سرقة المصلين

أذكر أن كثيرا ممن يؤدون صلاة الميت ويتبعون الجنائز يحذرون الأشخاص دوما للانتباه لما في جيوبهم خصوصا الأموال وأجهزة الاتصال، كل ذلك خوفا ممن يستغلون الزحام لتنفيذ جريمة أقل ما يقال عنها إنها بعيدة كل البعد عن الأخلاقية والإنسانية واحترام المكان والزمان. ففي موقف كهذا يكون أغلب الماشين خلف الجنازة في حالة من الحزن والتفكر والألم الذي قد يجعل ما في جيوبهم أقل اهتماماتهم وهم يشاهدون أحبتهم يحملون على الأكتاف لمثواهم الأخير.
هل رأيتم مثل هذه الدونية والقسوة، لا أستطيع أن أعطي مثل هذا التصرف كلمة توفيه حقه.
قيام مجموعة من الأشخاص بسرقة المصلين أمام بوابة أحد الجوامع كان واحدا من أشهر المقاطع التي انتشرت على مواقع التواصل في طول البلاد وعرضها، الانتشار لا يعني الموافقة وإنما يعني في بعض الأحيان الشجب والاستنكار والتحذير وهو ما يمثله تناقل الناس لهذا المقطع.
قد يكون الهدف الأهم الذي يجب أن ينتبه له الجميع هو توعية الناس وخصوصا كبار السن عن مثل هذا السلوك المشين في موقع أقل ما يقال عنه إنه مركز الروحانية والتعلق بالآخرة. هذا الهدف مهم، ولكن ما فعلته شرطة مكة المكرمة أثلج صدر كل مراقب، فقد كشفت هؤلاء وعاقبتهم بما يستحقون، وأوجدت الوسيلة الحقيقية لكشف أصحاب المشاريع والمآرب الفاسدة.
ما أسهم في تحقيق النجاح وكشف المجرمين هو وجود كاميرات مراقبة سمحت بالتعرف على وجوه المعتدين والوصول إليهم ــ بالتالي، وهو ما نؤكده دوما من أهمية هذه الأدوات البسيطة وقليلة التكلفة في تحقيق أهداف كبيرة. ها هي تسهم في تحقيق الأمن في المسجد والشارع والمجمع التجاري والمصنع. كل هذه المواقع تتحول إلى مواقع آمنة.
هذا يستدعي أن تستمر عمليات دعم نشر الكاميرات في كل المواقع فهي خير لا شر فيه، ويمكن أن تكون الوسيلة الأسمى لتحقيق أمور تتجاوز كشف الأخطاء وإنما حتى التعرف على الإيجابيات والسماح بالتحقق من مسير الحوادث الذي قد تكون نهاياته مخالفة تماما لبداياته ومجرياته، كلنا شاهدنا الكاميرا التي صورت اللص الذي قام بحماية صاحب المحل التجاري من اعتداء شخص كان يحمل سلاحا يمكن أن يفتك بالاثنين.
كان العقاب سيطول اللص لو لم تكن هناك كاميرا, ولكنه نجا بسبب مقطع بسيط صور الحدث وكل المشاركين فيه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي