المشراق

الخيول النجدية.. سلالة نقية بشهادة الأجانب

الخيول النجدية.. سلالة نقية بشهادة الأجانب

الخيول النجدية.. سلالة نقية بشهادة الأجانب

الخيول النجدية.. سلالة نقية بشهادة الأجانب

الخيول النجدية.. سلالة نقية بشهادة الأجانب

الخيول النجدية.. سلالة نقية بشهادة الأجانب

تميزت الخيول العربية بمواصفات جعلتها أفضل سلالات الخيول في العالم، ويرى كثير من العارفين والرحالة أن الخيول النجدية هي أفضل سلالات الخيول على الإطلاق، وهذا ما جعل كثيرا من أصحاب مرابط الخيل في العالم العربي وفي الغرب وفي وأماكن أخرى في العالم يحرصون على اقتناء الخيول النجدية، وقد انتقلت مجموعات منها إلى دول العالم، وما زالت أنسابها محفوظة، ويتفاخر ملاكها بأن أصولها نجدية.
قال الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ مبارك ـــ رحمه الله ــ (1253/1310هـ) في رسالته المخطوطة عن أصل الخيل العربية: "أصل الجياد في نجد فقط". ويقول الرحالة البولندي فاتسواف سيفيرين جفوسكي في رحلته لبلاد العرب: "الخيول النجدية وحدها تستحق أن تحمل اسم كحيلان، فهي سلالة نقية غير مهجنة منذ أزمنة سحيقة". وتقول الليدي آن بلنت في رحلتها: "يعرف العنزيون أرسان الخيل التي جلبوها معهم من نجد بأنها نجدية". وقال الرحالة والمستشرق تشارلز داوتي: "وأهل الجزيرة العربية يؤمنون إيمانا راسخا بأن الله خلق سلالة الخيول في أراضيهم، وهم يقولون إن الأصل أو إن شئت فقل: منشأ الخيول في بلاد العرب".
وللرحالة وليام بالجريف حديث مطول عن الخيول النجدية، وذلك عندما زار الرياض عام 1279هــ/ 1862م، ورأى الخيول النجدية، وإسطبل الإمام فيصل بن تركي. يقول بالجريف ما ملخصه: "تمكنت خلال هذه الفترة من مشاهدة الإسطبل الملكي، وتلك فرصة كنت أتحينها وأتحرق لها شوقا، والسبب في ذلك أن الحصان النجدي لا يقل عن سائر أنواع الخيول العربية، التي تتفوق كل سلالاتها على السلالات الفارسية، وسلالة رأس الرجاء الصالح، والسلالة الهندية. ونَجْد هي الموطن الحقيقي للسلالة العربية، أو إن شئت فقل النمط الأعلى، أو النوع الأصيل. هذا هو ما سمعته، وبالتالي هذا هو أيضًا ما أعرفه من واقع خبراتي وتجاربي، برغم علمي بأن المصادر الرسمية لها رأي يخالف هذا الرأي. وعلى أي حال، فإن مجموعة خيول الإمام فيصل، قياسا على المجموعات الأخرى، تحتل المرتبة الأولى بلا منازع، ومن يشاهد هذه المجموعة، فقد شاهد أرقى أنواع الخيول وأكملها، ليس في الجزيرة العربية وحدها، وإنما في العالم كله. وإسطبل الإمام فيصل يقع خارج المدينة، ناحية الجنوب الشرقي، وإلى اليسار قليلا من ذلك الطريق الذي وصلنا الرياض منه أول مرة، كما لا يبعد ذلك الإسطبل عن بساتين عبد الرحمن آل الشيخ، والإسطبل يشغل مساحة مربعة طول ضلعها نحو 150 ياردة، وغير مسقوفة من الوسط، وبداخلها حظيرة تمتد بطول الجدران الداخلية، ويتم ربط الخيول إلى أوتادها، أثناء الليل، في هذه الحظيرة، وخاصة أن عدد هذه الخيول عندما شاهدتها، كان يصل إلى نحو 300 حصان، ويتم فك هذه الخيول أثناء النهار لتتجول في كل أنحاء الإسطبل. كان الجزء الأكبر من هذه الخيول غير مربوط عندما ذهبت مع الصبي إلى الإسطبل، وعلى كل حال كانت قلة قليلة من تلك الخيول، مربوطة إلى معالفها، فلم يكن الندى الغزير الذي يسقط في وادي حنيفة يسمح ببقاء تلك الخيول معرضة ومكشوفة أثناء الليل، وقيل لي أيضا: أن الريح الشمالية التي تهب على هذه المنطقة، بين الحين والآخر، تؤذي هذه الخيول، مثلما تفعل الريح البرية في خيول الهند. شاهدت ما يقرب من نصف خيول الإسطبل الملكي، ولكن بقية خيول إسطبل الإمام فيصل كانت ترعى، ويقدّر عدد خيول الإمام بنحو 600 رأس، أو ما يزيد على ذلك. والعرب لا يفكرون في ربط الخيل من أعناقها، وإنما هم يستعملون طولا بدلا من الحكمة، ويتم وضع حلقة حديدية خفيفة حول رسغ قدم من قدمي الحصان الخلفيتين، ويتم قفل هذه الحلقة بقفل من الحديد، متصل بسلسلة من الحديد طولها يصل إلى نحو قدمين، وتنتهي بحبل مثبت في الأرض على بعد مسافة قصيرة بواسطة وتد حديدي، وهذه هي الطريقة المتبعة في ربط الخيول داخل الإسطبل الملكي، أما إذا كان الحصان من النوع المتعب دائم الحركة، فيتم ربط إحدى قدميه الأماميتين بالطريقة نفسها. ومن المعروف أن الخيول في الجزيرة العربية أقل عنادا وشبقا من تلك التي في أوروبا، ولعل هذا هو السبب في عدم لجوء العرب إلى القيام بعملية الخصي، وكل ما في الأمر أن هذه العملية تعد نادرة جدا، لأنه ليس لها ما يبررها، علاوة على أنها في رأيهم تقلل من قيمة الحيوان.
كانت قامة هذه الخيول منخفضة إلى حد ما، ولا أعتقد أن قامة أي منها تزيد على 15 قبضة، وأنا أرى أن متوسط ارتفاع هذه الخيول لا يزيد على 14 قبضة، ولكن أشكال هذه الخيول وصلت من الدقة والكمال حدا أصبح معه افتقارها إلى الحجم لا يعد نقيصة أو عيبا على الإطلاق. وأكفال هذه الخيول ممتلئة، وأكتافها تنحدر بطريقة جميلة تجعل الإنسان كما يقول الشاعر العربي: يتشوق جنـــــونا إليها، وظهورها صغيرة، بل وصغيرة جدا لتحمل سروجا صغيرة أيضا، ذلك الانحناء الطفيف الذي يوحي بالمرونة في غير ضعف. ورأس عريض من الأعلى، ومستدق من ناحية الأنف، الذي ينطبق عليه قول الشاعر العربي: يشرب من وعاء سعته ثمن جالون، إن قدر لمثل هذا المكيال أن يكون موجودا في نجد. ومظهر الحصان النجدي يوحي بالذكاء والتفرد، وعيناه كبيرتان، وأذنه صغيرة تشبه الشوكة، ورجلاه الأماميتان والخلفيتان تبدوان كأنهما مصنوعتان من الحديد المطروق. والحصان النجدي نظيف جدا، وهو مفتول العضلات، وحافره مستدير وأنيق، وهذا هو ما يصلح للأرض الصلبة. وذيله يمتد على شكل عقد كامل، وشعر ناعم لامع وخفيف، وشعر عنق الفرس أو إن شئت فقل عرفه، طويل بشكل معقول ولكنه ليس كثيفا، ومظهر الحصان النجدي ومشيته تبدو كما لو كانت تقول: ناظرني، فهل أنا لست شعرا؟ إن مظهر هذه الخيول يؤكد شهرتها وذيوع صيتها، وقيمتها، وكل ما قيل فيها من إشعار. واللون الغالب على هذه الخيول هو اللون الكستنائي أو الرمادي، ويندر هنا اللون الكستنائي الفاتح، واللون الحديدي، واللون الأبيض، وكذلك اللون الأسود، واللون الكستنائي الحقيق، وكذلك اللون الرمادي المنقط بنقط ضاربة إلى الحمرة، وكذلك اللون الأرقط غير موجود هنا بالمرة، ولكن إذا سألني سائل عن المميزات الخاصة بالحصان النجدي، فإنني سوف أرد قائلا: هي انحدار الكتف، ونظافة الساق، واستدارة الكفل، برغم أن كل جزء من أجزاء هذا الحصان فيه جمال وانسجام لم تشهده عيناي في أي مكان آخر. وهناك قصص جميلة تروى عن الألفة التي بين العرب البدو على وجه الخصوص وخيولهم، وكيف أنهم يحملون المهر الوليد عند مولده بين أيديهم، ولا يسمحون له بالسقوط على الأرض، وكيف أن هذا المهر الوليد يلعب مع أطفال الأسرة داخل المنزل، وكيف يأكل ويشرب مع صاحبه أيضا، وكيف يعتني به صاحبه عندما يتوعك، انتظارا بلا أدنى شك، أن يرد هذه الجواد الجميل لصاحبه، عندما تسنح له الفرصة بذلك، وحكي الناس لي أيضا: أن الحصان العربي أجمل وألطف وأذكي بكثير جدا من أي حصان آخر (إنجلترا السعيدة)، الذي يبقى حبيس الإسطبل مربوطا، الذي تضوع على عينيه غمامتين، ويظل سجينا طول الوقت، وإن أقر ذلك واعترف به تماما. المؤسف أن الأمور لا يمكن أن تكون غير ذلك، وتنشئة الحصان العربي على الاتصال الوثيق بالإنسان، وإتاحة الفرصة له كي يستعمل حواسه و أطرافه بما يرضيه، يهيئ لهذا الحيوان فرصة الاستفادة إلى أبعد حد ممكن من مشاعر وغرائز أصله الطيب، وهذا أمر قل أن يفشل في معظم الأحيان. وعلى كل حال، فنحن عندما نتناول الظروف الخاصة بحياة الحصان العربي، نجد أنها لا تشكل قاعدة عامة، أو أسلوبا خاصا في تنشئة الخيول وتربيتها، يضاف إلى ذلك أن العربي لن يكون مخطئا عندما يضرب فرسه على أنفها عندما تدس أنفها في طعامه، أو عندما يسمح للطبيعة أن تقوم بدور القابلة، عندما تكون الفرس بحاجة إلى ذلك، ومع ذلك فأنا لا أود القول: إن الطرف والنكات القيمة التي ترد على صفحات كثير من الكتب، قد لا تحدث هنا أو هناك، وإنما يهمني أن اقتبس ما قاله أحد الشعراء العرب: أنا لم أر قط شبيهًا لهذا الجواد، أو سمعت عنه، أما فيما يخصني أنا شخصيا ومن واقع تجربتي الشخصية، فأنا لم أطعم الحصان العربي إلا من يدي، وليس من صحني، سيطرت عليه أكثر من أولئك الذي يسيطرون على أرواح الهوة السحيقة، إذ كان يأتي إلي كلما ناديته، وأنا لا أستطيع تصنيف بقية ما قيل عن هذه الخيول، ولكني لن أتردد في إضافته إلى حكايات الصحراء الكثيرة الأخرى. وبعد أن أمضيت ساعة كاملة، رحت أتجول خلالها بين هذه المخلوقات الجميلة، وبصحبتي هؤلاء الصبية المحترفون المدربون، والذين يستشعرون لذة لحوم الخيل، فحصت الفرس المصابة، وفحصت فرسًا أخرى كانت لا تقبل على الطعام، ووصفت لهما علاجا لن يضر إن لم يفد، وغادرت الإسطبل وأنا أتحرق شوقا إلى معاودة رؤية هذه المخلوقات، التي شاهدتها مرارا بعد ذلك من منطلق كوني طبيبا. وكلما بعدنا ومضينا قدمًا، وتخطينا حدود جبل طويق الشرقية والجنوبية، نجد أن هذه السلالة العربية تتدهور من ناحية الجمال، والاكتمال، والحجم، والقوة. والخيول النجدية مشهورة بسرعتها الفائقة، ومقدرتها على تحمل التعب، والواقع أن الخيول النجدية تنفرد بهذه الخاصة الأخيرة، ومسألة أن يمضي الجواد النجدي 24 ساعة سيرا على الطريق دون طعام، ودون تبرم أو احتجاج، أمر له مغزاه، كما أن مسألة التوقف عن الطعام وأداء العمل نفسه، في جو الجزيرة العربية المحرق، مدة 48 ساعة، تنفرد بها أيضا هذه السلالة من الحيوانات. زد على ذلك، أن هذه الحيوانات تنفرد بميزة معينة، لا علاقة لها بأفواه هذه الخيول، إذ من السهل ركوبها بدون شكيمة أو لجام، وإنما بالاعتماد على إحساس هذه الحيوانات بحركات الركبة ووخز الرّكاب، واستجابتها لأقل وخزة من ناحية، وصوت راكبها من ناحية أخرى، ومن هنا، فإن الخيول النجدية تتفوق بكثير جدا على كل ما تعلمه مدارس الفروسية للخيول الأوروبية، برغم أنها مزودة بالشكائم، واللجائم، بل وبكل شيء، وقد ركبت هذه الخيول النجدية مرارا بناء على عروض من أصحابها، وكنت أركبها بدون سرج أو لجام أو ركاب، وكنت انطلق بها بأقصى سرعة، وأستدير بها فجأة وأجعلها تتوقف فجأة توقفًا كاملا، وكان ذلك يتم بأقل قدر من الصعوبة، وبأقل قدر من التوافق بين حركات الحصان وما أريده أنا. وهذا يرجع في معظمه إلى نظام التنشئة العربية للخيول، الذي يتفوق على النظام الأوروبي، من حيث أنه يغرس في هذه الحيوان غريزة المرونة والطواعية. وعلاوة على ذلك، فإن سرعة الجواد لا قيمة لها، إذا لم تكن مرتبطة بهاتين الخاصيتين، والسبب في ذلك، أن الارتداد المفاجئ وليس المضي قدما سواء أكان في سباق للخيول العربية في المطاردة أو الحرب، هو القاعدة وهو الأساس، وهذه النوعية من التدريب مطلوبة أيضا لمسابقة الجريد، ذلك الدوري الذي يقام في الشرق، الذي شاهدته في نجد، ووجدت أنه لا يختلف في شيء عن العروض المماثلة، التي تقام في كل من سورية ومصر، باستثناء أن الجريدة نفسها تكون أخف قليلا. وينبغي أن أشير هنا إلى أن هضاب نجد الصخرية تحتم بيطرة حوافر الخيل بصورة دائمة، ولكن حذوة الفرس هنا من النوع البدائي الثقيل، وهم يقومون هنا بتقشير الحافر بعض الشيء، كما أنهم يثبَّتون الحدوة بستة مسامير. ولولا جودة الحواف، لأفسدت البيطرة النجدية كثيرا من هذه الخيول الجميلة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق