Author

ما وظيفة المستقبل الأعلى دخلا؟

|

اطلعت أخيرا على التقرير الصادر من القمة العالمية للحكومات عن مستقبل الوظائف، ولم يكن غريبا أن تتصدر الوظائف التقنية الوظائف المستقبلية، التي تعتمد على البرمجة والتعامل مع التكنولوجيا المتسارعة وباتت جزءا من كل الأعمال الحالية، وستصبح ركيزة أساسية في مهن المستقبل التي تمنح أصحابها أعلى الرواتب. لكن اللافت في التقرير هو إشارته الجوهرية إلى موضوع مهم وحيوي لا ينال اهتمام كثيرين، وهو أهمية المهارات الاجتماعية والعاطفية في وظائف المستقبل الرئيسة.
فقد تناول التقرير في أكثر من جزء، أهمية تطوير المرء مهاراته في الجوانب الاجتماعية والعاطفية. إذ يتناسى كثير منا تطوير أدواتهم ومهاراتهم في هذين الجانبين المحورين، ناهيك عن عدم تشجيعهم أبناءهم وأحبتهم على تعزيز قدراتهم فيهما.
نعاقب أنفسنا ومن نحب إن لم نستذكر أو نؤدي في الاختبارات كما يجب، لكن نغفل شيئا مهما، وهو المهارات الاجتماعية والعاطفية. فلا نكترث لو انحزنا أو أحبتنا إلى العزلة وعدم قدرتنا على التواصل بكفاءة مع الآخرين. نحن بهذه السلبية الكبيرة تجاه هذه المهارات نخسر المستقبل دون أن نعلم. فهذه القدرات لا تفيدنا اليوم فحسب، بل غدا أيضا. ليس سرا أنني أسعد عندما أقترب من القياديين، لأنني أتعلم من كثير منهم مهارات قد لا أقرأها في كتاب أو أتعلمها في فصل. هذه المهارات، هي الاجتماعية. كيف تدير حوارا؟ متى تتحدث ومتى تصمت؟ كيف تدير غضبك وانفعالاتك في اجتماع؟ كيف تتعامل مع رؤسائك ومرؤوسيك في عدة حالات؟ مع الأسف، ندير ظهورنا لهذه الأسئلة الجوهرية ولا نحرص على مواجهتها وتعلّم فنون الإجابة عنها رغم أنها تعني كثيرا في الحاضر، وهي كل شيء في المستقبل. مهاراتك التقنية والفكرية قد توفر لك وظيفة مميزة، بيد أنها لا تضمن لك الصعود فيها. العمل في مؤسسات أو شركات أو حتى في ريادة الأعمال، يتطلب كثيرا من الذكاء العاطفي في إجاباتنا وحواراتنا ورسائلنا ولغة أجسادنا. هناك بعض زملائي السابقين لا يمكن أن أرفع عليهم سماعة، لأنني أدرك مدى صعوبة التواصل معهم. فالتعامل معهم معقد وشائك ومفخخ. لا يمكن أن تتنبأ بما سيبدر منهم، لأنهم لم يعيروا هذه المهارات جل اهتمامهم. علينا جميعا ألا نتقاعس في تطوير مهاراتنا العلمية والعملية، لكن في الوقت نفسه يجب أن نعزز قدرات تواصلنا ومهاراتنا الاجتماعية والعاطفية. هذه القدرات، بعد توفيق الله، هي التي سترفعنا عاليا اليوم وغدا، بإذن الله.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها