الرياض وواشنطن.. الشراكة المتكاملة

الاتصال الذي تم بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أكد مرة أخرى تاريخية الزيارة (الجولة) لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، للولايات المتحدة، على رأس وفد كبير متنوع يغطي كل الجوانب الخاصة بالعلاقات (الخاصة أيضا) بين الرياض وواشنطن. هذا الاتصال، منح العلاقات دفعة جديدة. فقد جرى بين أعلى قمة السلطة في كلا البلدين، وبين قائدين رسما معالم تاريخية جديدة لعلاقات بلادهما مع بعضهما بعضا، ولعلاقة البلدين نفسيهما مع العالم كله. ويمكن النظر إليه أيضا على أنه مباركة من خادم الحرمين الشريفين لوفده بقيادة ولي عهده، وشكر منه للرئيس الأمريكي على الحفاوة التي حظي بها وفد المملكة على امتداد تحركاته على الساحة الأمريكية، وهي كثيرة ومتنوعة وعميقة واستراتيجية.
المحطات كثيرة للزيارة (الجولة)، وأهم ما فيها أنها محطات استراتيجية بعيدة عن البروتوكولات المستهلكة. حددت أطرا عامة وخاصة لمختلف القضايا المطروحة بين البلدين، على جميع الأصعدة، السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية والتقنية والتعليمية والتدريبية. كما أنتجت شراكات استراتيجية تصب جميعها في "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. وهي، شراكات قائمة على المصلحة المتبادلة، فضلا عن أنها تمثل أساسا جديدا (أو متجددا) للعلاقات الشاملة بين الرياض وواشنطن. وهذا بدا واضحا من خلال الاهتمام غير المسبوق للجهات الأمريكية المختلفة بالزيارة، بل اهتمامها أيضا بوجود ولي العهد، الشاب المتجدد المنفتح المرن، على رأس عملية البناء الاستراتيجي في بلاده. فالمسؤولون الأمريكيون قالوا ذلك علنا، ما عزز العلاقات أكثر وأكثر بينهم وبين القيادة السعودية بشكل عام.
التفاهمات كبيرة ومتنوعة، من القضية الفلسطينية إلى أزمة اليمن الحالية، مرورا، طبعا، بالنظام الإيراني الإرهابي، الممول الرئيس لكل أشكال الإرهاب في المنطقة وخارجها. والمملكة لم تغير في الواقع من مواقفها حيال كل القضايا التي بحثت، وإنما حصلت على موقف أمريكي جديد يؤيد هذه المواقف الثابتة. وعلى صعيد الحرب على الإرهاب، كان التطابق في أعلى درجاته، والتناغم في هذا المجال واضحا منذ زمن بين البلدين المحورين، خصوصا أن السعودية كانت سباقة في إطلاق هذه الحرية بأشكال مختلفة، بما فيها ملاحقة الجماعات المتطرفة والتمويل، والأهم، الوقوف في وجه نظام الملالي الإيراني الذي يسعى إلى تشكيل إمبراطورية إرهاب حقيقية، من خلال تحالفاته مع أغلبية المنظمات الإرهابية.
تحقق الكثير على الساحة في المنطقة نتيجة التفاهمات المتطابقة بين السعودية والولايات المتحدة. وفي ظل هذه الزيارة (الجولة)، وضعت أسس جديدة على الصعيد السياسي، تحاكي حلولا مطلوبة منذ عقود لبعض المشكلات العالقة. والمملكة بوضعيتها المحورية، إقليميا وعالميا، قادرة مع الدول صاحبة القرار حول العالم، أن تصل إلى نهايات مقبولة لكل القضايا المطروحة، خصوصا أنها (أي المملكة) لا تتفاوض على المبادئ، بصرف النظر عن أي اعتبارات، بل تعمل من أجل أمن واستقرار وأحقية الشعوب في المنطقة في العيش الكريم. وزيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كانت بمنزلة القوة الجديدة للمضي قدما نحو تحقيق الأهداف التي تسعى إليها الدول الطبيعية، لا البلدان الإرهابية وأولها إيران.
القيادتان السعودية والأمريكية، تنطلقان الآن بزخم متجدد نحو آفاق لا حدود لها. وهما تصنعان في الواقع ما يسعى إليه المجتمع الدولي قاطبة. يجري كل هذا، وأكثر، والسعودية تمضي قدما في بنائها الاستراتيجي الاقتصادي الذي سيكفل لها مزيدا من القوة، ومزيدا من الرخاء لشعبها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي