هل نصوم وحدنا؟ «2»

إذا كان البشر يصومون استجابة لشرائعهم وتبعا لمعتقداتهم فإن الكائنات الأخرى تصوم ولكن لأسباب بيئية وصحية وأحيانا تصوم مرغمة!
فالحيوانات تصوم، وأولها الأسد ملك الغابة حيث يجب عليه أن يصوم يوما في الأسبوع للتخلص من حمض البوليك السام الذي تسببه له كثرة تناول اللحوم، فإذا أردت أن تأمن شر الأسد فزره يوم الإثنين حيث يكون صائما!
وأعظم صورة من صور تضحية الأمهات ما تقوم به أنثى نوع معين من العناكب التي تصنع خيمة أثناء وضع البيوض وحضانتها لا تغادرها أبدا، وتكون صائمة طوال تلك الفترة، بل الأدهى والأمر أن صغارها حين يخرجون من البيض يتعلقون بظهرها ويتغذون على ما بقي في جسدها من سوائل تفرزها غدد خاصة!
وبينما تصوم العناكب تضحية، تصوم ذكور الفقمة في مرحلة التزاوج فبعد أن تخرج إلى الماء في فصل الصيف بعد أن قضت الشتاء سابحة في البحار، تعود إلى الشاطئ للبحث عن زوجة أو زوجات فقد يستحوذ الذكر على 30 أنثى! بعدها يدخل في نوع خاص من الصيام يعرف بصيام التكاثر الذي يستمر لعدة أسابيع، تظل الذكور خلاله ساهرة على حراسة الإناث الشابة، بينما الإناث المسنة تستعد لوضع الصغار!
ومثلها في ذلك طيور البطريق التي تصوم فترة التكاثر ولكنها تختلف عنها بأنها تتناول طعام السحور مثل البشر في صيام يمتد لثلاثة أشهر لتخزين الدهون تحت الجلد!
وأغلب الحيوانات تصوم عند الحزن والمرض والأسر، فالخيول عندما تمرض تمتنع عن الطعام، وكذلك الكلاب - أجلكم الله - إذا أصيبت بالكسور أو فقدت أصحابها، فسبحان من جعل في الصوم شفاء وراحة. والحيوانات البرية لا تطيق القيد لذا عندما تقع في الأسر تصوم حزنا وألما على حالها!
ورغم أن الدببة تصوم لمدة أربعة أشهر تقريبا يتوقع خلالها أن تصاب بالوهن والهزال، إلا أنها تعود من سباتها أقوى، بسبب قدرة وضعها الله عز وجل فيها بحيث تستطيع إعادة تدوير النيتروجين من البول واستخدامه لإنتاج بروتينات للعضلات تحل محل الخلايا العضلية التالفة.
والحشرات تصوم أيضا، ومن أغرب الكائنات صوما، صيام دودة القز تلك الدودة التي تمنحنا أجمل وأفخم ما نلبس فحين تتغذى وهي يرقة على ورق التوت تنتج أجود أنواع الحرير لذا لا تفقس بيوضها وتظل صائمة في سبات إلى أن يأتي وقت الربيع وقت نمو أوراق التوت حينها فقط تفقس البيوض!
وتستمر دودة القز في إدهاشنا فبعد فقس البيض بنحو ستة أسابيع، تصوم دودة القز مرة أخرى عن الطعام وتركز في عملها لتنسج تلك الخيوط الحريرية. وبعد اكتمال الشرنقة التي يبلغ طولها قرابة ألف متر تتحول إلى فراشة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي