الابتكار والعلم وربطهما بالاستثمار

حظي الجانب الأكاديمي والعلمي لزيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة، باهتمام بالغ من الجانب الأكاديمي الأمريكي. وهذا الاهتمام يأتي من عدة مصادر، في مقدمتها بالطبع القيمة التي يوليها الأمير محمد لهذا الجانب في مرحلة البناء الاقتصادي، واهتمامه هو شخصيا بذلك مستندا إلى قناعته بأن الابتكارات والعلوم والاختراعات، هي التي تشكل المشهد على الساحة في كل المراحل. يضاف إلى ذلك طبعا، النشاط السعودي العلمي على الساحة الأمريكية، من خلال مراكز البحوث والتمويل التي تستهدف دعم الحراك العلمي والابتكاري بشكل عام، بما يفيد البشرية كلها وليس الأطراف المعنية به فحسب. والأهم من هذا وذاك، أن "رؤية المملكة 2030" التي يقود تنفيذها ولي العهد، تركز بصورة استثنائية بالفعل على هذا الجانب الحيوي المستقبلي.
كل هذا يفسر أهمية الاتفاقيات التي وقعها الأمير محمد بن سلمان مع عدد من الجامعات العريقة، لتضاف إلى مثيلاتها السابقة. فالمملكة تبني علاقاتها في كل المجالات ليس فقط على ما تم فعلا، بل أيضا على ما سيتم استنادا إلى التحولات والاستحقاقات أيضا. والسعودية كما هو معروف تولي أهمية كبيرة لابتعاث طلابها إلى الولايات المتحدة وبقية دول العالم المتقدمة في المجال التعليمي، وتنظر إلى هذا الجانب نظرة استراتيجية. وفي الولايات المتحدة تستقبل أعدادا كبيرة من الطلاب السعوديين ولا سيما في المجالات العلمية. فالمملكة تحتاج بالفعل إلى هذا الجانب، في عملية بناء المستقبل وفق أسس استراتيجية عميقة. ولذلك فإن الحراك السعودي على الساحة العلمية الدولية، هو في حد ذاته هدف بعيد المدى.
الأمير محمد بن سلمان عرض على المسؤولين الأكاديميين الأمريكيين أفكارا ومخططات تصب في مصلحة الطرفين، وتبني مزيدا من الجسور بينهما لتحقيق الأهداف العملية التي تخدم الإنسانية أيضا. فكل تقدم أو ابتكار علمي هو في الواقع دعم مباشر لخدمة البشرية. المملكة تمتلك كثيرا من المقومات التي تساعدها على تحقيق غاياتها في هذا المجال. حتى في الثروة الباطنية التي تخدم هذا الهدف. فالأمير محمد بن سلمان كان واضحا عندما أعلن أمام القادة الأكاديميين أن السعودية تمتلك 5 في المائة من اليورانيوم على الصعيد العالمي. وهذه المادة (كما هو معروف) مهمة جدا على صعيد توليد الطاقة وما يرتبط بها. فحتى البلدان المتقدمة في المجال النووي، تحتاج أحيانا لليورانيوم من أجل تسيير مشاريعها السلمية في هذا المجال.
كل شيء كان حاضرا على الصعيد العلمي خلال لقاءات ولي العهد في الولايات المتحدة، بما في ذلك تطبيقات الذكاء الصناعي، وتحسين أداء البحوث الخاصة بالعقاقير، وطبيعة استخدام الذكاء الصناعي بشكل عام. فضلا عن استعراض المستشعر المغناطيسي ذي الاستعمالات الحيوية في ميدان اكتشاف البترول والغاز، والمدن الذكية لاستعمالات الطاقة البديلة في تطبيقات مختلفة ومنها شبكات إنترنت الأشياء، وغيرها. وكل شيء (في الواقع) موجود ضمن الخطة الاستراتيجية السعودية التي تستهدف المستقبل بصورة خاصة. ولذلك كان الجانب العلمي مواكبا تماما لـ "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. هذا الجانب، يعزز أيضا المؤسسات المختصة به من كل الأحجام، ما يدفع أيضا بالحراك العلمي الابتكاري إلى الأمام بسرعات كبيرة، في ظل وجود ذهنية شبابية ابتكارية تحاكي المستقبل لدى القيادة في البلاد.
زيارة (جولة) ولي العهد للولايات المتحدة اكتسبت صفة التاريخية الفعلية، لأنها ليست زيارة تقليدية، بل هي زيارة تقدم "إنتاجا" يخدم طرفيها بالطبع، ولكن انعكاساته على العالم كبيرة جدا أيضا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي