«ريستاد إنرجي»: الغاز محور الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة خلال 3 سنوات

«ريستاد إنرجي»: الغاز محور الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة خلال 3 سنوات

رجحت شركة "ريستاد إنرجي" الدولية لاستشارات الطاقة، تطوير نحو 50 حقلاً للنفط والغاز في جنوب شرق آسيا، بموارد جماعية تبلغ أربعة مليارات برميل من النفط المكافئ وذلك في الفترة بين عامي 2018 و2020.
وذكر تقرير حديث للشركة أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع الطاقة خلال السنوات الثلاث المقبلة سيكون محور ثقلها في مشاريع الغاز الطبيعي، حيث سيشكل الغاز نحو 85 في المائة من الموارد التي سيتم استغلالها والإنتاج منها خلال تلك الفترة وسيأتي أكبرها في عام 2018 من فيتنام.
وأوضح التقرير أن معظم موارد الغاز التي سيتم تطويرها في إندونيسيا وماليزيا ستوجه إلى محطات الغاز الطبيعي المسال، مشيرا إلى أن سلطنة بروناي وإندونيسيا وماليزيا تعمل منذ فترة طويلة على تنشيط مشاريع الغاز الطبيعي المسال حيث تضمن مصادر التوريد الجديدة أن تحافظ هذه المشاريع على التزاماتها التعاقدية طويلة الأجل فيما يتعلق بالإمدادات.
وتوقع التقرير أن يتراجع دور إندونيسيا كمصدر للغاز حيث لديها إشكالية خاصة أنها منتج ومستهلك كبير للطاقة وهو ما أدى إلى خروجها من عضوية "أوبك"، مرجحا أن تواجه حالة من العجز في إنتاج الغاز الطبيعي وذلك بسبب نمو اقتصادها السريع واستخدام مزيد من الوقود لتلبية الطلب المحلي الصاعد بقوة الذي يقلص من صادراتها.
ولفت التقرير إلى أن الفلبين تمتلك أيضاً موارد وإنتاجا جيدا من الغاز الطبيعي لكن معظم هذا الإنتاج في مراحل متقدمة من النضوب خاصة في بحر الصين الجنوبي القريب الذي تسميه بحر الفلبين، مبينا أن الخلاف حول الحقوق البحرية بين الصين والفلبين جعل عديدا من شركات النفط المحلية والدولية مترددة في مواصلة عمليات التنقيب والإنتاج في تلك المنطقة.
وفي سياق متصل، استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجعات سعرية بسبب المخاوف من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بعد فرض الأولى تعريفات للحد من الواردات من الصين.
وما زالت أسعار النفط الخام تتلقى دعما من جهود "أوبك" والمستقلين لخفض الإنتاج ومن الارتفاع المستمر في مستويات الطلب مع تراجع المخزونات النفطية في الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، قال لـ "الاقتصادية"، جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا، "إن المخاطر الجيوسياسية عادت لتلقي بثقلها على سوق النفط الخام خاصة مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط ونشوب الخلاف الذي تحول إلى حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين وهو ما يرجح معه العودة إلى تسجيل مستويات قياسية في أسعار النفط الخام".
وأضاف أن "مسيرة الارتفاعات السعرية القياسية المتوقعة للنفط الخام تغري كثيرا من الشركات على العودة إلى الاستثمارات عالية التكلفة خاصة الإنتاج من المشاريع البحرية من المياه العميقة وشديدة العمق"، لافتا إلى أن تلك النوعية من المشاريع شهدت كسادا وانحسارا واسعا في فترة تهاوي الأسعار بين عامي 2014 و2016.
من جانبه، أكد لـ "الاقتصادية"، فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة سنام الإيطالية للطاقة، أن أنشطة الحفر ستشهد تسارعا ملموسا في الفترة المقبلة مدفوعة بصعود الأسعار، لافتا إلى أن أنشطة الحفر ليست قاصرة على إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بل من المرجح أن تكون وتيرة الإنتاج والحفر سريعة أيضا في مشاريع المياه في جنوب شرق آسيا.
وأشار إلى أن التقارير الدولية تؤكد أنه سيتم ضخ 28 مليار دولار في مشاريع استثمارية جديدة للنفط والغاز حتى 2020 في آسيا وحدها، متوقعا أن تتسارع عجلة الاستثمارات بصفة عامة لتعويض فترة الكساد الماضية وتلبية احتياجات نمو الطلب المتسارعة وبما يؤمن منظومة إمدادات الطاقة في المستقبل القريب.
من ناحيتها، قالت لـ "الاقتصادية"، الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير المحللين في المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، "إن مشاريع الطاقة بدأت تعود ببطء لكنها على طريق التعافي من تداعيات واحدة من أصعب الدورات الاقتصادية في 50 عاما" - بحسب تقييم منظمة أوبك –، لافتة إلى أن "أوبك" حذرت أيضا من الفترة الحالية تشهد تركيزا على المشاريع قصيرة المدى بسبب عدم اليقين بشأن تطورات السوق.
وأوضحت أن الصناعة تحتاج أكثر إلى الاستثمارات طويلة الأجل وهو ما جعل "أوبك" ترسل تطمينات مستمرة إلى كافة اللاعبين في السوق بأن هدفها هو الاستقرار المستدام وليس الوصول إلى مستوى سعري معين، مشيرة إلى أن آخر وأهم تلك التطمينات كان تلميح المنظمة إلى احتمال قوي باستمرار تخفيضات الإنتاج حتى العام المقبل 2019 وذلك لتبديد المخاوف من احتمال خروج مبكر للمنتجين من الاتفاق كما حرصت "أوبك" على التأكيد أن الخروج من الاتفاق – وقت حدوثه – سيكون بشكل تدريجي يجنب السوق أي صدمات تؤثر فيها سلبا.
وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار العقود الآجلة لخامي برنت وغرب تكساس الوسيط أمس، مع تأثر الأسواق العالمية سلبا بالمخاوف من حرب تجارية وشيكة بين الولايات المتحدة والصين.
وفي آسيا استهلت عقود شنغهاي الآجلة للنفط الخام تعاملاتها بقوة من حيث الحجم مع شراء المستثمرين وتجار السلع الأولية في أحدث أداة مالية عالمية لتداول النفط.
لكن شبح حرب تجارية شاملة بين الولايات المتحدة والصين يلقي بظلاله على الأسواق ما عصف بالأسهم الآسيوية أمس. وتأتي التراجعات بعد أن وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الأسبوع الماضي مذكرة قد تفرض رسوما على واردات من الصين تصل قيمتها إلى 60 مليار دولار.
وأثر ذلك سلبا في عقود النفط الخام الآجلة أيضا. وفي الساعة 0700 بتوقيت جرينتش تراجعت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 29 سنتا بما يعادل 0.4 في المائة إلى 65.59 دولار للبرميل.
وسجلت العقود الآجلة لخام برنت 70.23 دولار للبرميل بانخفاض 22 سنتا أو 0.3 في المائة.
وتعرض الخام لضغوط أيضا من ارتفاع عدد الحفارات النفطية العاملة في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات عند 804 مما ينبئ بمزيد من الزيادة في الإنتاج الذي قفز بالفعل بمقدار الربع منذ منتصف 2016 إلى 10.4 مليون برميل يوميا.
وحقق النفط الخام الأمريكي عند تسوية الجمعة الماضي ارتفاعا بنسبة 2.4 في المائة، في سابع مكسب خلال الأيام الثمانية الأخيرة، وصعدت عقود خام برنت بنسبة 2.1 في المائة، بدعم تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية.
وقال خالد الفالح "إن أعضاء "أوبك" سيحتاجون إلى مواصلة التنسيق مع روسيا والمنتجين الآخرين، بشأن استمرار اتفاق خفض الإنتاج العالمي حتى عام 2019، للحد من مخزونات النفط العالمية".
وعلى مدار الأسبوع الماضي حققت أسعار النفط ارتفاعا بنسبة 5.6 في المائة، في ثالث مكسب أسبوعي على التوالي، وبأكبر مكسب أسبوعي خلال 2018، بعد انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام في الولايات المتحدة، وبفعل تكهنات قيام الولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية مجددا على إيران.
وأعلنت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية يوم الجمعة الماضي، ارتفاع منصات الحفر والتنقيب في الولايات المتحدة بمقدار أربع منصات، في ثاني زيادة أسبوعية على التوالي، ليصل إجمالي المنصات العاملة حاليا إلى 804 منصات، وهو أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2015.
وبفضل أنشطة الحفر المرتفعة في الولايات المتحدة، قفز الإنتاج الأمريكي بنحو 23 في المائة منذ منتصف عام 2016 إلى إجمالي 10.4 مليون برميل يوميا، متجاوزا إنتاج المملكة العربية السعودية المستقر حول 9.9 مليون برميل يوميا، وقريب من إنتاج روسيا أكبر منتج للنفط في العالم البالغ نحو 10.9 مليون برميل يوميا.
وتجاهل التجار المخاوف من ارتفاع التوترات الجيوسياسية في منطقة الخليج العربي الغنية بالنفط. وارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 66.19 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي، مقابل 65.39 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق سادس ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت أربعة دولارات مقارنة بنفس اليوم من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 62.24 دولار للبرميل".

الأكثر قراءة