Author

الرياض .. شريك استراتيجي حقيقي لواشنطن

|

برنامج زيارة (جولة) ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة حافل، ولقاؤه الأهم بالأمس مع الرئيس الأمريكي ترمب، عكس أهمية الشراكة الاقتصادية والتجارية والسياسية، وركز على أهمية الدولتين في الوقوف بصلابة ضد أي دولة لها علاقة بتمويل الإرهاب، وهو لقاء تقريبا تناول الحديث في كل المجالات السياسية والاقتصادية والمجتمعية، ناهيك طبعا عن الصداقات التي يتمتع بها ولي العهد على الساحة الأمريكية، وهي صداقات استراتيجية حقيقية وباعتبارها من واشنطن أقدم الحلفاء للرياض، أي أنها تمنح مزيدا من الدعم للحراك الكبير الذي يقوم به على هذه الساحة. الأمير محمد بن سلمان لديه استراتيجية كبرى، هي الأكبر في تاريخ بلاده والمنطقة معا، وبقدر محلية هذه الاستراتيجية، بقدر عالميتها أيضا. لذلك اهتم العالم بها منذ إطلاقها عبر "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. أي أن جولته في الولايات المتحدة تصب بالدرجة الأولى ضمن نطاق "الرؤية"، إضافة إلى الجانب السياسي، الذي يعلق عليه الأمريكيون أهمية كبيرة لسببين: الأول، أن السعودية قوة إقليمية كبيرة، والآخر أنها أصلا تشترك في صنع القرار العالمي، فضلا عن وجود قيادة شابة تنفذ سياسات عالية الجودة والتأثير. لقاء الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب، هو اللقاء المحوري الأول، ذلك أن التنسيق والمشاورات بين القيادتين السعودية والأمريكية يمضيان قدما بأشكال متنوعة ومتطورة، مستندة بالطبع إلى التفاهم الكبير حول أغلبية القضايا المطروحة إقليميا وعالميا. المهم أن التفاهم تام حول قضايا متفاعلة على الساحة بالمنطقة، والرئيس ترمب، أكد في غير مناسبة، أن الدور السعودي في هذه المنطقة ليس مهما لها فحسب، بل هو مهم للسلم والأمن والاستقرار العالمي، خصوصا في ظل التهديدات الإرهابية التي لا تتوقف من جانب إيران، وتورطها في الخراب في غير دولة عربية.
لقاء ولي العهد وترمب دعم تلقائيا سعي كلا البلدين للقضاء على الإرهاب بكل أشكاله، وقيام السعودية بلعب دورها المحوري بهذا الخصوص. وهذا اللقاء عزز أيضا التعاون العسكري بين الرياض وواشنطن.
حقيقة هذا اللقاء ذكر فيه أرقام كبيرة للمشاريع الاستثمارية بين البلدين على صعيد الاتفاقيات الدفاعية المشتركة وصناعة الأسلحة، حيث للسعودية خطة لاستثمار 200 مليار دولار في مشاريع مشتركة.
كبار المسؤولين في الولايات المتحدة التقوا أو سيلتقون ولي العهد في غضون الأيام القليلة المقبلة، وكل هؤلاء لديهم ملفات للتشاور والبحث والتفاهم أيضا. فالمسألة تجاوزت مستوى العلاقات بين بلدين، لتصل إلى الشراكة في كل شيء تقريبا، مع ضرورة الإشارة، إلى أن طبيعة القيادة السعودية الحالية تنسجم والرؤى العالمية تماما، ما يعكس جودة علاقاتها الدولية ككل. شهدنا هذا في لندن وفي باريس وغيرهما من عواصم القرار العالمي. الزيارة (الجولة) شاملة بكل معنى الكلمة، ويكفي أنها تدوم أسبوعين وتشمل مجموعة من الولايات الأمريكية، وعشرات من قادة أكبر المؤسسات الأمريكية في مجالات مختلفة، من بينهم رؤساء مؤسسات، مثل: "جوجل" و"فيسبوك" و"مايكروسوفت" و"أوبر" و"أبل" وغيرها. بالطبع ستكون هناك لقاءات وشراكات في مجالات الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة، والتصنيع والتجارة والخدمات المالية، فضلا عن مجالات الثقافة والترفيه والسياحة وغيرها. وكل هذه المؤسسات تنتظر ليكون لها دور مهم في عملية تنفيذ "رؤية المملكة 2030"، بما يخدم هذه "الرؤية" بأعلى المعايير، إلى جانب طبعا المكاسب التي ستحققها، وسط سمعة ائتمانية للمملكة حافظت عليها حتى في عز انهيار أسعار النفط.
الزيارة (الجولة) التي يقوم بها ولي العهد، تضع مجددا العلاقات السعودية - الأمريكية في مستويات يريدها الطرفان بقوة، مع البرنامج الذي يقود تنفيذه الأمير محمد نفسه، بكل ما فيه من آفاق جيدة ومطلوبة للسعودية وللعالم. إن قادة السياسة والاقتصاد في الولايات المتحدة، لا ينظرون للأمير محمد كزائر، بل كشريك استراتيجي حقيقي. شريك يقرأ المستقبل بكل متطلباته واستحقاقاته، ويقوم بالدور الحقيقي لبلاده في كل المجالات المرتبطة بها. إنها مرحلة مختلفة تماما، من فرط المعطيات الواضحة جليا.

إنشرها