Author

نجاح توقيت صفقة «ساب» و«الأول»

|

على الرغم من أن الإعلان عن اندماج مصرفي «ساب» و«الأول» في السعودية، لم يتعد الإعلان عن نجاح المفاوضات، وأن أمام المصرفين كثيرا من الخطوات والإجراءات الكثيرة قبل الإعلان النهائي عن الصفقة من بينها استكمال دراسات العناية المهنية المالية والقانونية، والانتهاء من اتفاقية الاندماج، وأخذ الموافقات الرسمية من جهات عدة، لن يكون أسهلها موافقة الجمعية العمومية في المصرفين، ومع ذلك فقد جاءت انعكاسات هذا الإعلان قوية وإيجابية إلى حد بعيد، بل حتى مثيرة من جانب المتداولين في السوق المالية، فقد قفز سعر سهم «البنك الأول» بالنسبة القصوى أمس، مغلقا عند مستويات 13.92 ريال للسهم إعلان المصرف أن مفاوضات الاندماج قيّمت سعر السهم بـ 16.3 ريال، ومن الواضح من عملية الاندماج هذه أنها ستكون عملية استحواذ من بنك ساب للبنك الأول، على أنه قد يتشكل من هذا الاندماج كيان جديد أو قد يستمر الحال كما هو بالنسبة لبنك "ساب".
من المعروف في عالم الاندماجات والاستحواذات الكبرى أن توقيت الإعلان مهم جدا وقد يتسبب في انهيار المفاوضات إذا جاءت ردة الفعل سلبية، لكن من الملاحظ تماما أن الأخبار الأولية تشير إلى مناسبة القرار فقد قفز سعر سهم البنك الأول بنسبة كاملة، وجاءت ردود فعل المراقبين ممتازة. ورغم أن تأثير سعر الصفقة واضح في السوق لكن الأمور تسير على ما يرام حتى الآن، وهذا له دلالة واحدة أساسية، أن قدرة القطاع المصرفي على تحقيق الأرباح أعلى بكثير من تقييم السوق المالية له. وإذا كان هذا الأمر متوقعا خاصة بعد الإعلان عن خطة تطوير القطاع المالي والدور المحوري الذي يلعبه الآن في الاقتصاد والدور المتوقع له في المستقبل، إلا أن السوق المالية لم تستطع حتى الآن عكس هذه التوقعات، ولهذا فإن إعلان المفاوضات عن الاندماج في هذا الوقت هو إعلان في مصلحة السوق المالية تماما، فهو يصحح من قدرتها على التقييم، كما أن أسعار التقييم ستكون أعلى من سعر السوق ما يولد مزيدا من الثقة سواء بالاندماج نفسه أو بالسوق، لهذا كان التوقيت عن إعلان جيد.
التوقيت الناجح لإعلان الاندماج لم يكن من جانب الأثر في السوق المالية فقط، بل حتى في الاقتصاد السعودي الذي رحب بمثل هذه الخطوة، فهي تأتي بعد إعلان خطة تطوير القطاع المالي، ورفع إمكاناته وقدراته من أجل تمويل المرحلة المقبلة في المملكة، وتمويل كثير من مشاريع الخصخصة، ولهذا فإن اندماج المصرفين سيؤثر في تركيبة قطاع المصارف في السعودية الأمر الذي قد يقود إلى منافسة قوية، حيث تغير مراكز المصارف من حيث رأس المال، والاحتياطيات النقدية، والملاءة المالية، ففي حال تم اندماج بنك "ساب" السعودي - البريطاني و"البنك الأول"، سيصبح مجموع رؤوس أموالهما نحو 26.431 مليار ريال، إذ يبلغ رأسمال "ساب" نحو 15 مليار ريال، بينما "البنك الأول" نحو 11.431 مليار ريال، وبذلك يصبح البنك المقرر دمجه ثاني أعلى بنك خليجي مدرج في الأسواق المالية من حيث رأس المال. وتكون المصارف السعودية قد احتلت المراكز السبعة الأولى من حيث رأس المال من بين 69 مصرفا، يتقدمها "بنك الرياض" بـ 30 مليار ريال (ثمانية مليارات دولار). ظهور مصرف جديد بخبرات عريقة يمثل تحولا ذا تأثير قوي جدا ليس في الحجم بل في نوعية الخدمات التي سيتم تقديها.
توقيت الإعلان جاء ـــ تقريبا ـــ مصاحبا للإعلان عن خطة تطوير القطاع المصرفي وخطة تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وهذا عزز كثيرا من ردة الفعل الإيجابية عن الاندماج، فالاقتصاد السعودي وهو يواجه تحولات اقتصادية عريضة يحتاج إلى مؤسسات مالية عريقة وذات ملاءة مالية كبيرة تتناسب مع المرحلة حتى تستطيع أن تقوم بالدور المأمول في تحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز جهود الدولة الرامية إلى زيادة عدد الأشخاص الذين لديهم حسابات مصرفية، وأيضا دعم الادخار من خلال توفير تنوع واسع من المنتجات والبرامج الادخارية الجذابة والآمنة، وكذلك مواجهة التطورات التقنية التي تسعى إليها الدولة، وتحديات التحول في سوق التأمين وتحديات تعميق السوق المالية من جانب قدرتها على دعم جهود تخصيص أملاك الدولة، ودعم الاكتتابات الجديدة.
التوقيت الجيد للإعلان عن صفقة الاندماج هو ركيزة أساسية لنجاح الإجراءات المقبلة لهما وتسهيل موافقة الجهات المعنية، خاصة أن رياح الاقتصاد مواتية تماما، وتحمل في طياتها كثيرا من الخيرات فيما لو أحسنت الشركات والمصارف اختيار الفرصة المناسبة لتحولاتها الاقتصادية سواء في الحجم أو النوع.

إنشرها