«وود ماكينزي»: السعودية تتبنى سياسات مميزة تركز على الاستثمار في المصافي العالمية

«وود ماكينزي»: السعودية تتبنى سياسات مميزة تركز على الاستثمار في المصافي العالمية

أشادت شركة "وود ماكينزي" الدولية لاستشارات الطاقة، بالسياسات الاقتصادية والنفطية في السعودية، خاصة فيما يتعلق بتطوير صناعة النفط الخام وتعظيم قدراتها ومواردها.
وأشار إلى أن أهم آليات السعودية المتميزة في هذا المجال هي التركيز على الاستثمار في مصافي النفط في الخارج، أو الحصول على حصص في شركات التكرير الدولية.
وأكد التقرير الحديث للشركة وجود تجارب جيدة مماثلة في الكويت وسلطنة عمان، مبينا أن هناك حاجة إلى مزيد من رؤوس الأموال المستثمرة في صناعة التكرير على المستوى الدولي بما يتوازن مع حجم صادرات النفط الخام الكبير.
وذكر التقرير أن كل شركة من شركات النفط والغاز في العالم يجب أن تسارع جيدا في خطة التحول والانتقال في مجال الطاقة، مع العمل على تحديث وتطوير نموذج العمل الحالي ليكون صالحا لمستقبل مختلف في مجال الطاقة خلال القرن الـ21 وما بعده.
وأوضح التقرير أن خطط التنوع والتحول في مجال الطاقة ليست قاصرة على الشركات، بل تشمل كل الدول المصدرة للنفط، خاصة الغنية بالموارد النفطية، مع الاستعداد بشكل جيد لتحول مهم في المستقبل، وهو تراجع الطلب تدريجيا على النفط الخام.
وقال التقرير إن زيادة قدرات التكرير في الدول المنتجة ستدعم اقتصادها وقدراتها التنافسية في الأسواق الدولية، كما ستنهض بالقدرات والمراكز المالية لشركات النفط الوطنية، وتزيد صلابة وضعها في ظل سوق تزداد صعوبة.
وأشار التقرير إلى أهمية بناء مصافي تكرير تكفي لتلبية الطلب على المنتجات في السوق المحلية لتحويل موارد المنبع في مرافقها الخاصة، وهذا يوفر منبرا للتصنيع كجزء من سياسة تنمية وطنية أوسع.
وأكد التقرير أن العيون في السوق الدولية تتجه بشكل طبيعي نحو الشرق، حيث إن آسيا تعتبر محور نمو الطلب العالمي على النفط منذ أن بلغ الطلب في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ذروته عام 2005، حيث أسهمت بلدان آسيا والمحيط الهادئ - باستثناء اليابان - بـ 70 في المائة من نمو الطلب، الذي من المتوقع أن ينمو بنحو ثمانية ملايين برميل يوميا بحلول عام 2035؛ أي أكثر من أي منطقة أخرى في العالم.
وفي سياق متصل، استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع لتسجل أعلى مستوى منذ عام 2014 بدعم من اقتراب موعد حسم الولايات المتحدة موقفها من الاتفاق النووي الإيراني وسط توقعات واسعة بعودة فرض عقوبات اقتصادية مشددة على طهران.
كما تلقت الأسعار دعما من تمسك المنتجين في أوبك وخارجها بتقييد الإنتاج، وخفض المعروض النفطي، الذي جاء أكثر من المستهدف؛ بسبب أزمة الإنتاج الحادة في فنزويلا، إلى جانب أزمات أقل حدة في أنجولا وليبيا.
وفي هذا الإطار، قال لـ "الاقتصادية" روس كيندي العضو المنتدب لمجموعة "كيو إتش أي" للخدمات النفطية، إن بلوغ سعر الخام الأمريكي أكثر من 70 دولارا للبرميل يفتح شهية المنتجين الأمريكيين إلى مزيد من ضخ إمداداتهم في الأسواق، خاصة في ضوء توقع عودة العقوبات الاقتصادية الصارمة على إيران، ما يخفض مستويات صادراتها، حيث يحاول الأمريكيون تعويض الانخفاضات سواء الطوعية من قبل "أوبك" وحلفائها، أو التي نتيجة عوامل جيوسياسية مثل إيران وفنزويلا.
وتوقع عدم استجابة المنتجين الأمريكيين إلى دعوات تحجيم الإنتاج الجديد، إذ إنهم على قناعة بضرورة فتح الصنابير على أقصى قدراتها للاستفادة من البيئة السعرية الحالية شديدة الجاذبية، التي سجلت أعلى مستوى قياسي في ثلاث سنوات، وقد تمت ترجمة هذا الأمر إلى حالة من النشاط غير المسبوق في أنشطة الحفر الأمريكية.
من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية"، أندريه جروس مدير قطاع آسيا الوسطي في شركة "إم إم أي سي" للطاقة، أن أغلب المنتجين يرون في الارتفاعات القياسية لأسعار النفط الخام فرصة كبيرة لزيادة المكاسب وتوسيع التدفقات المالية، لافتا إلى أهمية أن تعدل استراتيجية المنتجين لتركز على رفع معدلات النمو، من خلال زيادة الاستثمارات في مشروعات الطاقة المختلفة خاصة المشروعات طويل الأجل، التي تفتقدها الصناعة.
وأشار إلى أن انهيار الإنتاج في فنزويلا وأنجولا بسبب الأزمة الاقتصادية وتوقع عودة العقوبات الاقتصادية على إيران سيجعل كثيرا من المخاوف تحيط بمستقبل العرض، خاصة أن "أوبك" وروسيا أميل إلى التمسك باتفاق خفض الإنتاج فترات جديدة مقبلة، ما يمهد لارتفاعات سعرية أخرى مدعومة من العوامل النفسية أيضا في السوق.
من ناحيتها، قالت لـ"الاقتصادية"، المحللة الأمريكية ويني أكيلو من شركة "أفريكا إنجنيرينج"، إنه لا يمكن النظر إلى الإنتاج الأمريكي على أنه ينمو من دون سقف، مبينة أنه رغم ثراء الإنتاج حاليا خاصة من النفط الصخري في حقل بيرميان وهو أغنى الحقول الأمريكية، إلا أنه يصطدم حاليا بعدد من الصعوبات اللوجيستية.
ولفتت إلى أن أبرز الصعوبات التي تواجه الإنتاج في هذه المرحلة المزدهرة هي نقص العمالة والمعدات التي لا تنمو بنفس كثافة وغزارة الحقول الصخرية، إلى جانب عوامل أخرى مثل محدودية سعة خطوط أنابيب نقل النفط الخام، وهو ما أدى إلى تكرار ظاهرة الاختناقات في الفترة الحالية، خاصة بعدما نجحت التكنولوجيا في التوصل إلى غزارة الإنتاج بنفس تكاليف الإنتاج السابقة وربما أقل.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط الخام الرئيسة أمس، 1 في المائة إلى أعلى مستوياتها منذ أواخر 2014، بدعم من الأزمة الاقتصادية التي تشتد حدتها في فنزويلا، واقتراب قرار الولايات المتحدة بخصوص ما إذا كانت ستعيد فرض عقوبات على إيران.
وبلغ سعر خام القياس العالمي برنت في العقود الآجلة 75.57 دولار للبرميل، بحلول الساعة 0650 بتوقيت جرينتش، مرتفعا 70 سنتا أو 0.9 في المائة عن التسوية السابقة. وفي وقت سابق من الجلسة، لامس الخام أعلى مستوياته منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 عند 75.89 دولار للبرميل.
وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 70 سنتا أو ما يعادل 1 في المائة إلى 70.42 دولار للبرميل. وتجاوز الخام الأمريكي 70 دولارا للبرميل أمس، للمرة الأولى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014.
في الوقت نفسه، تجاوزت عقود شنغهاي للنفط الخام في الصين المستوى القياسي المرتفع لقيمتها بالدولار البالغ 71.32 دولار للبرميل لتصل إلى 72.54 دولار يوم الإثنين.
ويحذر بعض المحللين من أن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في فنزويلا، أحد كبار مصدري النفط، تنذر بمزيد من الضغوط على إنتاجها وصادراتها.
وتراجع إنتاج فنزويلا إلى النصف منذ أوائل العقد الأول من الألفية إلى 1.5 مليون برميل يوميا فقط، في ظل عدم ضخ البلاد استثمارات كافية.
وإلى جانب المخاوف المتعلقة بفنزويلا، قال جريج مكينا كبير خبراء السوق لدى أكسي تريدر للوساطة في العقود الآجلة "القصة الكبرى هذا الأسبوع ستتعلق بالنفط واتفاق إيران"، مضيفا أن معظم المتعاملين في السوق يتوقعون انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من الاتفاق.
وعبر ترمب عن شكوكه في صدق نية إيران، وهدد بالانسحاب من الاتفاق المبرم في 2015 بعدم تمديد الإعفاء من العقوبات حين تنتهي مدته في 12 أيار (مايو) الجاري، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى تقليص صادرات إيران النفطية.
وأضاف النفط الخام الأمريكي عند تسوية الجمعة ارتفاعا 1.9 في المائة، في ثالث مكسب يومي على التوالي، وصعدت عقود برنت 1.7 في المائة، في ثاني مكسب يومي على التوالي.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، حققت أسعار النفط العالمية ارتفاعا 2.7 في المائة، في رابع مكسب أسبوعي على التوالي، ضمن أطول سلسلة مكاسب أسبوعية للنفط خلال هذا العام.
ولا تزال التكهنات قوية في الأسواق المالية حيال انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق إيران النووي، خاصة مع اقتراب المهلة الممنوحة للدول الغربية الكبرى حتى 12 أيار (مايو) الجاري من الانتهاء، وحتى الآن لم تنجح تلك الدول في إصلاح عيوب الاتفاق، التي يرغب الرئيس الأمريكي ترمب في تلافيها حتى يستمر في الاتفاق.
وفي حال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق المنتظر أن تعيد واشنطن فرض العقوبات الاقتصادية على طهران، وهو ما سيخفض صادرات النفط الإيرانية بين 500 ألف إلى 700 ألف يوميا.
وأظهرت بيانات رسمية لشركة"بيكر هيوز" للخدمات النفطية، ارتفاع منصات الحفر والتنقيب في الولايات المتحدة "الأسبوع الماضي" بمقدار تسع منصات، في خامس زيادة أسبوعية على التوالي، ليصل إجمالي المنصات العاملة حاليا إلى 834 منصة، وهو أعلى مستوى منذ آذار (مارس) 2015.
وارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 70.99 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي، مقابل 70.66 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة استقرت تقريبا مقارنة بآخر تعاملات أبريل الماضي، التي سجلت فيها 71.01 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة