التعنيف.. من جديد

التعنيف.. من جديد

بالرغم من الانفتاح الحقوقي، ومن مرحلة القوة التي تعيشها النساء اليوم، إلا أن التجاوزات ضدها ما زالت مستمرة بشكل شنيع مؤذ لكل ذي قلب حي رحيم. ما زال الرأي العام يتداول عديدا من قصص التعنيف الذكوري على المرأة، وآخرها قصة معنفة حرك صوت استغاثتها غيرة الرحماء عليها وعلى أمثالها ممن يتعرضن بصمت للظلم والتعدي بشكل شبه يومي، كأسلوب حياة يعتقدون أنه لا مفر منه. الأطراف الملامة في مثل تلك القضايا متعددة، فالقانون ملام على قصوره في حفظ حق الضعفاء ممن لا يملكون حيلة في دفع الضر عن أنفسهم، والمجتمع ملام في لوم كل من ــ تتمرد بزعمهم ــ على الأعراف والتقاليد وتتقدم بشكوى ضد معنفها، الذي غالبا ما يكون من أقرب أقربائها، والمعنفة ملامة على سكوتها واستجابتها لصوت المجتمع بالامتناع عن اتباع الطرق النظامية في حفظ نفسها، والشاهد على التعنيف ملام على سكوته عما رأى وسمع بدعوى احترام خصوصية الغير والبعد عن المشكلات مع الأقرباء والجيران. التعنيف في مثل مجتمعاتنا القبلية مسألة شائكة لا بد أن تحل بقوة النظام وسلطة القانون أولا، ثم بالتوعية بالحقوق والدعم المعنوي والنفسي للضحايا ودفعهم خطوات للأمام، أولها الإيمان بحقها في حياة كريمة لا سلطة مطلقة للتأديب فيها لأحد عليها، وآخرها حمايتها من المعنف، وهنا مربط الفرس! فكثير من المعنفات يمنعهن من الإبلاغ عن التعنيف والاعتراف به كون معنفها هو وليها، وهذا للأسف أعتبره وقوفا في صف المعنف وتواطؤا على المعنفة .
يجب أن تؤمن المرأة بأنه مهما كانت عليه، ومهما اقترفت من أخطاء فهذا لا يعد ــ لا شرعا ولا قانونا ــ مسوغا لأحد بالتمادي في تعنيفها ولا الاعتداء عليها بأي شكل من أشكال التعنيف والاعتداء، وأن تستحضر دائما أن: "المؤمن القوي، خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".

الأكثر قراءة