FINANCIAL TIMES

الأسواق الناشئة .. لا توجد أزمة لكن الضغط على تركيا مستمر

الأسواق الناشئة .. لا توجد أزمة لكن الضغط على تركيا مستمر

أحد مستثمري الأسواق الناشئة الأكثر نجاحا يرى أن موجة البيع الكبيرة الحالية في الأسواق الناشئة لا ترقى إلى مستوى الأزمة بالنسبة إلى فئة الأصول التي كانت مفضلة لدى مديري الصناديق في السنوات الأخيرة.
جيوم فونكينيل، مؤسس شركة فارو مانيجمنت ورئيسها التنفيذي، قال لـ "فاينانشيال تايمز"، "إن حرب "الرئيس الأمريكي دونالد ترمب" التجارية التي لا تزال في أطوارها الأولى، ومواطن القلق الخاصة بكل بلد في كل من روسيا وتركيا والأرجنتين قدمت الحافز من أجل التصحيح. لا تزال أساسيات الأسواق الناشئة جذابة عموما لمستثمري الدخل الثابت وأتوقع استئناف التدفقات الداخلة في غضون أسابيع".
عمل الدولار القوي على تعريض تركيا والأرجنتين إلى أقسي الضغوط التي شهدتها الأسواق الناشئة خلال الشهر الماضي، ما أدى إلى أول موجة تدوم أسبوعين من التدفقات الخارجة من صناديق السندات الناشئة منذ عام 2016.
ووفقا لفونكينيل "من المحتمل أن تظل الأصول التركية تحت الضغط، لأن الرئيس رجب طيب أردوغان يعرقل مساعي البنك المركزي من خلال انتقاده المستوى الحالي لأسعار الفائدة". وقال "لا تزال الأرجنتين في مرحلة الخطر، حيث تكتشف الحكومة من خلال المعاناة (...) أنها لن تتمكن من الحفاظ على نمو اقتصادي مستدام وفي الوقت نفسه إدارة عجز مالي كبير وعجز في الحساب الجاري".
وحققت "فارو" بعضا من أعلى العائدات في القطاع الصناعي العام الماضي، مع حصول أكبر صندوقين فيها - صندوق ماكرو وصندوق جايا وكلاهما يدير 4.5 مليار دولار - على عائدات بنسبة 16.5 في المائة و27 في المائة على التوالي. ووصلت مكاسبهما إلى نحو 7 في المائة و5 في المائة في نهاية الربع الأول.
وبلغت عائدات صناعة صناديق التحوط الأوسع نحو 9 في المائة العام الماضي، وكانت ثابتة خلال الربع الأول، استنادا إلى بيانات واردة من "إي فيستمنت".
الانتعاش الذي حظي به الدولار على مدى الشهر الماضي أثار القلق في الأسواق الناشئة، حيث يتخذ المقترضون والشركات المستدينة مزيدا من الديون المقومة بالعملة الأمريكية.
لكن فونكينيل الذي أسس "فارو" في نيويورك عام 2000، ثم نقَلَها إلى لندن في عام 2005 لتسهيل عمليات التداول في الأسواق العالمية، أشار إلى أنه يظل متشائما بشأن العملة الأمريكية. وقال "عادة ما ترتفع قيمة الدولار الأمريكي خلال عمليات تصحيح الأسواق الناشئة، لأن المستثمرين الموجودين في أمريكا يعملون على التخلص من الأصول المقومة بالعملات غير الأمريكية".
وأضاف "بالنسبة إلى أي مستثمر يتطلع إلى ما وراء عملية التصحيح الحالية، لا يوفر الدولار فكرة استثمار جاذبة. الرياح العكسية التي واجهها منذ حفل تنصيب ترمب لا تزال موجودة، بما في ذلك عدم القدرة على التنبؤ بأعمال رئيس شعبوي يحاول تعزيز أنموذج اقتصادي أصبح باليا قبل 50 عاما".
واستنادا إلى تاريخ القادة الشعبويين الذين كان لهم أثر سلبي في عملة بلادهم، راهنت شركة فارو على احتمال أن ينخفض الدولار مقابل كل من عملات الأسواق الناشئة والمتقدمة عقب انتخاب ترمب. وربما تواصل السياسات الأمريكية إحداث أكبر تأثير في المحفظة الاستثمارية الخاصة بشركة فارو والاقتصاد العالمي على مدى العام المقبل، بحسب ما قال فونكينيل.
وأردف "هناك نوعان من عوامل اللبس الكبيرة في الولايات المتحدة. أحدهما هو "الاحتياطي الفيدرالي": ما المدى الذي سيصل إليه "الاحتياطي الفيدرالي" في رفعه أسعار الفائدة وما مدى سرعته في تحقيق ذلك؟ والآخر هو ترمب: ما مدى الفوضى التي سيحدثها ترمب في الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد العالمي؟ هذان هما مصدرا التقلب اللذان شهدناهما حتى الآن من هذا العام".
إذا بدأت قوة ترمب في التلاشي من خلال تحقيق مزيد من الديمقراطيين نجاحات في الانتخابات النصفية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) "يمكن أن يكون ذلك جيدا بالنسبة إلى الدورة الاقتصادية الأمريكية وربما يعمل على إطالة الدورة بعض الشيء، لكن استمرار ترمب في أسلوبه القائم على التعطيل من المحتمل أن يتسبب في تقصير الفترة الزمنية للدورة الاقتصادية الأمريكية، وبالتالي الدورة الاقتصادية العالمية".
وباستثناء صندوقها الإفريقي، حققت "فارو" التي تتداول في السندات السيادية والعملات وأسعار الفائدة، مكاسب سنوية بأرقام من خانتين في جميع صناديقها على مدى السنوات الخمس الماضية.
وقال فونكينيل إنه كان "مذهولا" من ضعف أداء منافسيه، وإن ادعاء بعض مديري صناديق التحوط أن عدم حصول تقلب في الأسعار في السنوات الأخيرة أضر بفرصتهم في العثور على أفضل الصفقات كان مجرد عذر.
وتابع "أنا لا أؤمن بحجة التقلبات. كان هناك بعض التقلبات في أسواق البلدان المتقدمة. تحرك اليورو 20 في المائة خلال الـ 18 شهرا الماضية. وكانت عائدات سندات الخزانة الأمريكية آخذة في الارتفاع 100 نقطة أساس في غضون أشهر قليلة فقط. وارتفع الين بمعدل كبير في العام الماضي. هناك أمور آخذة في التغير في العالم المتقدم. لذلك أعتقد أن السبب في تراجع أداء المنافسين موجود في مكان آخر".
نسبة إلى حجمها البالغ 10.5 مليار دولار، تعد شركة فارو واحدة من أكبر صناديق التحوط في أوروبا، رغم إبقائها على صناديقها الأربعة الرئيسية مغلقة أمام رأس المال الجديد. الصناديق مثل "بريفان هوارد" و"روكوس كابيتال" يدير كل منها 8.5 مليار دولار. وعندما يزداد حجم الصناديق في "فارو" بسبب الأداء، مثلما حصل العام الماضي، تعيد الشركة الأموال إلى المستثمرين.
وقال فونكينيل "هذا أمر مزعج أتمنى لو أن أداء الصناديق الأخرى كان أفضل. أعتقد أن أحد الأسباب وراء تراجع أداء الصناعة هو أنه يمكنك العيش بشكل جيد للغاية على رسوم الإدارة البالغة 2 في المائة. حين يكون لديك أكثر من عشرة مليارات دولار قيد الإدارة، أعتقد أن الحافز لديك يتحول من الأداء الجيد وتحقيق مكاسب عالية للغاية إلى الحفاظ على تلك الأصول، وهذا أمر جيد بما يكفي لمنع المستثمرين من مغادرة الشركة".
وأعرب فونكينيل عن اعتقاده بأن الاضطرابات التي يشهدها عديد من الأسواق الناشئة، بما في ذلك الأرجنتين وتركيا، ستبقى. لكنه معتاد على وجود تقلبات في المشاعر تجاه الأسواق الناشئة.
وقال "إن المستثمرين كانوا إلى حد كبير يغلقون الأبواب أمامي"، عندما أسس هو وزملاء سابقون في بنك ميريل لينتش شركة فارو برأسمال بلغ 11 مليون دولار فقط. في ذلك الوقت، عجزت كل من روسيا والإكوادور عن تسديد ديونهما وخفضت البرازيل قيمة عملتها.
وفي الآونة الأخيرة، أسس فونكينيل مؤسسة فارو، وهي جمعية خيرية تشجع التنمية الاقتصادية في إفريقيا من خلال التركيز على توفير الوظائف والتعليم والتدريب والزراعة. وفي مرحلة معينة، يعتزم إهداء صندوق التحوط إلى المؤسسة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES