضان .. شخصيات محبوكة ومحظورات اجتماعية

شاشة رمضان .. شخصيات محبوكة ومحظورات اجتماعية

لم يخل السباق الرمضاني من تنافسية الثنائي في مقابل تنافسية السيناريو والإخراج، ومما لا شك فيه أن ولادة أسماء جديدة لم تكن في الحسبان أن تدخل سباق المنافسة لهذا العام دون أن نغفل السيناريو والقصص المشوقة وغير المألوفة التي حققت إضافة، مقارنة بالعام الماضي.

المسلسلات الخليجية توجد جدلا
ففي الداخل الخليجي برز عديد من المسلسلات التي أوجدت جدلا واسعا، وكانت في معظمها تتناول قضايا من داخل المجتمع، بعضها وسمت بالحظر منذ زمن وبعضها الآخر أضاء على ظواهر حساسة، فالممثل ناصر القصبي واصل جرأته المعهودة محققا خطا راسخا في الأعمال الفنية الخليجية رغم تخليه عن الكوميديا وحجز مقعد في المنافسة أصبح منتظرا ومترقبا كل عام، ففي مسلسله هذا العام "العاصوف" استطاع أن يحصد نجاحا قويا رغم الاتهامات التي طالته ومطالبات بوقف عرض المسلسل الذي لا يعبر- على حد قول البعض- عن المجتمع السعودي. ولم يكن المسلسل الكويتي "مع حصة قلم" بعيدا عن الجدل، فسيدة الشاشة الخليجية الممثلة حياة الفهد قدمت أداء مميزا كما عهدها جمهورها من بداية مشوارها الفني، ولقد اعتمد مسلسل "مع حصة قلم" على وجود الفهد لانطلاقة قويه له، لكنه غفل عن بعض النقاط ذكرها كثير من النقاد وهي تدني مستوى الحوار، إضافة إلى ذلك لقد احتج بعضهم على حوار جريء دار بين الممثلة عبير أحمد وابنتها في المسلسل، واصفيه باللا أخلاقي، ويقابل "مع حصة قلم" في المنافسة الخليجية المسلسل البحريني "الخطايا العشر"، الذي جمع أبرز نجوم الدراما الخليجية أبرزهم الفنان السعودي عبد المحسن النمر والفنانة البحرينية هيفاء حسين، التي اعتزلت التمثيل حتى تجد نصا دراميا مميزا، وحصل مخرجه البحريني علي العلي على جائزة أفضل إخراج لموســــــــــم رمضـــــــان 2018، وذلك ضمن "شعلة الأنباء" وهي عبارة عن تقييم تقيمة جريدة "الأنباء الكويتية" بإشراف 50 أكاديميا من كتّاب وإعلاميين ومخرجين، كما حصل المسلسل على جائزة أفضل مقدمة موسيقية وهي من تأليف السورية ليال وطفة، التي سبق أن حصلت على جائزة دولية عن نفس المسلسل. ولعل ما ميز الأعمال الخليجية هذا العام هو الطرح والمعالجة ويحسب لهذه الأعمال تطرقها للمواضيع الإنسانية والاجتماعية من زوايا مختلفة، ولا سيما الصراع الإنساني، حيث احتوت على عمق سواء في الطرح أو الأسلوب، ولقد شهدت الساحة الخليجية أيضا منافسة في مسلسل "شير شات" للثلاثي الكوميدي حسن عسيري، فايز المالكي، وراشد الشمراني، وتناول مشاكل من داخل المجتمع السعودي إضافة إلى حلقات أضاءت على الاستهداف الذي تشهده السعودية، ولقد أوجد هذا المسلسل الكوميدي الدرامي جدلا واسعا أيضا في الداخل السعودي عندما تناول في إحدى حلقاته ذهاب الرجل السعودي إلى المغرب للزواج.
ولم يكن مسلسل "هارون الرشيد" من بطولة الفنان قصي خولي بعيد عن الانتقادات، فبعدما أوشك على النهاية علت الأصوات، التي تنتقد العمل لإغفاله الفتوحات والمعارك، التي دارت في زمن هارون الرشيد، رغم أن مخرج العمل ذكر في بداية العرض أن المسلسل يسلط الضوء على الحياة الخاصة لشخصية هارون الرشيد، إلا أن بعضا اعتبره تشويه للحقائق التاريخية، مع الإشارة إلى أن أداء الممثلين كان رائعا.

منافسة الدراما السورية - اللبنانية
ولعل بروز نجم رامي حنا مخرج عمل "تانغو" هذه السنة يبشر بمنافسة حقيقية ستفرض نفسها في الأعمال القادمة إن كان من حيث الصورة أو من حيث جودة التمثيل. قد يحسب لنا هذا العام اكتشاف وجه درامي جديد وهو ملكة جمال لبنان السابقة دانييلا رحمة في دور "فرح" في مسلسل "تانغو" التي كانت أمام اختبار صعب بمواجهتها باسل خياط ودانا مارديني الاسمين القويين في الدراما السورية. وشكلت رحمة مع باسل خياط ثنائية خاصة بالرغم من أنها لم تخرج من إطار الثنائية التقليدية "الحب والخيانة". وفي مقلب آخر، غرد "جابر" الذي يؤدي دوره الممثل عابد فهد خارج السرب هذا العام بشخصية تجمع بين البطل الغني والأمي، الذي لا يصلح للصورة النمطية للبطل الأنيق والقوي، هذه الشخصية الخارجة عن المألوف نجحت في حمل مسلسل كامل "طريق" على كتفيها بأداء مرسوم بدقة بالغة، لا شك أن حضور فهد طغى على إرث "أميرة" تؤدي دورها الممثلة نادين نجيم ورصيد نجوميتها الذي حققته في الهيبة العام الماضي.
من جهة أخرى، حافظ تيم حسن بدور "جبل" على رصيده القوي وحضوره الطاغي في "الهيبة-العودة" الموسم الثاني بمعية الممثلة القديرة منى واصف. ولا بد من إنصاف "سمية" تؤدي دورها الممثلة نيكول سابا التي دخلت في هذه المغامرة على حساب غياب نادين نجيم وسط أحكام مسبقة وتأويلات كثيرة تركتها مغادرة نجيم ولكنها كانت على قدر الدور المرسوم والمحدد وبحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها. وخارج الأعمال اللبنانية السورية، تخرج الممثلة والكاتبة اللبنانية كارين رزق الله بدور "ميدا" في مسلسل "ومشيت" بقصة تحاكي المجتمع اللبناني وتسلط الضوء على الفساد السياسي الذي بنتيجته تدفع العائلات اللبنانية أثمانا باهظة تصل إلى الموت والهجرة والألم النفسي القاهر نتيجة لذلك٬ وثنائية رزق الله وبديع أبوشقرا الذي ظهر بدور "أمل" والمكررة للمرة الثالثة تكرس انسجاما لافتا من حيث الأداء، الذي بالرغم من إعادته لم يقع بفخ التكرار. أما الممثلة ماغي أبو غصن بدور جوليا بثنائية مع قيس الشيخ نجيب بدور الطبيب النفسي "عاصي" قدمت إضافة جديدة على صعيد الشخصيات التمثيلية المركبة وابتعدت عن النمطية إلى حد ما دون إغفال ما قدمته الممثلة تقلا شمعون بدور "ديانا والدة جوليا" من إضافة فنية بحرفيتها المعهودة.

المصري يفقد بريقه
عام بعد عام تثبت الدراما المصرية تراجعها أمام السورية واللبنانية والخليجية، وعلى الرغم من شعبية الفنان عادل إمام، وإرثه الفني الثقيل، لم ينجح في إحداث قنبلة في الدراما المصرية، ولقد حاول في مسلسل عوالم خفية أن يقدم عملا دراميا فيه نفحة سياسية، لكنه لم يحقق النجاح الذي شهده في مرحلة شبابه، ويعيش عادل إمام نقمة شعبية جراء مواقفه السياسية بعد ثورة 25 يناير المصرية وزمن حكم عبد الفتاح السيسي ما راجع أيضا من رصيده الفني، وعلى صعيد آخر يتقدم الفنان القدير يحيى الفخراني في عمل درامي كوميدي عائلي تحت عنوان "بالحجم العائلي"، ولقد حاز المسلسل إعجاب كثير من ناحية الطرح والمواقف الكوميدية، من جهتها أطلت الفنانة يسرا في مسلسل بني يوسف لتقدم قصة اجتماعية بامتياز. ولقد تراجعت الدراما المصرية في السنوات الأخيرة بعدما كانت الأولى على الشاشات الرمضانية، ولعل السبب يعود إلى ضعف القصة المطروحة أو إخماد نجومية الفنانين والحاجة إلى نفحة شبابية جديدة تشعل الدراما المصرية مجددا.

"الواق واق"… عودة للكاتب ممدوح حمادة
وعلى صعيد مختلف، وبعد غياب عن المنافسة امتد لأكثر من ثلاث سنوات٬ أطل الكاتب ممدوح حمادة والمخرج الليث حجو بعمل يحمل عنوان "الواق واق"٬ حمادة المعروف بأسلوبه السهل الممتنع، الذي يخلط الدراما والكوميديا بعبقرية فذة أطل بعمل جمع نجمي الدراما السورية باسم ياخور ورشيد عساف. قد يعتبر البعض "الواق واق" امتدادا للعمل الذي سبقه "ضبوا الشناتي"، الذي انتهى بغرق سفينة المهاجرين السوريين٬ حيث يعالج المسلسل الحالي المهاجرين الناجين من غرق سفينة يؤسسون دولتهم الحلم على جزيرة نجاتهم، التي يطلقون عليها اسم "درة الزبد". حمادة بطرحه المتفرد له جمهوره الخاص الذي لم يخيب أمله بعد طول انتظار وقدم له مضمونا يعبر عن خيباته وطموحاته المغتالة سلفا في حبكة درامية فذة وبطريقة إخراجية فريدة أشبه بعرض مسرحي تلفزيوني له بصمة خاصة. وبعد أن اختتم رمضان أعماله الدرامية، نستطيع أن نقول إن هذا العام تميز بكثير من الأعمال الناجحة في الشقين الخليجي والسوري- اللبناني، ولقد ظهرت وجوه جديدة تنذر بمستقبل واعد كالممثلة دانيالا رحمة، وكان هناك شخصيات محبوكة كشخصية الممثل عابد فهد الذي قدم أداء رائعا، كذلك تيم حسن، الذي تميز في شخصة جبل، إضافة إلى ذلك كان هناك إرث قصصي تجسد في "العاصوف"، الذي طرح كثيرا من المحظورات في الداخل السعودي، فهذا الشهر يلملم أذياله تاركا بصمة فنية أضفت قيمة مضافة على الشاشات الرمضانية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون