الرحلة المالية لتكاليف ألواح الطاقة الشمسية وتأثرها بأسعار البترول

بدأت رحلة ألواح الطاقة الشمسية الكهروضوئية بشكل شبه تجاري من نحو 100 دولار/واط ووصلت حاليا إلى 0.3 دولار/ واط، وما زالت رحلة الانخفاض مستمرة، فلنتعرف عليها. بدأت الأبحاث في الطاقة الشمسية الكهروضوئية قديما وكان من أهم الدوافع استخدام الخلايا الشمسية في الأقمار الصناعية في الخمسينيات الميلادية وكانت تكلفتها عالية جدا. بعد أزمة البترول في السبعينيات زادت وتيرة الأبحاث في الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء رغبة في إيجاد بدائل آمنة واقتصادية. ففي عام 1975 كانت تكلفة ألواح الطاقة الشمسية تصل إلى نحو 100 دولار/واط، وانخفضت التكلفة بعد عشر سنوات إلى نحو 10 في المائة من هذه التكلفة لتصل إلى 10 دولارات/واط. هذه تكلفة الألواح الشمسية بدون تكلفة التركيب والتمديدات والأيدي العاملة وخلافها التي حاليا بمجموعها أعلى من تكلفة الألواح، حيث إن تكلفتها مرتبطة بحجم مشروع الطاقة الشمسية والدولة التي يقام فيها المشروع. أيضا هذه الأسعار هي للخلايا الشمسية الكهروضوئية المصنوعة بتقنية "كريستال سيليكون" وهي الأكثر انتشارا. أيضا لابد من الوضع في الاعتبار نسبة التضخم لحساب التكلفة الفعلية. وبعد انخفاض أسعار البترول في الثمانينيات ضعفت الدوافع لاستخدام الطاقة الشمسية، ونتيجة لذلك قل الدعم المالي للأبحاث لفترة طويلة من الزمن. ظلت الأبحاث مستمرة بدرجة محدودة وخاصة في الولايات المتحدة وألمانيا واليابان ولكنها مرتكزة على تطوير أداء الخلايا الكهروضوئية الشمسية أكثر منها على تقليل التكلفة. ولأجل ذلك انخفضت التكلفة بشكل تدريجي لتصل إلى نحو 3.5 دولار/واط في عام 2008. بعد هذا العام انخفضت الأسعار بشكل متسارع لعدة أسباب، منها: تسارع ارتفاع أسعار البترول والغاز مع بداية هذا القرن بشكل تصاعدي مقلق للدول المستهلكة، ورغبة العديد من الدول إيجاد مصادر آمنة للطاقة الكهربائية داخل حدودها وبعيدا عن المؤثرات السياسية والاقتصادية، و دخول الصين بقوة في تصنيع الخلايا الشمسية الكهروضوئية والألواح الشمسية وتصديرها بكميات كبيرة وبأسعار رخيصة . فحاليا تصل التكلفة إلى 0.3 دولار/واط للألواح منخفضة الكفاءة بينما الألواح مرتفعة الكفاءة تكلفتها أعلى بكثير. والسؤال الآن ماذا عن مستقبل تكلفة الألواح الشمسية عالميا؟ بالتأكيد في انخفاض مستمر. من جهة أخرى، ونظرا للانخفاض الكبير للتكلفة المالية لمشاريع الطاقة الشمسية فإن التوسع في مشاريعها في اطراد مستمر، وتأثرها بأسعار البترول والغاز أقل بكثير من السابق. في السابق كانت التوقعات المستقبلية لأسعار مشاريع الطاقة الشمسية في 2030 أعلى منها من التوقعات الآن، وذلك لأن كثيرا من الدول قررت حديثا أن تكون الطاقة الشمسية جزءا رئيسا من منظومة الطاقة الكهربائية، وبدوره شجع ذلك على إيجاد سوق جاذبة للتصنيع والمنافسة. أيضا التوقعات المستقبلية للأسعار متفاوتة بدرجة ملحوظة نظرا لتعدد العوامل المؤثرة في الأسعار. بالتأكيد دخول الصين بشكل قوي في تصنيع الألواح الشمسية كان سببا رئيسا في انخفاض الأسعار بمقدار كبير، وهذا بدوره كان سببا رئيسا في إفلاس بعض الشركات الغربية. ولأجل ذلك قام الاتحاد الأوروبي في عام 2013 بوضع رسوم على الألواح المستوردة من بعض الدول على رأسها الصين مدعية أن هذه الصناعة مدعومة من الحكومة الصينية، وقام الاتحاد الأوروبي لاحقا بتخفيض الرسوم. كما ذكرت وجود تفاوت كبير للتوقعات المستقبلية للأسعار. التقديرات المنشورة حديثا كانت قبل قرار الإدارة الأمريكية في يناير 2018 بوضع تعرفة مالية (30 في المائة) على واردات الألواح الشمسية من الخارج وستقل هذه التعرفة في الأعوام اللاحقة. بما أن السوق الأمريكية كبيرة ومن ناحية أخرى قدرة الصين على تصدير الألواح الشمسية عالية، فإن هذا القرار سيؤثر نسبيا في سوق الألواح الشمسية عالميا. ومن المتوقع وجود فائض للألواح الشمسية عالميا في الأشهر القادمة، لكن هذا الفائض سيتم استيعابه عالميا نظرا لارتفاع الطلب والتوسع في مشاريع الطاقة الشمسية، وأيضا ستقل صادرات الألواح الشمسية من الولايات المتحدة نظرا لارتفاع الطلب محليا. مشروع الطاقة الشمسية في مدينة سكاكا السعودية يعتبر الأقل تكلفة عالميا في مجال الطاقة الشمسية- في حينه - حيث تمت ترسية المشروع على شركة أكوابور السعودية، وهو بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 ميجاواط. وبالنسبة لمشاريع الطاقة الشمسية من الحجم الصغير فهناك تفاوت كبير عالميا في تكلفتها بين كل دولة وأخرى وأحيانا حتى بين بعض الولايات في الدولة نفسها، فكيف ستقلل الجهات ذات العلاقة في المملكة العربية السعودية من تكاليف مثل هذه المشاريع، وخاصة ذات الحجم الصغير والمتوسط؟ ذكرت في مقالي السابق بعنوان "ريادة المملكة في الطاقة الشمسية وسبل تفعيلها" أبرز الحلول لتقليل التكاليف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي