ريد سبارو .. الجاسوسية على وقع الباليه

ريد سبارو .. الجاسوسية على وقع الباليه
ريد سبارو .. الجاسوسية على وقع الباليه

ما بين روسيا والولايات المتحدة علاقة سياسية تاريخية متأرجحة منذ القدم، ولقد كثرت الأفلام التي تلقي الضوء على تلك العلاقة وتحديدا قضية التجسس التي انبثقت منذ القدم واستكملت إلى أن أصبحت حاضرة كوجبة أساسية ودسمة على مائدة الأخبار اليومية، وامتدادا لذلك النهج عمد المخرج فرانسيس لورانس إلى تقديم رواية الكاتب جاستين هايثي كفيلم تألقت في بطولته النجمة جنيفر لورانس فجاء فيلما شيقا مختلفا بتشابهه ومثيرا بأحداثه.

بداية تتمايل
تمايلت البداية عبر جسد البطلة دومينيكا ايغوروفا وهي ترقص الباليه أمام المئات من المعجبين والحضور، رافقها مشهد آخر لشاب على الأراضي الروسية وهو عميل في الاستخبارات الأمريكية (CIA) يدعى ناثانيل ناش، يؤدي دوره الممثل جويل إجيرتون، كان في حديقة يحاول إنقاذ مصدره الروسي لكنه فشل، فعاد إلى وطنه والعار يلاحقه.
ولقد أبرز المخرج هذين المشهدين في البداية بطريقة مشوقه تم دمجهما على أنغام موسيقى الباليه، التي كانت ترقص عليها دومينيكا إيغوروفا، التي انتهت بوقوعها على خشبة المسرح وكسر ساقها في الدقيقة نفسها التي سلم فيها ناياثل نفسه لسفارته هاربا، لتتوالى بعدها الأحداث ويظهر في نهاية الفيلم الرابط بين ذلك المشهدين.

شخصية قوية
تظهر دومينيكا بشخصية الفتاة القوية التي تتمتع بسرعة البديهة وكشف الأشخاص على حقيقتهم بمجرد النظر إليهم، لكنها تعاني تردي المستوى الاجتماعي الذي تعيش فيه، فهي مسؤولة عن والدتها المريضة، التي تحصل على الرعاية الصحية من المسرح الذي تعمل فيه دومينيكا.
وبعد الحادث الذي ألم بها، وكانت نتيجته فقدانها لمستقبلها في الرقص، جاء عمها فانيا الذي يعمل في وكالة الاستخبارات الروسية، يؤدي دوره الممثل ماتياس شوينارتس، كالمنقذ من الظلام والفقر، مقدمًا لها الحل، وهو أن تكون «فتاة مستعبدة جنسيا»، من خلال عملها في خدمة الحكومة، ملوحا لها بأنه في حال رفضها ستفقد أمها الرعاية الصحية.

انغماس في الجرائم
قبلت دومينيكا المهمة الأولى وهي إغراء أحد الأشخاص السياسيين المهمين المعجبين بها، وأثناء وجودها معه، يشبعها ضربا بوحشية ثم يتعرض للقتل بطريقة عنيفة على يد أحد عملاء عمها، ويعد هذا المشهد الأول للعنف والدموية التي استمرت طيلة العرض ما جعله فيلما مقززا في بعض الأحيان لكثرة العنف الذي احتواه.
لم يكن أمام دومينيكا إلا قبول عرض عمها في العمل لصالح الاستخبارات الروسية بعد هذه الحادثة، خاصة بعدما علمت أن الحادث الذي حصل لها وهي ترقص مدبر من قبل شريكها في الرقص، فتوجهت إلى معهد متخصص لتتلقى نوعا معينا من التدريبات المتعلقة بفنون التجسس من خلال الاعتماد على الإغراء الجنسي، ولقد كانت عملية طويلة ومؤلمة من تحطيم إرادة الإنسان الحرة، وجعله رهينة لبلده، يعمل خارج الحدود والضوابط كافة من أجل خدمة بلده، في هذه الأكاديمية حاولت دومينيكا ألا تذل نفسها لكنها ظهرت بمظهر الفتاة التي تستطيع الإغراء والسيطرة من دون أن تكسر نفسها، ومع حلول وقت مغادرتها المنشأة، كانت دومينيكا قد تغيرت تماما.

المهمة الأصعب
ورويدا رويدا بدأت الحبكة في التبلور، فتم إرسالها إلى المهمة الأصعب وهي أن تلتقي بناثايل، الذي تم تكليفه بمهمة أخرى، لتقوم هي بتنفيذ كل ما تعلمته من فنون الجاسوسية والإغراء، لتتعرف منه على اسم مصدره الروسي، الذي كشف عن الكثير من أسرار روسيا من خلال منصبه دون أن يتم الإيقاع به.
بدأت رحلتها مع ناثايل الذي حاول جاهدا منذ اللحظة الأولى، التي كشف فيها حقيقتها، أن يجندها لحساب الاستخبارات الأمريكية، ويبدو أنها وقعت في حبه فأخبرته بعض التفاصيل عن حكومتها، وبعد كثير من الأحداث والتفاصيل الدقيقة قبلت دومينيكا أن تصبح عميلة للأمريكان، فبدأت تلعب بين الحبلين إلى أن نجحت، وجاءت النهاية مفاجئة، حيث قلبت الأحداث بطريقة غير متوقعة.

أداء رائع
على الرغم من العبارات المنمقة والمفعمة بالفلسفة الحياتية التي مرت في الفيلم، التي جاءت نتيجة اقتباس السيناريو من رواية أدبية إلا أن طريقة تقديم القصة وكثرة المشاهد العنيفة والجريئة جعلت من الفيلم نقطة في وكر من النقد، ولقد اتفق الكثيرون على أن لورانس قدمت أداء رائعا ومذهلا، فتعابير وجهها كانت تحاكي الشاشة من دون أن تتلفظ بأي كلمة، ولقد سار هذا الأمر على الممثلين كافة في الفيلم، إلا أن النقطة التي أثارت الجدل هي كمية مشاهد التعري التي ظهرت بها وهو ما يهدد نجاحها، بحسب النقاد، هذه المرة خاصة بعدما حققت نجاحا فى فيلم Mother دون أي مشهد تعرٍ.

نفور المشاهد
إضافة إلى ذلك نشعر أنه من الصعب الانجذاب نحو فيلم كل شيء فيه وحشي وعنيف، ما يؤدي إلى نفور المشاهد في بعض اللحظات، وهذا يغير وجهة الفيلم وهدفه الفعلي، الذي من المفترض أن يصب في خانة التجسس بين الروس والأمريكان، حتى وإن عاد بنا إلى حقبة الستينيات والحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، فهل من المفترض أن يحوي هذا الكم من الإجرام وأن تفوح رائحة الدم من مشاهده في وقت يتنازع فيه البلدان وينشر كل بدوره الرعب لتقاسم البلدان المتنازع عليها.

سيناريو ممل
أما التصوير السينمائي جاء جميلا متقنا فلسفيا فيه كثير من اللقطات المحبوكة على عكس السيناريو الذي جاء مملا في بعض الأحيان، خاصة وأن قضية الفيلم مستهلكة وليس فيها أي أحداث جديدة أو مستحدثة تذكر في الفيلم، فكل ما اختلف فيه عن سابقه هي المشاهد الإباحية والدموية، لذلك إعطاؤه نحو 140 دقيقة كان كثيرا وأدخلت المشاهد في دوامة الملل، فلقد مرت بعض المشاهد التي من الممكن الاستغناء عنها من أجل الحفاظ على تركيز المشاهد وجذبه.
تجدر الإشارة إلى أن الفيلم جاء في المركز الثاني بعد أسبوع من عرضه في دور السينما، حيث حقق إيرادات وصلت إلى 43 مليون دولار، في الوقت الذي تقترب فيه ميزانية الفيلم من 70 مليون دولار.
ولقد كان لافتا مرافقة شركة «BMW» بفئتها السابعة دومينيكا في رحلتها الشيقة وغير المتوقعة من راقصة باليه أنيقة إلى عميلة سرية قوية وشديدة، وتظهر سيدان الفاخرة خلال اللقطات الرئيسية في الفيلم، التي تتضمن حبكة القصة، بما في ذلك توجيه دومينيكا إلى مدرسة للمرة الأولى. وأظهرت القيادة في الأجواء الروسية المثلجة بشكل كبير مدى قوة السيارة والمساعدة الفعالة التي قدمها النظام رباعي الدفع فائق القدرة.

الأكثر قراءة