FINANCIAL TIMES

علاج مناعي يعيد الأمل لضحايا سرطان الرئة

علاج مناعي يعيد الأمل لضحايا سرطان الرئة

من المنتظر أن يصبح العلاج المناعي ترياقا للغالبية العظمى من مرضى سرطان الرئة بعد أن أثبتت تجارب سريرية أجرتها شركة ميرك لصناعة الأدوية أن إضافة دوائها الجديد إلى العلاج الكيماوي عززت من فرص بقاء المرضى على قيد الحياة.
خلافاً لأدوية سرطان الرئة التقليدية يعمل العلاج المناعي على تشجيع جهاز المناعة في الجسم على مهاجمة الأورام. وقد رحب اختصاصيو مرض السرطان بهذا العلاج باعتباره واحداً من أكبر التطورات في العقود الأخيرة.
بعض المرضى من الذين تم تشخيص إصابتهم بسرطان الرئة حديثا تلقوا بالفعل نوعا من العلاج المناعي يحول دون إنتاج بروتينات معينة تنتجها الخلايا السرطانية، إذا كان لدى أورامهم مستويات عالية من بروتين يعرف بـ PDL1. غير أن العلاج القياسي بالنسبة لغالبية هؤلاء المرضى هو العلاج الكيماوي.
لكن يبدو أن ذلك في سبيله إلى التغير بعد نشر نتائج تجربة سريرية كبيرة على المراحل الأخيرة لهذا المرض الأسبوع الماضي في شيكاغو خلال الاجتماع السنوي للرابطة الأمريكية لأبحاث السرطان.
أظهرت الدراسة أن الجمع بين العلاج الكيماوي والعلاج المناعي "كيترودا" الذي تنتجه شركة ميرك زاد بصورة ملموسة من معدلات البقاء على قيد الحياة بالنسبة للمرضى الذين يعانون نوعا شائعا من الأورام يُعرف بسرطان الرئة غير الحرفشي وغير صغير الخلية NSCLC.
المرضى الذين تلقوا كيترودا إضافة إلى العلاج الكيماوي كان احتمال وفاتهم أقل بنسبة 51 في المائة أثناء التجربة من الذين تلقوا علاجاً كيماويا فقط، وذلك بحسب الدراسة التي شارك فيها 616 مريضاً.
بحسب الدكتورة لينا غاندي، اختصاصية الأورام في مركز لانجون الطبي في جامعة نيويورك، التي قادت الدراسة "تشير البيانات السريرية إلى أن هذا المزيج العلاجي هو معيار جديد للرعاية بالنسبة للخط الأول لعلاج هؤلاء المرضى".
وقال الدكتور روجر بيرلميوتر، كبير العلماء لدى ميرك، إن النتائج "التي لا لبس فيها" فاقت توقعات الشركة. وأضاف: "باعتباره علاج الخط الأول، هذا أفضل شيء عرفناه حول هذا الموضوع".
مع ذلك، لا يزال هذا المزيج العلاجي يُثقِل المرضى بالآثار الجانبية المنهكة وأحيانا التي تشكل خطرا على الحياة، المرتبطة بالعلاج الكيماوي.
وتعني هذه الاكتشافات أنه من الآن فصاعدا أن أغلب مرضى سرطان الرئة غير المعالَجين من قبل سيُعطَون علاجاً مناعياً بشكل افتراضي. وسيكون السؤال عند ذلك هو ما إذا عليهم تلقي العلاج الكيماوي كعلاج ثان، أو ما إذا كان من الممكن تجنيبهم نهائيا اللجوء إلى هذا العلاج المؤلم.
يقول الدكتور بيرلميوتر إن المرضى الذين لديهم مستويات عالية من بروتين PDL1 - من الذين يغلب عليهم أن يستجيبوا بشكل جيد جدا للعلاج المناعي لوحده – ربما يكون بمقدورهم تجنب العلاج الكيماوي، خاصة إذا كانوا من العجزة أو المسنين.
ويضيف: "أعتقد أن كثيرا من هذا له علاقة بالحالة الصحية للفرد. هذا قرار شخصي جداً، لكن الحقيقة هي أن الفرق العجيب عند جمع العلاجين سيجعل الناس تواقين لاستخدام المزيج". التجربة الأخيرة تقوي مركز شركة ميرك وتجعلها في مقدمة السباق في تقديم العلاج المناعي لمرض سرطان الرئة الذي يُنظَر إليه على أنه أكثر الأسواق ربحاً، نظرا للعدد الهائل من الذين يعانون هذا المرض، إذ يتم تشخيص نحو 1.8 مليون شخص في العالم سنويا من المصابين بسرطان الرئة غير الحرفشي وغير صغير الخلية، أكثر من 200 ألف منهم في الولايات المتحدة.
يشار إلى أن شركة بريستول مايرز سكويب وشركة أسترا زينيكا وغيرهما من شركات صناعة الأدوية طورت هي الأخرى مثبطات مناعية تعمل على إزالة الكوابح من جهاز المناعة بحيث تجعله قادراً على مكافحة السرطان.
وقد تمت الموافقة على هذه المثبطات لعلاج عدة أنواع من السرطان، منها سرطان الجلد والمثانة والكبد. ويتوقع محللون أن تولد هذه الفئة من الأدوية ذروة مبيعات تصل إلى أكثر من 34 مليار دولار بحلول عام 2022. وكانت استجابة المستثمرين لهذه التجارب هي بيع أسهم شركة بريستول مايرز، وهي المنافس الرئيسي لشركة ميرك في مجال العلاج المناعي، الأمر الذي دفع بسعر سهمها إلى أدنى 6.8 في المائة أثناء التداول في الفترة الصباحية في نيويورك، ما قضى على أكثر من ستة مليارات دولار من القيمة السوقية للشركة.
في المقابل، الأسهم في ميرك، التي ارتفعت قيمتها في الأيام التي سبقت نشر نتائج هذه التجارب، كسبت 2.8 في المائة. تجربة دواء شركة ميرك تقدم دعما قويا للنظرية التي تقول إن اقتران أدوية العلاج المناعي مع علاجات أخرى يمكن أن يزيد من عدد المرضى الذين يستجيبون للعلاج. المهم في الأمر هو أنه حتى المرضى الذين لديهم مستويات منخفضة من بروتين PDL1 ـ وهم من الذين لا يستجيبون عادة للعلاج المناعي - استفادوا من تشكيلة الأدوية المذكورة. وتبين أن هؤلاء أقل احتمالاً للوفاة أثناء فترة الدراسة بنسبة 41 في المائة، مقارنة بالذين يأخذون العلاج الكيماوي وحده.
ومع ذلك عانت نظرية الجمع بين العلاجات انتكاسة كبيرة في الأسابيع الأخيرة عندما فشلت تجارب كانت تجريها شركة ميرك يتم فيها جمع علاجها مع دواء أنتجته مجموعة التكنولوجيا الحيوية "إنسايت".
كذلك نشرت بريستول مايرز سكويب دراسة تبين أن الجمع بين نوعين من علاجاتها التي تستخدم المناعة الذاتية يمكن أن يطيل الفترة الزمنية التي لا يزداد فيها سوء المرض لدى مجموعة فرعية من مرضى سرطان الرئة. مرضى سرطان الرئة الذين تعرضت أورامهم لقدر كبير من الطفرات الجينية، في حال أخذوا الدوائين اللذين طورتهما الشركة، عاشوا لمدة 7.2 شهر قبل أن يبدأ سرطانهم في النمو، في مقابل 5.5 شهر للمرضى الذين كانوا يعالجون بالعلاج الكيماوي.
لكن من غير الواضح ما إذا كان أطباء الأورام والمرضى سيختارون المزيج الذي تصنعه بريستول مايرز الآن بعد أن أثبتت ميرك وجود هذا الأثر الكبير للغاية في المعدل الإجمالي للبقاء على قيد الحياة، نتيجة إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيماوي.
أشار تحليل مبكر لدراسة بريستول مايرز، التي لم تنته حتى الآن، إلى أن المجموعة الفرعية من المرضى الذين يعانون قدرٍا عالياٍ من "عبء الورم كثير الطفرات" كانوا أقل احتمالا للوفاة خلال التجربة من الذين يأخذون العلاج الكيماوي.
هذه النتيجة تقارَن بانخفاض خطر الوفاة إلى النصف لدى جميع المرضى المشاركين في تجربة ميرك.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES