Author

اقتصاد السعودية في المسار الصحيح

|

بعد أن استكمل فريق خبراء صندوق النقد الدولي زيارتهم للمملكة ومشاوراتهم مع الحكومة السعودية، وذلك في سياق المادة الرابعة لعام 2018، تأتي نتائج العمل مؤكدة أن الاقتصاد السعودي اليوم في وضع أفضل بكثير، وأنه على المسار الصحيح.
هذا الوضع المطمئن جداً جاء نتيجة العمل الكبير الذي قامت به الحكومة في برنامجها الإصلاحي الطموح بناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين. وعلى الرغم من أن هذه النتيجة لم تكن مفاجئة لأحد؛ فحكومة المملكة تعرف كيف تمر بنجاح من مثل هذه الأزمات التي عصفت بها بعد انهيار أسعار النفط، وهي تدرك بشكل أساسي مكامن القوة في الاقتصاد، لكن استعراض نتائج زيارة وفد صندوق النقد يعد مهماً لفهم الوضع الراهن ومسارات المستقبل، فكثير من القرارات عند مستوى الاقتصاد الجزئي يكمن في فهم هذه النتائج جيداً. وتركزت النتائج التي أشار إليها فريق الصندوق على خمسة محاور أساسية، وفي مضامينها عديد من القضايا الأخرى ذات الصلة، أولاها التحديات الرئيسة أمام الحكومة، وثانيتها ضريبة القيمة المضافة، وثالثتها حساب المواطن ورابعتها الخصخصة، وأخيراً مشاركة المرأة.
في محور التحديات التي ستواجهها الحكومة، فهي وإن بدت سهلة، إلا أنها تمثل تحدياً عند مستوى اتخاذ القرار، وأهم تلك التحديات مواصلة الإصلاحات مع الالتزام بعدم معاودة التوسع في الإنفاق الحكومي، ذلك أن أسعار النفط حالياً تدفع أي حكومة إلى التوسع في الإنفاق من أجل تسريع إنجاز عديد من مشاريع التنمية المختلفة التي يلح المجتمع على طلبها، والتحدي هنا هو في مواجهة الشهية المفتوحة للإنجاز مع التدفق الكبير للنقد، فكيف يمكن المحافظة على ميزانية غير توسعية في الوقت الذي تشهد فيه الإيرادات نمواً متسارعاً؟ إن هذا الأمر يبدو سهلاً فيما لو تم الاستمرار في الإصلاحات الهيكلية للميزانية العامة للدولة، فمن جانب تتم السيطرة على الإنفاق التشغيلي، ومن جانب آخر، يتم التوسع في الإنفاق الرأسمالي الاستثماري. وهنا نشير إلى رأي فريق صندوق النقد بشأن ما تم تحقيقه من إنجازات في شفافية المالية العامة، وإدارة الأصول، على أنه يجب علينا ونحن نركز في الإنفاق الرأسمالي أن نحقق مزيداً من العمل في مجال تطوير مهاراتنا وقدراتنا بشأن إدارة الأصول.
في المحور الثاني، أشار الفريق إلى إجراءات دعم المالية العامة خارج إطار إيرادات النفط، وهنا إشادة واضحة بشأن ما وصلنا إليه من مستوى قياسي عندما موّلت الإيرادات غير النفطية 50 في المائة من الميزانية العامة، ويأتي على رأس تلك الموارد غير النفطية ضريبة القمية المضافة، لقد حققت الحكومة نجاحاً بارزاً في تطبيق هذه الضريبة المتقدمة، وتأتي إشادة صندوق النقد بهذا الشأن؛ لأن الفريق يدرك أن المملكة لم تطبق قبلاً ضريبة هدفها زيادة الإيرادات العامة على جميع أطياف الشعب، ولهذا فإن إدارة الثقافة العامة بشأن هذه الضريبة وأهميتها للاقتصاد كانت مثار إعجاب بلا أنى شك. وفي المقام نفسه، أكد الفريق أهمية الدور الذي لعبه "حساب المواطن"، وهذه التجربة الفريدة حققت آثاراً واسعة بشأن تخفيف أعباء الضريبة وإصلاح أسعار الطاقة عن الفئات متوسطة والدخل أو الأقل، وصندوق النقد يؤكد أهمية الاستمرار في هذا النهج مستقبلاً.
تأتي الخصخصة كأهم محاور نتائج زيارة فريق صندوق النقد، والمملكة تسير في هذا المسار بجدية واضحة جداً، وكنا بحاجة إلى رؤية عمل واضحة وتعديل في التشريعات التي أخرت العمل سابقاً، والآن تسير الأمور بشكل مناسب، ولعل هذا بالذات يؤكد ما يذهب إليه صندوق النقد من دمج القطاع الخاص في العمل، وتحول القطاع العام من مزاحمة القطاع الخاص إلى دور محفز للتنمية في قطاعات جديدة.
في المحور الخامس نجد الدور الأساس للمرأة يظهر بوضوح في مشاروات الصندوق، ولكن هذا المحور بالذات يرتبط بالتقدم الكبير في تحسين مناخ الأعمال، وزيادة فرص العمل للجنسين، والجهود في تسهيل ترخيص مؤسسات الأعمال وتنظيمها، ودعم النمو والمساواة في توفير مزيد من التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتحسين القدرة على الحصول على تمويل وخاصة للنساء.

إنشرها