بريطانيا تدرس تأسيس منظومة قمر صناعي منفصلة

بريطانيا تدرس تأسيس منظومة قمر صناعي منفصلة

تعمل بريطانيا على استكشاف خطط لإطلاق نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية كمنافس لمشروع جاليليو الذي تبلغ تكلفته عشرة مليارات يورو ضمن الاتحاد الأوروبي، إثر نزاع متصاعد مع بروكسل حول ما إذا كان يمكن الوثوق بالمملكة المتحدة، حول المعلومات الأمنية الأكثر حساسية في أوروبا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كما سيستلم جريج كلارك، وزير الأعمال البريطاني، مشورة قانونية حول ما إذا كان باستطاعة بريطانيا استعادة 1.4 مليار يورو استثمرتها في مشروع جاليليو منذ إطلاق المشروع في عام 2003، بعد قرار بروكسل الأخير حرمان المملكة المتحدة من الأجزاء الآمنة للمشروع.
أصبح النزاع حول جاليليو أول نتيجة عملية للتصويت البريطاني لمغادرة الاتحاد الأوروبي، ما دفع وزراء بريطانيا إلى موازنة استراتيجية تفاوضية تقوم على مبدأ الأرض المحروقة من أجل استعادة دورها في البرنامج.
دون المشاركة في مشاريع الاتحاد الأوروبي، ستواجه الصناعة البريطانية أسئلة رئيسية حول قدرتها على أن تصبح رائدة في سباق الفضاء العالمي.
وقالت شركة Airbus التي قادت خدمات جاليليو للتحكم الأرضي من بورتسموث في جنوب إنجلترا يوم الثلاثاء الماضي إنها كانت قد التزمت، في إطار سعيها لمواصلة دورها، بأن تشغل كل الأعمال انطلاقا من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال كلارك: "لقد أوضحنا أننا لا نقبل موقف اللجنة بشأن جاليليو، الذي يمكن أن يلحق ضررا بالغا بالتعاون المتبادل المنفعة في أمور الأمن والدفاع. وبالنظر إلى دور المملكة المتحدة المتكامل في البرنامج، فإن أي استبعاد من هذا القبيل قد يتسبب في سنوات من التأخير وزيادة في التكلفة تمتد إلى المليارات".
كجزء من إجراءات الحماية الخلفية لبريطانيا لعكس قرار الاتحاد الأوروبي، تستعد بريطانيا لمنع الموافقة على شراء الدفعة التالية من أقمار جاليليو، المصممة كمنافس لنظام GPS التابع للبنتاجون، في اجتماع برلين لمجلس وكالة الفضاء الأوروبية.
يجب الموافقة على الخطة بالإجماع من قبل الدول الأعضاء في وكالة الفضاء الأوروبية. وكان قد تم تأجيل تصويت سابق في آخر لحظة في شهر آذار (مارس) الماضي، مع تصاعد الخلاف حول مشاركة المملكة المتحدة في العناصر الآمنة في جاليليو. وحذر مسؤول حكومي بريطاني من أنه إذا مضى التصويت قدما، "فسوف نصوت ضده".
ويتطلع الوزراء أيضا إلى ما إذا كانت المملكة المتحدة قادرة على الاستجابة برفض السماح للاتحاد الأوروبي، باستخدام محطات أرضية لجاليليو في منطقتين بريطانيتين فيما وراء البحار، وهي جزر فوكلاند وجزيرة أسنشن في جنوب المحيط الأطلنطي أيضا.
وقال ميشيل بارنييه، كبير مفاوضي مغادرة بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، إن مشروع جاليليو "بحاجة إلى تجهيزه للاستعداد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
وبينما تستثني بروكسل الشركات البريطانية من المشاركة في تطوير بنيته التحتية الحساسة، إلا أن الاتحاد الأوروبي يصر على أن استخدام المملكة المتحدة للجزء المشفر للغاية من نظام جاليليو مفتوح للتفاوض.
وقال بارنييه: "لا يمكن للاتحاد الأوروبي مشاركة معلومات الملكية الخاصة بالأمن مع دول خارج الاتحاد الأوروبي، إلا أن هناك بالطبع طرقا يتعاون بها مشروع جاليليو مع دول ثالثة، وهذه مفتوحة للمملكة المتحدة أيضا".
في خطاب إلى المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي، ألمح كلارك إلى أن المملكة المتحدة ستتخذ إجراءات صارمة إذا لم تتراجع بروكسل عن منع دخول بريطانيا إلى عناصر جاليليو الآمنة.
وقال إن بريطانيا استضافت "البنية التحتية" لخدمات جاليليو، مضيفا أنه يأمل في أن "تواصل المملكة المتحدة القيام بذلك" في إطار شراكة أمنية مع الاتحاد الأوروبي.
ودعا إلى تجميد عمليات التوريد لمدة ثلاثة أشهر في وقت مبكر من هذا الأسبوع، بالضبط قبل أن تكون العطاءات النهائية مستحقة لعقد لإدارة خدمات المراقبة الأرضية لجاليليو.
وأقر متحدث باسم Airbus بالتزام الشركة بتحويل أعمال خدمات المراقبة الأرضية لديها إلى الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي "يعرض 100 وظيفة في بورتسموث للخطر". كما أكد بعض مقدمي العروض الآخرين لصحيفة فايننشال تايمز أنهم كانوا قد قدموا الالتزام نفسه.
وقال كلارك إن الحكومة "ستواصل العمل مع قطاع الفضاء في المملكة المتحدة بشأن هذه القضية، ومن خلال استراتيجيتنا الصناعية الحديثة سنضمن أن المملكة المتحدة يمكنها تحقيق فرص عصر الفضاء التجاري".
ازداد التوتر في الأيام الأخيرة بعد أن رفضت اللجنة التراجع على الرغم من التوسلات المتكررة من قبل لندن، التي حثت على توقيع معاهدة للأمن والدفاع مع الاتحاد الأوروبي بعد مغادرته.

وقال أحد كبار المسؤولين في الحكومة البريطانية: "إنهم لا يتورعون عن أي عمل لتحقيق مرادهم. نحن نبحث في مجموعة من الخيارات، ولكن ما لم يتراجعوا، سننسحب من مشروع جاليليو. نحن نحدد إمكانية إطلاق نظام تابع لنا".
على الرغم من أن ميزانية الدفاع في بريطانيا مجهدة بالأساس، إلا أن الوزراء يدرسون إمكانية تجميع الموارد الحالية، لإنشاء منافس أقل تكلفة لGPS. كما أنهم يتطلعون إلى ما إذا كان بإمكان المملكة المتحدة العمل مع الولايات المتحدة لإنشاء نظام تكميلي وعالي الأمان شبيه بخدمة جاليليو العامة الخاضعة للتنظيم (PRS)، والجزء المشفر للغاية والمصمم لمواصلة التشغيل حتى في حالة ازدحام أنظمة الملاحة الأخرى.
كانت القوات المسلحة البريطانية تخطط لاستخدام جاليليو لاستكمال استخدامها لنظام تحديد المواقع الأمريكي، الذي لا يزال تحت سيطرة واشنطن. الولايات المتحدة، التي عارضت في البداية تطوير جاليليو، تتفاوض الآن حول إمكانية الوصول إلى PRS مثل النرويج.
وقال مسؤولون في الصناعة إن الحكومة تنظر جديا في البدائل التي صممتها المملكة المتحدة، التي يمكن أن تكون أرخص من نهج "رولز رويس" الذي اتخذه مشروع جاليليو.
تقدم المملكة المتحدة بالفعل بعضا من أهم التقنيات بما في ذلك التحكم الأرضي وحمولات الملاحة والتشفير. وكما قال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين "لدينا الخبرة".
كما قال زملاء ديفيد ديفيس، وزير مغادرة بريطانيا، إنه "غاضب" من موقف اللجنة، في حين عقد أولي روبينز، مفاوض بشأن مغادرة بريطانيا من المملكة المتحدة، مناقشات فاترة مع نظرائه في بروكسل الأسبوع الماضي.

الأكثر قراءة