محمد بن سلمان: «الحُسنى» طريقتنا و«العقول العظيمة» غايتنا

محمد بن سلمان: «الحُسنى» طريقتنا و«العقول العظيمة» غايتنا

حوار جديد وجريء أجرته مجلة ذَا أتلانتيك الأمريكية الشهيرة يضاف لرصيد شفافية ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان من جهة، ولرصيد صفاء وطن لطالما كانت تفاصيله الاجتماعية والسياسية محل شغف الإعلام الغربي بسبب التشويش المتعمد من قبل جهات إعلامية معادية "جارة" وبعيدة. إذ لم تكن هذه التفاصيل لتجد من يأخذ بيدها، حيث منابع الإجابات الشافية الواضحة حتى قُوّض لها أمير شاب يحمل همة عالية وثقافة واسعة مكنته من أن يكون ندا لمحاورين كثر، آخرهم الصعب والمتمرس في شؤون المنطقة وخفاياها جيفري غولدبيرغ.
رحابة صدر
لقاء مفتوح وحوار مطول يدل رغم تكرار كثير من الأسئلة على رحابة صدر الأمير وعلى هدفه الأسمى من القبول بمثل هذه الحوارات حيث الإدراك المسبق بضرورة جلي الصورة القاتمة لدى بعض الغربيين. والتصدي لكثير من الشبهات بالحجة التاريخية والإحصاء الرقمي والتشبيه الثقافي، الذي يلامس موروث الآخر، بل يوقظ مخاوفه إذا لزم الأمر. كالتأكيد على تشبيه خامنئي الشرق الأوسط والعالم بهتلر أوروبا. أو التصحيح المباشر لمفاهيم المحاور غولدبيرغ تجاه مصطلحات من قبيل الوهابية أو الملكية المطلقة.

حُكم المشاركة
فغولدبيرغ لم يكن هو أيضا بمعزل عن الشُبه المكررة والمآخذ ذاتها التي يرددها كثير من الغربيين حول السعودية وخلط الغاية بالطريقة. إلا أنه اختلف عن الآخرين باستدراكات جافة مقصودة لم تستطع النيل من ثبات الأمير ومعرفته عند حديثه عن هذه البلاد منذ لحظات التأسيس الأولى التي اجتمعت لها الكثير من "العقول العظيمة" من أبناء الجزيرة العربية بحسب وصف ولي العهد أي الحكم بالمشاركة وليس بغلبة فرد أو أقلية، وصولا إلى منهج البلاد الماضي والحالي المُستقى من إسلامها المعتدل، حيث "الحسنى" منهج رباني لا تحيد عنه المملكة لإعلاء كلمة الله والدفاع عن أراضيها وأشقائها تجاه أطماع "مثلث الشر" من "إخوان" وملالي وإرهاب، الساعين دوما لبسط نفوذهم بذرائع أيديولوجية دينية عنيفة ومتطرفة بينما إسلام الحسنى بريء منها وبعيد عنها كل البعد.

نيّات سيئة
ولعل أكثر لحظات اللقاء مفارقة بالنسبة لغولدبيرغ وغيره من المراقبين الغربيين السياسيين والاجتماعيين المنمطين تجاه السعودية، تفنيد ولي العهد لمصطلح الوهابية الذي لم تختره المملكة لنفسها أو لدعوتها التأسيسية، بل اختاره لها أصحاب نيات سيئة أرادوا عزلها عن محيطها الإسلامي والعربي عبر مصطلح سيق له الكثير من الدعاية المغرضة على شكل أبحاث فقهية وثقافية إقليمية التقطها المستشرقون وبعض السياسيين والإعلاميين في العالم الغربي بكثير من الترديد الساذج كمقولات نمطية يسهل دس سم عدائها وتحريضها في عسل القراءات والمقولات الشائعة.
إلا أن رفض ولي العهد لهذا المسمى وإعادة الجواب لمرمى المحاور على شكل سؤال عدة مرات كان صادما إيجابا بما يكفي ليراجع السائل والكثير من المنمطين تجاه السعودية مقولاتهم أو بالأصح مقولات غيرهم التي باتوا يحملونها ويروجون لها بلا إدراك أو وعي كافيين رغم خلفياتهم المؤثرة في الرأيين العام الغربي والعالمي بوصفهم كتابا وإعلاميين وسياسيين.

حروب «التضليل»
قد يكون كثير من إجابات ولي العهد من المسلمات بالنسبة للمواطن السعودي الذي ذاق ولا يزال ثمرة الوحدة والأمن ولم الشمل والتعايش السلمي بعد عقود من الشتات. ولكنها بكل تأكيد تحتاج إلى لقاءات متعددة مع الآخر المختلف لمجابهة سيل من التضليل والعداء المدفوع بأجندات إعلامية مغرضة دُفع من أجلها الكثير ماليا ومعنويا بغرض تشويه الحقائق عبر حروب إعلامية لا هوادة فيها لم تتوقف يوما حتى مع توقف المعارك الميدانية شمالا أو جنوبا.
وفي المقابل، تأتي حوارات وتصريحات ولي العهد في كل مرة كرأس حربة لا غنى عنها بثقلها السياسي والاقتصادي، فضلاً عن الاجتماعي، إذ تصدر عن مسؤول وشاب تواق للتعلم ومحاط بـ "الأذكياء" على حد وصفه من أجل اختزال فروقات العمر والتجربة وعقبات طريق "الحسنى" الذي لن يوقفه شيء إلا "الموت". أطال الله في عمر الأمير ومتعه بالصحة ووفقه لما فيه مصلحة الوطن والمواطن.

الأكثر قراءة