بكين وواشنطن تتبادلان التهديدات.. واستنفار عالمي لكبح جماح الحرب التجارية

بكين وواشنطن تتبادلان التهديدات.. واستنفار عالمي لكبح جماح الحرب التجارية

يبدو أن الحرب التجارية التي يخشاها العالم بدأت تتشكل، بعدما وقع دونالد ترمب، الرئيس الأمريكي، قرارا، أمس، بفرض رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة 60 مليار دولار، وهو ما قد يكون له آثار وخيمة على الاقتصاد العالمي.
ومن جانبها، وجهت الصين ردها الأول على الولايات المتحدة، ملوحة بفرض رسوم جمركية على 128 منتجا أمريكيا، وذلك بعد ساعات على شن "ترمب" هجوما على صادرات ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وبحسب "الفرنسية"، أثار شبح حرب تجارية بين الاقتصادين العملاقين إلى تدهور في البورصات العالمية، مع تراجع بأكثر من 3 في المائة في شنجهاي، وأكثر من 4.5 في المائة في طوكيو، بعد أن خسرت "وول ستريت" نحو 3 في المائة.
وحذرت الصين الولايات المتحدة بأنها "لا تخشى أبدا من حرب تجارية"، مضيفة "إذا بدأت الولايات المتحدة حربا تجارية، فإن الصين ستكافح حتى النهاية من أجل الدفاع عن مصالحها الشرعية بكل السبل الضرورية".
ووقع "ترمب" "مذكرة تستهدف العدوان الاقتصادي للصين"، مشيرا إلى إجراءات عقابية ضد الواردات الصينية يمكن أن تصل قيمتها إلى 60 مليار دولار، بهدف وضع حد لما يعتبره منافسة غير مشروعة من جانب بكين وسرقة للملكية الفكرية. وكان مستشاروه تحدثوا في وقت سابق عن نحو 50 مليار دولار من الواردات الصينية.
وبات أمام الإدارة الأمريكية مهلة 15 يوما لنشر لائحة بالمنتجات التي ستفرض عليها رسوما، إلا أنها لم تكن واضحة تماما بشأن المقصود بهذه المبالغ، وهل هي قيمة الواردات التي ستفرض عليها رسوما، أو قيمة الرسوم على هذه الواردات؟.
وسارعت الصين إلى إعلان لائحة من 128 منتجا أمريكيا يمكن أن تفرض عليها رسوما بين 15 و25 في المائة في حال فشلت المحادثات مع واشنطن. إلا أن إجراءات الرد هذه تبدو معتدلة، فالمنتجات المستهدفة تمثل 3 مليارات دولار من الواردات الصينية في العام الماضي، أي بالكاد 2 في المائة من إجمالي الصادرات الأمريكية إلى هذا البلد، التي بلغت قيمتها 154 مليارا، بحسب الجمارك الصينية.
وبين المنتجات التي سيتم فرض رسوم عليها بنسبة 15 في المائة، الفاكهة الطازجة والنبيذ والجينسنج والإيثانول وأنابيب الصلب غير الملحومة، بينما سيتم فرض رسوم بنسبة 25 في المائة على لحوم الخنزير والألمنيوم المعاد تدويره. ويرى مراقبون أن الرسوم الجمركية المبدئية، التي فرضتها الصين بقيمة ثلاثة مليارات دولار، تقل بواقع عشرين ضعفا عن حزمة الرسوم التي اقترحها "ترمب"، وهو ما يؤشر إلى أن بكين ما زالت تمارس ضبط النفس، وأنها لا تريد نشوب حرب تجارية.
وعلقت بيتي وانج، خبيرة الاقتصاد من مصرف "إيه إن زي"، أن إجراءات الرد تعتبر "غير صارمة نسبيا"، مضيفة أن بكين تسعى بكل السبل إلى الحوار، وتم إعلان هذه الإجراءات الصينية ردا على رسوم الجمارك، التي أعلنتها واشنطن على الواردات الأمريكية من الألمنيوم والصلب، التي دخلت حيز التنفيذ أمس. وذكرت الصين، أنها ستتخذ إجراءات ضد البضائع الأمريكية على مرحلتين إذا لم تتوصل لاتفاق مع واشنطن، مشيرة إلى أنها قد تصعد مع الجانب الأمريكي عبر اتخاذ إجراء قانوني، وفقا لقواعد منظمة التجارة العالمية.
وفي سياق متصل، سعت إدارة "ترمب" إلى التهدئة مع عديد من شركائها الرئيسيين، من بينهم الاتحاد الأوروبي، مع إعلانها تعليق هذه الضرائب حتى الأول من أيار (مايو) المقبل.
وأوضح البيت الأبيض في بيان، أن "الرسوم على واردات الصلب والألمنيوم من عدد من الدول معلقة حتى الأول من أيار (مايو).. وتضم اللائحة التي يشملها القرار، الاتحاد الأوروبي، فضلا عن الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والمكسيك وكوريا الجنوبية".
ومع أن الصين المنتج الأول في العالم للفولاذ، إلا أنها لا تؤمن سوى 2 في المائة من واردات الولايات المتحدة، وأقل من 10 في المائة من الألمنيوم، لكن إدارة ترمب تشدد على أن الهدف الرئيس لهذه الإجراءات هو، الصين التي لا تزال منذ زمن تعتمد زيادة مفرطة في الإنتاج.
وتعتبر واشنطن وبكين، حاليا، شريكين اقتصاديين وثيقين، إلا أن الولايات المتحدة تندد بعجز تجاري هائل إزاء الصين "375.2 مليار دولار في 2017، بحسب الجمارك الصينية".
وطلب "ترمب" مرارا من كبار المسؤولين الصينيين "الحد فورا من هذا العجز البالغ 100 مليار دولار"، وشدد على أن "المعاملة بالمثل هي الأساس، وأن الصين بلد صديق".
وأكد ويلبور روس، وزير التجارة الأمريكي، أن العقوبات الجديدة هي قبل كل شيء "مقدمة إلى سلسلة من المفاوضات"، مضيفا في تصريحات لشبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية، أنه "من المتوقع أن يكون هناك بعض الردود الانتقامية من الصين على قرار ترمب، ولكني لا أعتقد أن يكون ذلك نهاية الأرض"، في إشارة إلى أن رد الفعل لن يكون كبيرا.
ووصف وزير التجارة الأمريكي القرار بأنه يمثل جزءا صغيرا من اقتصادات كل من الولايات المتحدة والصين، لكنه، ببساطة، محاولة لعلاج الانتهاكات. أما روبرت لايتهايزر، الممثل التجاري الأمريكي، فأشار إلى أن هذه الإجراءات تهدف، خصوصا، إلى حماية قطاع التكنولوجيا المتطورة، الذي اعتبر "الجزء الأهم" من الاقتصاد الأمريكي.
وتشعر واشنطن بالقلق إزاء نظام الشركات المشتركة الذي تفرضه بكين على نظيراتها الأمريكية، إذ تفرض عليها السماح بالعمل في الأسواق الصينية لقاء تقاسم جزء من تقنياتها مع نظيراتها المحلية.
وأطلقت الولايات المتحدة إجراءات ضد الصين في منظمة التجارة العالمية حول قضية براءات الاختراع. وأعلن مكتب الممثل التجاري الأمريكي في بيان، "يبدو أن الصين تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية عبر حرمان حائزي براءات الاختراع الأجانب، بما في ذلك الشركات الأمريكية، من حقوق براءات الاختراع الأساسية في وقف استخدام أي كيان صيني للتكنولوجيا بعد انتهاء عقد ترخيص محدد".

الأكثر قراءة