FINANCIAL TIMES

التلاعب بجينات الشعر يزيد خطر الإصابة بالسرطان

التلاعب بجينات الشعر يزيد خطر الإصابة بالسرطان

أجرى فريق علمي دولي مسحا للحامض النووي DNA لدى 300 ألف شخص لفهم الأصل الجيني للون الشعر، ووجد أن الأمر عندما يتعلق بالأشخاص الذين هم من أصل أوروبي، فإن الطبيعة تفضل الشقراوات والرجال السمر.
قال البروفيسور تيم سبكتور، من كينجز كوليدج في لندن، الرئيس المشارك لفريق البحث: "وجدنا بشكل ملموس أن النساء لديهن شعر ذو لون فاتح بنسبة كبيرة لا يستهان بها، وهذا دلالة على أهمية الممارسات الثقافية والميول الجنسية في تشكيل جيناتنا وتكويننا البيولوجي".
اكتشف البحث الذي نشر في مجلة "نيتشر جيناتيكس" Nature Genetics وجود 111 جينا جديدا تؤثر في صبغة الشعر، على رأس قائمة من 13 جينا كانت معروفة سابقا. ومن الممكن أن تكون لهذه الدراسة تطبيقات طبية، على اعتبار أن بعض هذه الجينات المرتبطة بلون الشعر أيضا لها علاقة نوعا ما بخطر حدوث بعض أنواع السرطان وأمراض المناعة الذاتية. كما أنها ستساعد علماء البحث الجنائي على إعادة تشكيل مظهر أشخاص غير معروفين من خلال الحامض النووي المتروك في مسرح الجريمة.
وفي حين أن جينات الشعر الفاتح - والشعر الأحمر - أكثر نشاطا في النساء، فإن جينات الشعر الغامق أكثر نشاطا في الرجال. ويقول البروفيسور سبكتور: "الاحتمال في أن يكون لدى الرجال شعر أسود أكبر ثلاث مرات من النساء".
ويضيف: "عملنا هذا يساعد على فهم أسباب تنوع جنسنا البشري من حيث المظهر، وذلك بإظهار الكيفية التي شاركت بها الجينات في صبغ الشعر التي تكيفت بصورة دقيقة مع البيئات الخارجية وحتى مع التفاعلات الاجتماعية خلال تطورنا".
وحلل الباحثون بيانات 300 ألف من الراشدين الذين قدموا عينات من الحامض النووي إلى "يو. كيه. بيوبانك" UK Biobank في المملكة المتحدة وإلى 23andMe، وهي شركة تكنولوجيا حيوية في ماونت فيو في كاليفورنيا، وكذلك إلى التجمع الدولي لجينات الخصائص المرئية International Visible Trait Genetics Consortium. وقد تم التركيز على الأشخاص ذوي الأصول الأوروبية، لأن لون شعرهم أكثر تنوعاً من شعر الأفارقة أو الآسيويين أو الهنود الحمر الأمريكيين الذين لديهم عادة شعر أسود.
وأغلب المشاركين في الدراسة قيموا لون شعرهم الطبيعي على أساس مقياس مشترك "أشقر، أحمر، بني فاتح، بني غامق، أو أسود"، ما أثار احتمال التحيز في الإبلاغ الذاتي في حال رغبت المزيد من النساء في اعتبار أنفسهن من الشقراوات، أو من ذوات الشعر الفاتح. لكن يقول الباحثون إن الآثار التي عثروا عليها كانت ملحوظة فوق الحد على نحوٍ يفيد بأنها ليست نتيجة التحيز، وتم إثبات صحتها من قياسات موضوعية للون الشعر في مجموعات أصغر من المتطوعين.
ويؤثر 124 جينا في لون الشعر من خلال تغيير كمية، أو نسبة، أو توزيع صبغتين، هما اليوميلانين والفيوميلانين، اللتين تنتجهما "خلايا تخليق الميلانين في الجلد" ـ الدراسة لم تبحث في جينات الشيب أو الصلع.
وينشأ لون الجلد من عملية مماثلة تشمل صبغات الميلانين. كان الجلد غامقا جدا في أسلافنا من البشر لحمايتهم من الأشعة فوق البنفسجية، لكنه أصبح فاتحاً أكثر بعد أن انتقل الناس إلى أماكن أعلى واحتاجوا إلى امتصاص مزيد من الأشعة فوق البنفسجية للحفاظ على مستويات كافية من فيتامين دي. ويمكن أن تساعد هذه الدراسة الجديدة العلماء في فهم السبب في تطور لون الشعر ليصبح فاتحاً أكثر عند الأوروبيين، على الرغم من تطوره بطريقة أكثر تباينا.
ويتوقع العلماء أيضا أن تكون للبحث استخدامات عملية أكثر. يقول مانفريد كايسىر، البروفيسور في جامعة إيراموس إم. سي. في روتردام، وهو المؤلف المشارك الآخر للدراسة: "إلى جانب تعميق فهمنا بشكل لا يستهان به لجينات الصبغ في الجنس البشري، فإن الكشف عن جينات لون الشعر الجديدة أمر مهم من ناحية زيادة دقة توقع لون الشعر من الآثار المتبقية من الحامض النووي في تطبيقات البحث الجنائي في المستقبل، الأمر الذي يمكن أن يساعد على معرفة متورطين مجهولين في الجريمة".
البروفيسور سبكتور مهتم أكثر بالكشف عن العلاقة بين جينات الصبغ والمرض. والارتباط الأكثر وضوحاً يظهر مع الميلانوما؛ سرطان الجلد النشط الذي يبدأ على شكل شامات مصبوغة باللون الغامق. وهو يقول: "الجينات التي تؤثر في لون الشعر، تؤثر أيضا في أنواع أخرى من السرطان، في حين أن جينات صبغية أخرى تؤثر في فرص حدوث مرض كرون وأشكال أخرى من أمراض الأمعاء".
ويرى البروفيسور سبكتور إن الصلات الآخذة في الظهور بين الجينات الصبغية وقابلية الإصابة بأمراض معينة ينبغي أن تكون نذيرا لأي شخص يفكر في تطوير علاج جيني بهدف تغيير لون شعره.
ويقول: "يتبين أن العوامل الجينية وراء لون الشعر أكثر تعقيدا بكثير مما كنا نتخيل. ولأن لهذه الجينات وظائف متعددة، فإنك قد تزيد خطر إصابتك بأمراض المناعة الذاتية أو السرطان إذا حاولتَ التلاعب بها".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES