المشراق

الفارس يكتب تاريخا.. «سيرة طير الفلاح»

الفارس يكتب تاريخا.. «سيرة طير الفلاح»

الفارس يكتب تاريخا.. «سيرة طير الفلاح»

الفارس يكتب تاريخا.. «سيرة طير الفلاح»

الفارس يكتب تاريخا.. «سيرة طير الفلاح»

في ملحمة تأسيس السعودية شخصيات كثيرة كانت شهود عيان لهذه الملحمة أو جزء منها، وعلى رأسها قائد المسيرة المؤسس الملك عبد العزيز. وقد نقلت عن المؤسس عدد من الروايات التي تذكر شيئا من الأحداث المتعلقة بالتأسيس، ونجد هذه الروايات في عدد من المصادر والمراجع التاريخية وغيرها. كما نجد روايات عن شخصيات أخرى ساهمت في بناء الوطن. وكم هو مفيد أن يسجل التاريخ شخص عاصره، وأن يصف المعارك فارس شارك فيها، وخاض غمارها.
هناك بعض التواريخ النجدية ينطبق عليها شيء من ذلك، لكن الذين كتبوها من أبناء الحاضرة، وكنت أتمنى أن أجد مثل ذلك عند أبناء البادية، وحديثنا عن فترة ما قبل الطفرة التعليمية. سألت وبحثت كثيرا، فلم أجد بغيتي، فالتاريخ الذي سجله أبناء البادية هو الشعر الذي وصل إلينا مع ما يتعلق به من رواية شفهية، لكن ليس هناك تاريخ مكتوب، باستثناء هذه المخطوطة التي نتحدث عنها اليوم، وهي "الإيضاح في سيرة طير الفلاح» لمؤلفها الفارس الشاعر عياد بن خلف بن نهير، وهو أحد الفرسان الذين خاضوا غمار كثير من المعارك وقاتلوا فيها.

الفارس المؤلف:
عياد بن خلف بن نهير، ويرجع نسب أسرته إلى الويبار من عبدة من شمر. ولد عياد عام 1308هـ تقريبا، في بادية حائل، ونشأ في كنف أسرته، وعاش حياة بدوية صرفة، وبرز بالشعر والفروسية منذ سنوات شبابه الأولى، وشارك مع أخيه ندا في أغلب المعارك التي خاضها، وهي معارك كثيرة بين صغيرة وكبيرة، كما شارك في معارك أخرى.
وفد إلى الملك عبد العزيز ـــ رحمه الله ـــ عام 1337هـ، وانضم إلى الجيش السعودي وشارك في معارك عديدة، من بينها: عدد من المعارك في شمال وغرب المملكة، ومغزا البلقا، ومعركة الرغامة، ومعركة السبلة، ومغزا اليمن، وغيرها. وكان من مرافقي الملك عبد العزيز ثم الملك فيصل بعد ذلك.
توفي ـــ رحمه الله ـــ في مدينة الطائف عام 1405هـ وقد ناهز 97 من العمر. وكان شاعرا مجيدا مكثرا، يحفظ الرواة بعض قصائده، كما نشر بعضها الآخر، ويتضمن تاريخه الذي نتحدث عنه مجموعة كبيرة من أشعاره، بعضها لم ينشر من قبل.

فارس يكتب تاريخا:
كان عياد بن نهير، أميا لا يقرأ ولا يكتب، ولكن كان كما يتضح من تاريخه، قوي الذاكرة، يتمتع بقدرة جيدة على الحفظ، وهذا ما مكنه من الاستشهاد بمجموعة من الأشعار الفصحى والنبطية، ومن الأخبار والآثار القديمة والأنساب. ومن الواضح أنه كان كثير المجالسة لأهل العلم والأدب، كما كان هناك من يقرأ عليه الكتب الدينية والتاريخية والأدبية. كما كان لديه وعي بأهمية كتابة التاريخ وتدوينه كي لا يضيع، وكان معجبا كل الإعجاب بسيرة أخيه ندا بن نهير وسيرته، فبدأ بإملاء معلوماته التاريخية على بعض أولاده بشكل متقطع بين فترة وأخرى، وهم يكتبون ما يمليه عليهم. وقد أملاه أول مرة عام 1373هـ على ابنه خلف، ولكنه كان فكرة أولية، فجاء التاريخ مختصرا ثم توسع فيه وأعاد إملاءه مرة أخرى على ابنه محمد عام 1384هـ، وهذه النسخة محفوظة عند ابنه محمد. ثم أعيد كتابته مرة ثالثة في التسعينيات مع بعض الشروحات وإضافة بعض المعلومات، وهذه النسخة هي التي بين يدي، وهي التي أتناول الحديث عنها والتعريف بها، وقد كتب أغلبها ابنه محمد، وكتب جزءا منها ابنه حمود، وللتاريخ جزء ثان عبارة عن مذكرات شخصية للمؤلف، كما يتضمن بعض الأحداث التاريخية.

الإيضاح في سيرة طير الفلاح:
وضع المؤلف كتابه "الإيضاح في سيرة طير الفلاح"، ليحكي سيرة أخيه الشيخ ندا بن نهير، وكما أسلفت فقد كان معجبا به للغاية، محبا له، شديد الحزن والحرقة على فراقه، وله فيه عدة مراثي. وهذا يعني أن الكتاب سيتناول، بالتحديد، التاريخ لفترات معينة من النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري، فمن المعروف أن ندا قتل في معركة أم رضمة "المسعري" عام 1348هـ. ورغم أن الكتاب أساسا يتعلق بسيرته، إلا أنه يتناول جوانب أخرى، ويورد معلومات مهمة عن شخصيات كثيرة مثل: الملك عبد العزيز، وابنه الأمير تركي الأول، والملك فيصل، والأمير محمد بن رشيد، والأمير عبد العزيز بن متعب بن رشيد، وابنه الأمير سعود، وحفيده الأمير عبد الله بن متعب، والأمير محمد ابن طلال، وغيرهم من أفراد أسرة آل رشيد، والشيخ جابر الصباح. كذلك، نجد أخبارا تتعلق بالأمير عبد الله بن جلوي والأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي، كما نجد معلومات وأخبارا متناثرة عن عدد كبير من شيوخ القبائل وفرسانها، وعن بعض أعيان الحاضرة، ومن بينهم: عقاب بن عجل، وبرغش وابنه ضاري بن طوالة، وزامل بن سبهان، وسعود الصالح السبهان، وعلي الحمود السبهان، وإبراهيم السالم السبهان وغضبان بن رمال، وعدوان بن رمال، والتمياط، ومطلق بن عايش، وهباس بن هرشان، وفهاد بن مسطح، ونواف بن شعلان، ومطني بن شريم، وفيصل الدويش، وابنه عبد العزيز، وشقير بن ماجد الدويش، ومحمد بن مجلاد "سعران"، وحمود بن سويط، وشفا بن سويط، وضاري بن ضبيبان، وعلي بن عشوان، وصطام أبا الخيل، وطاحوس القرير، وعجمي بن سعدون، ولافي بن معلث، وهندي الذويبي، وعجمي بن سعدون، وابن دغيم، وسلطان بن بجاد بن حميد، وعلوش بن خالد بن تركي بن حميد، ومطلق الجبعا، ونافع بن فضيلة، وعودة أبو تايه، والخريشا، ومثقال بن فايز، وسلطان الفقير، وأبو شامة، وكريم بن عطية، وعلي بن ضويحي بن سويط، ونومان بن مزعل بن سويط، وقاسم بن رخيص، وبرجس بن عردان، وفريح الهمزي، وفريح الهربيد، ومياح الشلاقي، وابن هديب، وهبقان السليطي، وابن حماد، ومشل بن فردان، وشحاذ بن مخيمر، ومنير بن جهيمان، ومعيوف بن ثنيان، ونغيمش بن ثواب القحص.
كما نجد ذكرا لعدد من الشعراء النبطيين ويستشهد بشعرهم في أماكن متفرقة، مثل: المهادي وخلف الأذن، وعلي الطويل، وشالح بن هدلان، وضبيب الصعيليك، ودغيم الظلماوي، ومحدى الهبداني، وعبد الله بن سبيل، وعقاب العواجي، وجهز بن شرار، وعواد بن مطيران الوبيري.
وصورة المخطوطة التي لدي من "الإيضاح في سيرة طير الفلاح" تقع في 194 صفحة، وتتكون من 52 فصلا أو مجلسا كما أسماها في النصف الثاني من الكتاب. وتليها خمس صفحات للفهارس. وللمخطوطة جزء ثان عبارة عن مذكرات شخصية للمؤلف، كما تحتوي على بعض المعلومات التاريخية. وظلت المخطوطة محفوظة عند ابن المؤلف محمد بن عياد النهير لسنوات عديدة، ثم أهداها قبل أكثر من عشر سنوات إلى الملك سلمان، الذي وجه بحفظها في دارة الملك عبد العزيز.
وأستطيع أن أوجز بعض العلامات البارزة في الكتاب، بالنقاط الآتية:
1 - أساس التاريخ يحكي سيرة ندا بن نهير، إلا أنه يتجاوز إلى نواح تاريخية أخرى، وأخبار تتعلق بشخصيات أخرى.
2 - يشتمل الكتاب على معلومات تاريخية جديدة لم أطلع عليها في مصدر آخر.
3 - يحتوي الكتاب على أبيات وقصائد كثيرة للمؤلف ولغيره من الشعراء، بعضها لم ينشر من قبل.
4 - يتميز الكتاب بشروح كثيرة للشعر النبطي.
5 - تعرض الكتاب لعدد من النقاط المهمة والحساسة، وعبر المؤلف عن وجهة نظره بشكل صريح.
6 - يحتوي الكتاب عددا من الرسائل التي بعثها الملك عبد العزيز والأمير سعود بن رشيد وزامل السبهان إلى ندا بن نهير وبعض ردوده عليها.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق