غرابة الانتخاب تمهد لاستثمار ناجح بين ترمب وماكرون

غرابة الانتخاب تمهد لاستثمار ناجح بين ترمب وماكرون

لقد تصافحا بحرارة، ومشيا في انسجام، ثم غرسا شجرة. بعد تسعة أشهر من استقبال إيمانويل ماكرون لدونالد ترمب في يوم الباستيل (العيد الوطني الفرنسي)، مع تخصيص موضع متقدم في الصف الأمامي لمشاهدة العرض العسكري للبلاد وعشاء حميم في برج إيفل، رد الرئيس الأمريكي المجاملة.
كافأ ترامب نظيره الفرنسي في أول عشاء رسمي على مستوى الدولة خلال فترة رئاسته، وهو جزء من علاقة دامت لمدة ثلاثة أيام تم تصميمها بعناية لتعزز علاقة ماكرون معه، بصفته الشريك الأوروبي الأول لرئيس الولايات المتحدة.
كانت هذه الرحلة هي الاجتماع السادس بين الزعيمين، اللذين تحدثا أيضا عبر الهاتف أكثر من عشرين مرة، وشمل تعاونهما الضربات الجوية المشتركة الشهر الماضي في سورية.
وتشمل أهداف ماكرون إقناع ترمب بالبقاء في الاتفاق النووي الإيراني، الذي يهدد الرئيس الأمريكي بمغادرته الشهر المقبل وإعادة النظر في اتفاق المناخ في باريس، الذي انسحبت منه واشنطن العام الماضي.
كلتا المهمتين صعبة على أقل تقدير، لكن الرئيس الفرنسي ينظر أيضا إلى هذه الرحلة، التي وصفها مسؤول فرنسي بأنها رمزية وفرصة لنقل رسائل مهمة، كاستثمار طويل الأجل.
وأضاف المسؤول أن ماكرون عزز الشعور بالمودة مع ترمب، واصفا كلاهما بأنهما سياسيان غريبان "ليس من المفترض أن يتم انتخابهما".
وقال ماكرون لـ "Fox News Sunday": "ربما يكون كل منا مستفردا في سياسته للأنظمة على كلا الجانبين... نحن لسنا جزءا من النظام السياسي الكلاسيكي. "
بالنسبة للبعض، فإن الإطراء والانتباه الذي يدفعه ماكرون يمكن أن ينظر إليه باعتباره من التملق الذليل. غير أن آخرين يجادلون بأنه يمكن أيضا أن يحقق مكاسب سياسية حقيقية، على الرغم من أن الرئيس الفرنسي قد يترك واشنطن بوضع لا يجعل ترمب أقرب إلى البقاء في الاتفاق النووي الإيراني، أو إعادة الانضمام إلى اتفاق باريس بشأن المناخ، أو الابتعاد عن الرسوم الجمركية التجارية الجديدة.
وقال جوليان زيليزر، أستاذ التاريخ والشؤون العامة بجامعة برينستون: "أن تكون الحليف الأساسي لترمب في أوروبا يجعلك مختلفا عن أي زعيم آخر، مشيرا إلى أن ماكرون كان على ما يبدو الزعيم الوحيد في أوروبا الذي كان لديه "بعض الاتصال وبعض القدرة على التأثير في ترمب".
ماكرون، بحسب ما أضافه زيليزر "بمحاولة لاستخدام نفوذه مع ترمب لتهدئته في بعض النواحي التي يختلفون فيها"، بينما من وجهة نظر ترمب، فإن العلاقة كانت مفيدة أيضا.
وقال "إن الرئيس ترمب شخص يحب الناس الذين يحبونه. أعتقد أن القادة الذين استحوذوا على اهتمام ترمب يدركون أنه يحب الأبهة، فهو يريد أن يتم التقرب منه. والذين يتوددون إليه ويعاملونه بطريقة فخمة يجذبون انتباهه".
الفخامة هي الكلمة التي تصلح لوصف زيارة الدولة. قام الرئيسان الأمريكي والفرنسي يوم الإثنين بغرس شتلة طولها 4.5 قدم أخذت من بيلو وود في فرنسا، حيث توفي 9 آلاف من مشاة البحرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الأولى.
جرف الزعيمان التراب وهم مرتدين لبدلاتهم، بينما تنظر زوجاتهما وهما ترتديان الكعب العالي.
جلبت ليلة الإثنين جولة في آثار واشنطن وعشاء خاصا في منزل جورج واشنطن في ماونت فيرنون. وفي صباح يوم الثلاثاء التالي، اجتمعت المجموعة الرباعية لمشاهدة نحو من 500 فرد من الجيش الأمريكي يقومون بأداء استعراض للقوات خارج البيت الأبيض. كانت هناك قبلة ملحوظة بين ترمب وماكرون، ففي حين أن الزعيمين قد خضعا في السابق للفحص بسبب مصافحة طويلة الأمد جرت بينهما، في هذه المناسبة، تجنب ماكرون تكرار ذلك، فاختار بدلا من ذلك إعطاء قبلة خفيفة على خد ترمب على النمط اللاتيني.
وفي وقت لاحق، قام ترمب بنفض "قطعة صغيرة من قشرة الرأس" موجودة على بذلة نظيره الفرنسي.
أقيم حفل العشاء الرسمي في غرفة الطعام الرسمية المزينة بزهر الكرز وأشجار الليلك. للحلوى: تارت النكتارين المملوء بعسل البيت الأبيض والآيس كريم .crème fraîche
وقالت أنيتا ماكبرايد، رئيسة الأركان السابقة لدى السيدة الأولى لورا بوش، إن ترمب خرق البروتوكول بسبب عدم دعوة المشرعين من الحزب المعارض: "لم أكن لأفعل ذلك"، لكنها أضافت أن السيدة ترمب تبدو وكأنها تتعامل مع هذا الحدث مع ثقة بالنفس. وقالت بحماس: "من الواضح أن الاهتمام بالتفاصيل رائع. السيدة ترمب مريحة للغاية وجيدة في ذلك – يمكنك أن تقول ذلك".
أما فيما يتعلق بالسياسة الملموسة التي قد تسفر عن ذلك بالفعل، فقد كان ذلك سؤالا ليوم آخر، مثلما كان مستقبل المودة التي وجدها القادة حديثا.
وكما أشار زليزر: "لمجرد أنه كان لدى ترمب زيارة جيدة الآن، لا يعني أنه لن يصيح ويصرخ على تويتر في وقت لاحق".

الأكثر قراءة