Author

غادة المطيري .. معلم من معالم العقل السعودي المبدع

|
تتسابق الدول هذه الأيام في اكتشاف المبدعين الوطنيين وتكوين مجموعات عمل من رواد الأعمال والعقول المبدعة، التي تضطلع بمسؤولية الابتكار، وتسريع وتيرة التنمية، وحل مشكلات المجتمع. والمملكة العربية السعودية، وهي بصدد تنفيذ "رؤية 2030"، تعتبر إحدى الدول التي تولي هذا الموضوع اهتماما كبيرا، لأن الرؤية السعودية تعتمد اعتمادا كبيرا على الابتكار والحلول غير التقليدية. والواقع أن المرأة السعودية كانت عبر التاريخ ومازالت صاحبة مواهب عظيمة، ولكنها عانت في العقود القليلة الماضية التضييق عليها وعدم إتاحة الفرص أمامها كي تعبر عن مواهبها وتمارس ابتكاراتها، ومع التضييق على المرأة السعودية فقدنا كثيرا من الموهوبات اللائي لم يستطعن أن يعبرن عن مواهبهن، فظلت مجهولة حتى تلاشت تماما. ولذلك، حينما تحققت للموهوبات السعوديات فرص التعبير عن مواهبهن في الجامعات الأمريكية، أو الجامعات الأوروبية، أبدعن واستطاع عدد غير قليل منهن أن يعبرن عن إمكاناتهن العلمية وابتكاراتهن العقلية الفريدة، التي وجدت من الجامعات الأجنبية الدعم والتشجيع والتقدير. والمملكة تعمل على التقاط مزيد من النوابغ من الرجال والسيدات في مجالات العلوم المختلفة، لأن المرحلة التي نعيشها هي، مرحلة مجتمع المعرفة والعلوم وتقنية المعلومات. ونذكر من الموهوبات السعوديات اللائي نفتخر بهن ــ على سبيل المثال ــ البروفيسورات، غادة مطلق المطيري، وحياة سندي، ومشاعل الشميمري، وخولة الكريع، وغيرهن كثر من العقول السعودية، التي تثري الإنجازات العلمية العالمية في كبريات الجامعات في العالم المتقدم. مع الأسف، لو بقيت هذه العقول في السلك التعليمي المحلي ما تجاوزت وظيفة معلمة وليس عالمة عالمية. وفي هذا المقال، نحن نتحدث عن السعودية الموهوبة، البروفيسورة غادة المطيري، التي درست في كلية أوتشيدنتال الأمريكية، وحصلت على درجة البكالوريوس في الكيمياء، ثم التحقت بجامعة كاليفورنيا ريفرسايد، وحصلت على الدكتوراه في كيمياء المواد، مع التركيز على إلكترون ديوكاليزاتيون والبنية الجزئية. ولم تكتف غادة المطيري بهذا المستوى العلمي الرفيع، بل واصلت دراسات ما بعد الدكتوراه في الكيمياء والهندسة الكيميائية في واحدة من أهم الجامعات الأمريكية الكبرى وهي، جامعة كاليفورنيا بيركلي، وبعد أن تفوقت وتخرجت عينت في جامعة كاليفورنيا سان دييجو مديرة التميز في "النانوميديسين". وهذا المنصب الرفيع في واحدة من أهم الجامعات العالمية، وفي تخصص من أندر التخصصات العلمية المتميزة، يعطي لابنتنا العزيزة غادة المطيري، ميزة قلما يحصل عليها العلماء الفطاحل في العالم. وإضافة إلى كل هذه الإنجازات العلمية الفريدة، التي حصلت عليها البروفيسورة غادة المطيري، حصلت أيضا على أكثر من عشر براءات اختراع أمريكية ودولية، كذلك استطاعت ــ في إنجاز فريد ــ استخدام الضوء بدلا من المبضع، لتضع اسمها على لائحة المخترعين الجدد في أمريكا، ونالت أرفع جائزة للبحث العلمي فيها، ثم تمكنت لاحقا من تطوير جهاز جديد يستطيع حمل الدواء إلى النقطة المصابة بالالتهاب في داخل جسم الإنسان دون أي أضرار جانبية. بمعنى، إذا كان هناك شخص ما لديه سرطان، يمكن عبر هذه الأشعة الدخول إلى منطقة المرض والقضاء على السرطان دون فتح الجسم. وأكدت البروفيسورة غادة المطيري، أن اختراعاتها حققت تقدما مذهلا لأمراض القلب والسرطان معا، وهذان المرضان من أشد الأمراض فتكا بالإنسان. وهي لذلك تغمرها الفرحة لأنها استطاعت أن تصل إلى أصل الداء بصورة مباشرة، ليكون تأثير الدواء على المرض أكثر فعالية ودون أي آثار جانبية، فهي كثيرا ما تعبر عن سعادتها لأنها أصبحت واحدة ممن أسهموا في حل مشكلات الإنسان وإسعاد البشرية. وفي ضوء هذا الإنجاز العالمي الفريد، أكدت البروفيسورة غادة المطيري، مرة أخرى أن الجهاز يعمل على اختراق الجسم لعلاج الالتهابات دون الحاجة إلى عمليات جراحية. أي أن اختراعها سوف يلغي كثيرا من العمليات الجراحية المعقدة لأمراض القلب وأمراض الأورام السرطانية. وقالت، إننا سوف نجري عمليات كثيرة لأمراض القلب والسرطان بالمنظار، ودون جراحات مؤلمة ومعقدة. ومن أهم الإنجازات البحثية، التي كتبتها "غادة"، مؤلفها الموسوم باسم "التقنية الدقيقة"، الذي ترجم إلى عديد من اللغات العالمية، مثل اللغة الألمانية واللغة اليابانية، إضافة إلى اللغة الإنجليزية. ووجد هذا المؤلف كثيرا من الإشادة والمدح من مراكز الدراسات العالمية، ليس في الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل في كل أنحاء العالم، وبالذات في دول الاتحاد الأوروبي واليابان. ولم تكتف السعودية الشابة ذات الـ (33) ربيعا بهذه الإنجازات العلمية العالمية، بل واصلت مسيرتها، التي تمنت من الله سبحانه وتعالى أن يمد في عمرها، ويمكنها من المساهمة في إنقاذ البشرية من الأمراض، التي فتكت بالبشر في العقود الأخيرة ووقف الإنسان عاجزا حائرا مستسلما أمام أخطبوطها وفتكها. وها هي، اليوم، العالمة العالمية غادة المطيري، تحمد ربها سبحانه وتعالى، الذي مكنها من تأسيس معمل خاص بها، ومهمة هذا المعمل إجراء التجارب على المبتكرات الجديدة لها. وحاليا، تعكف في معملها على مشروعين كبيرين، وتأمل أن يكون معملها حلقة وصل بين الجامعات ومراكز الأبحاث الأمريكية، وبين نظيراتها من الجامعات ومراكز الأبحاث في المملكة العربية السعودية. إن غادة المطيري واحدة من السعوديات الموهوبات اللائي أكدن أن المرأة السعودية لا تقل ذكاء وفطنة عن أي فتاة في العالم المتقدم، وأن السعوديات يحتجن إلى أن تتاح أمامهن الفرص كي يبدعن ويضعن أسماءهن جنبا إلى جنب مع كبار العقول والعلماء من أجل خير الإنسانية وعمار الكون.
إنشرها