رئيس «السوق المالية» : الإدراج الأجنبي 2019 وسوق للمشتقات في 2020

 رئيس «السوق المالية» : الإدراج الأجنبي 2019 وسوق للمشتقات في 2020

في مكتب جانبي لا تبدو عليه مظاهر التكلف، مقعدان يتوسطهما علم السعودية، داخل مبنى يطل على واحد من أهم شوارع العاصمة السعودية الرياض، انطلق حوارنا مع شاب سعودي لم يتجاوز العقد الرابع من عمره، إلا أنه يدير واحدة من أهم المؤسسات الاقتصادية في المملكة اليوم.. هي "هيئة السوق المالية السعودية". 
"بدأنا ننمي السوق المالية من مرفق عام وطني يخدم المواطنين إلى محرك يخدم الاقتصاد بأكمله".. بهذه الكلمات العميقة بدأ الحوار مع محمد بن عبدالله القويز رئيس مجلس هيئة السوق المالية، الذي تولى مهمة قيادة هيئة السوق المالية في 20 تموز (يوليو) من العام الماضي، ويحمل شهادة الماجستير من جامعة نيويورك كلية ستيرن للعلوم التجارية في الولايات المتحدة.
القويز الذي بدت عليه علامات السعادة بالمرحلة التي بلغتها السوق المالية السعودية، أكد أن أول القواعد لإطلاق العنان لهذه السوق الناشئة هي إطلاقها من حدودها الجغرافية ليصبح طموحها إقليميا وعالميا، وكسر الفكر بالنظر إليها كمرفق عام والنظر إليها كمحرك أساسي للاقتصاد.
ويضيف "حدث ذلك من خلال إزالة القيود التي كانت عليها وفتح المجال للمستثمرين الأجانب، وإيمانا منا بتحرير الجوانب التنظيمية وكسر العقبات التي تعوق تطور السوق السعودية، نحن مستمرون في التطوير". 
كشف محمد القويز خلال اللقاء مسار ومستقبل السوق المالية السعودية، مشيرا إلى أن السوق السعودية أصبحت مفتوحه على العالم وأن السيولة تتجه حسب الفرص والإصدارت في الأسواق، كما كشف عن أن بداية 2019 قد تشهد إطلاقا تجريبيا لإدراج شركات أجنبية في السوق السعودية. 
الحوار تطرق إلى عدد من أهم القضايا الراهنة في السوق .. إليكم المحصلة: 

دعنا ننطلق من رؤيتكم لمسار ومستقبل السوق المالية.. أبرز الإنجازات والاستحقاقات؟

تمر السوق المالية بتطورات متسارعة وهذا ليس من اليوم فقط بل منذ أكثر من سنتين تقريبا وقليل من أسواق المال في هذا العالم تمر بهذه الوتيرة المتسارعة، وهذا ما يؤكده عديد من الشركات التي تقدم المؤشرات العالمية والذين يعاينون كثيرا من الأسواق حول العالم، وأكدوا لنا أنهم لم يجدوا أي دولة قامت بنفس القدر من التطوير والتحديثات في الفترة الزمنية القصيرة كما حصل في السوق السعودية. 
والتغيير في السوق المالية ليس فقط لمجرد التغيير إنما لهدف معين، واليوم "رؤية 2030" في مكمنها عبارة عن تنويع الاقتصاد الوطني والانتقال من مرحلة الاعتماد التاريخي على مورد النفط والموارد الطبيعية إلى موارد أكثر استدامة، وعندما تبدأ أي دولة في رحلة التنويع الاقتصادي فهي من الطبيعي أن تبدأ من نقاط القوة التي يملكها هذا الاقتصاد، وعندما تحلل مواطن القوة للاقتصاد السعودي خارج نطاق الموارد الطبيعي. 
لا شك أن أحد أبرز نقاط القوة التي تظهر جليا في أي تحليل للاقتصاد السعودي "هي السوق المالية السعودية"، حيث إن ترتيب السوق المالية هي 24 على مستوى العالم من ناحية الرسملة السوقية، ومن ناحية السيولة على مستوى التداولات فهي في المرتبة 13 عالميا، وهذا يضع السوق السعودية في مرتبة أفضل حتى من بعض الأسواق المتقدمة من ناحية السيولة.
وأيضا سوقنا من أكبر عشر أسواق نامية في العالم وهي أكبر من أسواق الخليج مجتمعة من ناحية الرسملة السوقية لذا هناك مكونات كبيرة لتعطيها الميزة التنافسية. 
لذا، فقد عملت هيئة السوق المالية على تطوير السوق المالية وتحويلها من "مرفق عام" يخدم المستثمر السعودي والشركات السعودية فقط، إلى رافد اقتصادي مهم ومفتوح على العالم. ومن هذا المنطلق بدأنا سنة خلف سنة تحرير نموذج الاستثمار الأجنبي وذلك بالتطوير المستثمر لقواعد استثمار الأجانب المؤهلين، إلى أن وصلت إلى النسخة الثالثة التي صدرت في يناير من هذه السنة التي تمثل أكبر قدر من التسهيل والتخفيف من ناحية اجتذاب المستثمرين الأجانب، صاحب ذلك في نفس الوقت، ارتفاع ونمو كبير في عدد التراخيص الممنوحة لمؤسسات السوق المالية سواء المحلية أو العالمية.

هل لديكم طلبات للإدراج أو الإصدار في السوق السعودية ولا سيما من الشركات الأجنبية؟

نحن نحاول توسعة المجال للمصدرين المحليين قبل الأجانب، ونتأكد أن أكبر قدر من المصدرين في المملكة يستطيعون الاستفادة من السوق المالية ويستخدمونها لتمويل مشاريعهم، وبناء على هذا قامت الهيئة بعدة مبادرات في الفترة الأخيرة لهذا الصدد، منها إعادة كتابة لوائح الطرح والإدراج في السوق خصوصا الجزء المتعلق بطرح وإدراج أدوات الدين، تحديث تعليمات بناء سجل الأوامر وتخصيص الأسهم في الاكتتابات الأولية، وإصدار أول تنظيم في المملكة للمنشآت ذات الأغراض الخاصة، وكل هذا العمل فقط لنتأكد أن السوق جاهزة لخدمة الإصدارات المحلية قبل الأجنبية. 
أما بالنسبة إلى المصدرين غير المحليين أو الاجانب، وبعد استكمال المنظومة التشريعية المتكاملة بدأنا نلتفت إلى مدى جاذبية السوق السعودية للمصدرين الأجانب، والعمل جارٍ على إنهاء الإطار التنظيمي لتكون السوق جاهزة للإدراج الثنائي في مطلع عام 2019.

ما النسبة المستهدفة من قبل الهيئة خلال الفترة المقبلة لنسبة الشركات المدرجة في سوق الأسهم من إجمالي الشركات الموجودة في السعودية؟ خصوصا إذا ما علمنا أن الشركات المدرجة تمثل 1 في المائة من إجمالي عدد الشركات في السعودية؟

استخدام عدد الشركات كمصطلح غير دقيق، وعادة في أغلب الإحصائيات التي نستخدمها، ننظر إلى حجم القطاع من ناحية الشركات المدرجة مقارنة بالقطاع ككل ومن أبرز المعايير التي نستخدمها هو معيار مستخدم في كثير من الدول، هو حجم الرسملة السوقية للسوق المالية كنسبة من حجم الاقتصاد.
واليوم السوق المالية السعودية توازي 70 في المائة من حجم الاقتصاد وطموحنا أن تصبح 100 في المائة من حجم إجمالي الناتج المحلي، ونجد أنه في كثير من الأسواق الأخرى قد تمثل النسبة 140 أو 150 في المائة، وقد تجد بعض الاقتصادات أن السوق المالية تمثل ضعف الناتج المحلي القومي، وعلى الرغم من أن موقعنا جيد لكن ما زلنا نعتقد أنه بإمكاننا أن ننمو إلى حدود تمثيل الـ 100 في المائة من حجم الاقتصاد أو نتجاوزها أبعد من ذلك.

كم بلغ حجم عمليات إقراض الأسهم والبيع على المكشوف من قبل الشركات؟ ولماذ لا يتم الإفصاح عنها بشكل دوري؟

الإطار التنظيمي لعملية إقراض الأسهم والبيع على المكشوف هو إطار حديث إلى حد ما، وهو من الأطر التنظيمية التي أصدرتها "تداول"، في أبريل العام الماضي، ومنذ ذلك الوقت لدينا علم أن عديدا من مؤسسات السوق المالية أي الشركات الاستثمارية وشركات الوساطة وغيرها تعمل على تطوير منتجات بما يتوافق مع هذا الإطار التنظيمي. 
وطبعا تطوير المنتجات يتطلب جوانب قانونية ويتطلب جوانب عمليات وجوانب تقنية، ونعلم أن عديدا منها يعمل على إطلاق منتجات في هذا الصدد، والنقطة التي تفضلت بها كانت جزءا من المنظومة، لأن "تداول" كجزء من إطلاق المنظومة التنظيمة لهذا المنتج أطلقت تقارير دورية بنسبة وعدد الشركات التي تقوم بإقراض أسهمها والبيع على المكشوف، وهذه التقارير أصبحت موجودة على موقع "تداول"، والمأمول أن نبدأ نرى أرقاما حول هذه العمليات حال ما تستكمل بعض الشركات الاستثمارية تطوير منتجاتها بما يتوافق مع الأطر النظامية.

ما آخر التجهيزات من قبل هيئة السوق المالية فيما يتعلق بإدراج "أرامكو"؟ 

فيما يتعلق بالتنظيمات استعدادا لإدراج "أرامكو" المرتقب وبالنظر فإن الإدراج تم الإعلان عن سوق واحدة فقط هي السوق السعودية مع احتمالية وجود أسواق أخرى، والهيئة استغلت العمل المرتقب في هذا الإدراج لتجربة كل اللوائح والتنظيمات للتأكد من مدى ملاءمتها وقدرتها على استيعاب طرح بحجم وأهمية إدراج "أرامكو"، ووجدنا أغلب تنظيماتنا إن لم يكن كلها كانت متأهبة ومستعدة لإدراج "أرامكو"، إنما وجدنا ثلاثة تنظيمات قد تكون بحاجة إلى تطوير للتمكن من استيعاب طرح بهذا الحجم، وهذه تنظيمات الثلاثة هي قواعد طرح وإدارج الأوراق المالية، وهذه الهدف منها كان كلما زاد حجم الطرح أصبح الطارح أو المستشار المالي يرغب في مرونة أكثر في هيكلة الطرح وهذا التنظيم تم استكماله بإدراج كل المطالب اللازمة في التحديث الأخير من قواعد الإدراج والطرح التي أقرت وفعلت الأسبوع الماضي.
والشيء الثاني كان يتعلق بتعليمات بناء سجل الأوامر، عندما يكون لديك طرح بحجم كبير ترغب في أن تكون لديك مرونة، في طريقة استقبال الأوامر وطريقة التخصيص بناء عليها، وذلك ما تم التطرق إليه ومعالجته في التحديث الأخير لتعليمات بناء سجل الأوامر.
وبقيت لدينا نقطة ثالثة وأخيرة هي الاستقرار السعري، ومع الطروحات كبيرة الحجم قد يرغب المستشار المالي أو متعهد التغطية في تعيين جهة ثالثة قد تكون هي المستشار المالي وقد تكون هي متعهد التغطية أو قد تكون جهة ثالثة مستقلة يسمى المتعهد أو وكيل الاستقرار السعري، وهذا دوره الأساسي أن يكون لديه كمية إضافية من الأسهم وكمية كافية من النقد، أي أنه بعد طرح أي حجم كبير وبدء تداوله، يكون بإمكانه الشراء من السوق أو البيع على السوق بحسب تعادل العرض والطلب، بحيث يحاول العمل على ألا يزيد العرض بشكل كبير على حساب الطلب ولا يزيد الطلب بشكل كبير على حساب العرض وبالتالي يحقق الاستقرار السعري.
هذا الدور يتطلب تنظيما جديدا، والتنظيم هذا غير موجود الآن في السوق المالية السعودية، والآن الهيئة في أواخر مراحل إعداد هذا التنظيم الذي نأمل أن يرى النور قبل منتصف العام الحالي، وإذا استكملنا هذه التنظيمات الثلاثة فإننا نستطيع القول إن البيئة التنظيمية في السعودية من ناحية طرح الأوراق المالية وإدارجها مستعدة لاستقبال أي طرح بأي حجم كان بما في ذلك طرح بحجم شركة أرامكو. 

هناك بعض التقارير تشير إلى عدم وجود السيولة الكافية لطرح "أرامكو"؟ 

للحديث عن جانب السيولة تأتي الإجابة عنها على صنفين، إذا كانت سوق السعودية سوق مغلقة بمعنى محصورة فقط على المستثمرين في السعودية، فإن أي طرح كبير بطبيعة الحال سيؤثر في السيولة المتوافرة، لأن إضافة مبلغ في أصول جديدة قد تسحب الأموال من مكان آخر من داخل السوق لأن السوق مغلقة، لكن إذا كانت هذه السوق مفتوحة للعالم الخارجي فإن السيولة بإمكانها الدخول والخروج بحجم الفرص المتاحة، وكلما زادت الفرصة أو زادت عمليات الطرح كان ذلك حريا بدخول سيولة من خارج السوق السعودية لتغطية هذا الطرح ولدعم السوق المحلية، وبالفعل عديد من الدراسات والإحصاءات يثبت ذلك، والسيولة توجه إلى الأسواق بحجم الطروحات والإدراجات المتوافرة لديها، لطالما أن القناة لانتقال السيولة من سوق إلى سوق متوافرة والآن بفتح السوق السعودية للمستثمرين الأجانب أصبحت هذه القناة متوافرة.

كيف تنظرون إلى سوق أداوت الدين وتطورها خاصة بعد إدراج أداوات الدين الحكومي؟ وهل نتوقع إصدارات دين من قبل الشركات خلال الفترة المقبلة؟ 

إلى اليوم أعمالنا كلها مبنية على تكوين القاعدة والبنية التحتية لأدوات الدين، لأنه في السابق كانت هناك إشكالية في إصدار أداوت الدين بشكل عام لأنه لم يكن هناك أساس سعري للتسعير ولم تكن هناك أدوات دين متداولة، ومن هذا المنطلق ومع تزايد إصدارات الدولة لأدوات الدين في مدد وفترات زمنية متعددة من ديون قصيرة الأجل إلى ديون طويلة الأجل، أعطى أساسا سعريا لأن الدولة هي التي تكون عادة الأساس السعري الذي تسعر عليه كل الديون الأخرى، وأملنا أن هذه المجموعة من التغيرات التي تصب في تطوير أسواق الدين، ستؤدي إلى عملية تحريك إصدارات الدين واستفادة الشركات على مختلف قطاعاتها من سوق الدين سواء كانت المدرجة أو غير المدرجة، كما نأمل أن تسهم قواعد طرح الأوراق المالية والالتزامات المستمرة وقواعد الإدراج في دعم سوق أدوات الدين من خلال عدة جوانب من بينها: تخفيف متطلبات طرح الدين العام للشركات التي لديها أوراق مالية مدرجة، وإمكانية الاستفادة من برامج إصدارات أدوات الدين التي يمكن أن تمتد إلى فترة 24 شهرا، ما يقلل الوقت المطلوب والجهد المبذول والتكلفة المادية للإصدارات خلالها، إضافة إلى ذلك، استحدثت الهيئة متطلبات تنظيمية للطرح من خلال المنشآت ذات الأغراض الخاصة التي تتيح إصدار هياكل أدوات دين مختلفة من خلال طرحها طرحا عاما أو خاصاً. 

هل هناك محادثات مع بعض الشركات لإصدار أدوات دين؟

لدينا عديد من المناقشات مع عدد من المصدرين المحتملين، من باب الإجابة عن استفساراتهم ومحاولة النظر في هياكل يرغبون في العمل عليها وإعطاء ملاحظاتنا عليها، لكن كل هذه المناقشات في مراحل مبكرة وليست في مراحل تقديم رسمي.

ضمن رحلتكم لتحفيز أو تسويق السوق السعودية حتى تكون جاذبة للمستثمرين الأجانب، هناك بعض المنتجات مثل المشتقات المالية، هل سنراها قريبا في السوق السعودية؟

اليوم من أبرز المشاريع الكبيرة لإكمال البنية التحتية للسوق المالية، هو مشروع إنشاء مركز مقاصة مركزي أو ما يسمى بالطرف النظير، والفكرة من مركز المقاصة المركزي هي عندما يحدث بيع أو شراء للورقة المالية، هو أن يكون هناك طرف نظير وسط كل عملية سواء كنت تريد الشراء أو البيع، أي هو الوسيط بين الجميع ولذلك تسميته الطرف النظير المركزي لأنه الطرف النظير لكل عملية في السوق، وهذا المركز أهميته في تداول الأسهم اليوم قد تكون ثانوية لأن الأمور تسير على ما يرام فيما يخص الأسهم، ولا توجد إشكالية في ذلك لأن الجميع يقوم بدوره سواء مصارف أو شركات وساطة وما إلى ذلك، لكن عندما تريد بناء سوق للمشتقات المالية تصبح لديك معضلة لأن المشتقات المالية اليوم عندما أقوم بشراء عقد خيار وأريد ممارسة هذا العقد مقابل شخص فقد أقع في معضلة لا يستطيع ممارسة العقد في وقته أو يتعثر عن أدائه، ولهذا السبب تجد في كل الأسواق نشوء سوق المشتقات المالية يتطلب كشرط أساسي قيام طرف نظير مركزي ليصبح منصة وقاعدة تبنى فوقها سوق المشتقات المالية، والآن من أكبر المشاريع التي تعمل عليها "تداول" والهيئة إنشاء طرف نظير مركزي، والمأمول أنه حال اكتمال إنشاء مركز المقاصة للأوراق المالية أو الطرف النظير المركزي فإنه يمكن بعده قيام سوق للمشتقات المالية، والتوقع أن يتم الاكتمال من إنشاء مركز المقاصة أو الطرف النظير المركزي قبل نهاية عام 2019 ويتوقع إطلاق سوق المشتقات المالية خلال عام 2020.
 

الأكثر قراءة