«فاينانشيال تايمز»: رفض ترمب «الصفقة الرديئة» يفسد زهو الملالي بمكاسب النفط

«فاينانشيال تايمز»: رفض ترمب «الصفقة الرديئة» يفسد زهو الملالي بمكاسب النفط
«فاينانشيال تايمز»: رفض ترمب «الصفقة الرديئة» يفسد زهو الملالي بمكاسب النفط

عندما تجول نائب وزير النفط الإيراني في منشأة الصلب الضخمة التي هي أكبر مصفاة للنفط، كان يحاول إيصال رسالة تحد مقصودة: مستبقاً تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بإعادة فرض العقوبات على البلاد مرة أخرى، مشيراً إلى أن الشعب الإيراني لن يعاني حالات النقص الشديد في البنزين التي تعرض لها في بداية العقد.
قال علي رضا صادق عبادي، وهو يزور مصفاة نجم الخليج هذا الشهر: "لن نواجه أي مشكلة في توريد البنزين، سواء من حيث الكمية أو النوعية. فنحن لسنا بحاجة لاستيراد أي معدات ومواد (أساسية) لاستكمال العمل في المصفاة وإنتاج البنزين".
يتظاهر المسؤولون الإيرانيون بالشجاعة ويستخدمون مصفاة نجم الخليج كمثال على التقدم الذي أحرزته الصناعة، منذ أن تم تنفيذ الاتفاق النووي مع ست قوى عالمية في كانون الأول (يناير) من عام 2016.
بيد أن تنفيذ الرئيس الأمريكي ترمب تهديده "بالانسحاب من الاتفاق" كما حدث أمس الأول بالفعل، وإعادة فرض العقوبات قد يحيل القطاع النفطي الإيراني إلى الموضع الأكثر تضررا من العقوبات عموماً، أي: قطاع الطاقة.
قال إيمان ناصري، من "إف جي إي" وهي هيئة استشارية: "قطاع الطاقة هدف رئيس. أي انسحاب أمريكي (من الاتفاق النووي) وأي إعادة فرض للعقوبات من شأنه أن يتسبب في البداية في الإضرار بصادرات إيران من النفط الخام، وعلى المدى الأطول قدراتها التشغيلية في عمليات التكرير والإنتاج في المستقبل".
كما أضاف أنه في الوقت الذي حقق فيه مشروع نجم الخليج تقدما، كانت هنالك برامج تحديث أخرى لا تزال معلقة. بدأت إيران في بناء المصفاة في بندر عباس جنوبي إيران عام 2006 خلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد، أحد المتشددين.
وقد كانت تلك فترة وصلت فيها العلاقات مع الغرب إلى أدنى مستوياتها، وتم خلال تلك الفترة تشديد العقوبات، ما أدى إلى إحباط قدرة إيران على استيراد المعدات اللازمة لاستكمال العمل في المصفاة.
بدأ ذلك في التغير بعد أن أبرم الرئيس حسن روحاني الاتفاق النووي مع ست قوى عالمية عام 2015، وجعل استقلالية الوقود أولوية، مع افتتاح الجزء الأول من المنشأة العام الماضي.
بعد استثمار بقيمة أربعة مليارات يورو، تعمل المنشأة الآن على إنتاج 16 مليون لتر من البنزين يوميا، الذي من المقرر أن يزداد ليصل إلى 22 مليونا على مدى الأشهر إن لم يكن السنوات المقبلة.
قال روحاني في حفل تدشين المصنع العام الماضي: "الذين يشتكون من أنهم لم يتلمسوا منافع الاتفاق النووي، أطلب منهم المجيء لرؤية هذه المصفاة".
في ذروة العقوبات المفروضة قبل ثماني سنوات، توقفت بيوت تداول السلع بما فيها فيتول وترافيجورا وجلينكور عن بيع البنزين إلى إيران، ما أرغم الحكومة على اللجوء إلى مصانعها البتروكيماوية لإنتاج وقود منخفض الجودة. كانت النتيجة مدنا تعج بالضباب الدخاني ومحركات السيارات التي تعرضت للأضرار.
اليوم، لا توجد طوابير على محطات البنزين والوقود ذي النوعية الجيدة – مع مزاعم أن أكثر من 90 في المائة منه يجري إنتاجه محليا - متوافر بسهولة.
تم رفع إنتاج النفط الخام من نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا عام 2014 إلى نحو أربعة ملايين برميل يوميا، ما يعني أن هنالك كمية نفط أكبر متوافرة لإنتاج المنتجات المكررة، في الوقت الذي ارتفعت فيه الصادرات بأكثر من الضعف لتصل إلى نحو 2.6 مليون برميل يوميا، بحسب ما قالت وكالة الأنباء التابعة لوزارة النفط.
على أن التحدي الذي يواجهه النظام سيتمثل في حماية المكاسب بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على البلاد، حسبما تعهد ترمب في الخطاب، مشيراً إلى خطوته المقبلة فيما يتعلق بالاتفاق النووي قبل موعده أمس الأول، عكس ما كان متوقعاً في الثاني عشر من أيار (مايو) الجاري.
قال وزير النفط، بيجان نامدار زانجانه أمام الصحافيين الأسبوع الماضي: "ستقوم إيران بتوظيف كل خبراتها وقدراتها لضمان شل قدرة ترمب على الإضرار بإيران".
في بيان أدلى به أمام البرلمان، كان أكثر صراحة حول التهديد الذي يمكن أن تفرضه العقوبات الجديدة على الصناعة.
وقال إن هدف طهران هو زيادة الإنتاج ليصل إلى 4.8 مليون برميل يوميا بحلول عام 2021، في الوقت الذي أكد فيه أن الصناعة بحاجة إلى 200 مليار دولار من الاستثمارات المحلية والأجنبية لتحقيق أهدافها.
وقال زانجانه إنه "يجب على إيران التعاون مع الأجانب؛ لأننا بحاجة لكل من رأس المال والتكنولوجيا. الموارد (المالية) ليست مواتية ونحن نواجه الآن مشكلات خطيرة".
أكبر استثمار دولي في قطاع الهيدروكربونات في إيران منذ الاتفاق النووي هو العقد المبرم مع شركة توتال بقيمة 4.8 مليار دولار لتطوير جزء من حقل بارس الجنوبي، أكبر حقل للغاز في العالم. تطوير هذا الحقل مسألة مهمة جدا بالنسبة للخطط الصناعية ومشاريع الطاقة في الجمهورية.
المشروع يمكن أن يتعرض للخطر؛ لأن أي شركة أجنبية ذات تعاملات مع الولايات المتحدة، قد تواجه خطر التعرض لإجراءات عقابية فيما لو أعيدَ فرض العقوبات.
قال ديفيد جليلفاند، محلل لدى معهد أكسفورد لدراسات الطاقة: "معظم الشركات الأوروبية، باستثناء توتال، في حالة ترقب منذ فترة لترى ما إذا كانت إدارة ترمب ستسمح بالاستمرار في تطوير مشاريع أطول أجلا". كما أضاف أن ذلك قد تسبب أصلا في أن تقوم إيران "بتنويع أساليب انخراطها مع الشركات الآسيوية والروسية". وقال: "تسعى إيران إلى تحقيق التوازان في انخراطها الدولي".
فيما يتعلق بمبيعات النفط الخام، فإن آسيا إلى الآن المنطقة الأكثر أهمية بالنسبة لإيران؛ لأنها تستأثر بنحو 60 في المائة من صادرات الجمهورية، ومعظمها إلى الصين، وهي من البلدان الموقعة على الاتفاق النووي، والهند.
القضية الحاسمة بالنسبة لإيران ستكون تحديد أي الشركات والحكومات التي ستواصل شراء النفط الخام الإيراني فيما لو أعيدَ فرض العقوبات.
قال ريتشارد نيفيو، المحلل لدى مركز سياسة الطاقة العالمي التابع لجامعة كولومبيا: "داخل أوروبا، هنالك ما يكفي من الشركات التي لها مصالح لا يستهان بها في الولايات المتحدة، بحيث أنها ستتعاون (مع العقوبات) حتى إن كان رأي حكوماتها عكس ذلك".
كما قال إنه يبدو من الواضح أن كلا من اليابان وكوريا الجنوبية ستتعاونان مع الموقف الأمريكي الأخير، على اعتبار أنهما تتشاركان مع إدارة ترمب في سياسة التشدد ضد كوريا الشمالية. وأضاف أن "البطاقة غير المعروفة" هي الصين.
قال نيفيو: "إنهم في بكين يدعمون (الاتفاق النووي) ولا يعتقدون أنه ينبغي أن يُلغى، لكنني لا أعلم كيف يشعرون إزاء رغبتهم في الضغط على ترمب. إن لم يكن هنالك تعاون فيما بينهم، فإنهم قد يمثلون ثغرة في برنامج العقوبات ضد نطام الملالي".

الأكثر قراءة