السعودية تتعامل مع النفط بمسؤولية عالمية

لا غرابة في مستوى الاحتياطيات النفطية العالمية المؤكدة البالغة 1.5 تريليون برميل، فكل المؤشرات والتقديرات تؤكد هذه الحقيقة منذ سنوات، إن لم نقل منذ عقود. هذا يعني ببساطة أن لا مخاطر على الإمدادات النفطية مستقبلا، كما أن النفط والغاز سيبقيان المحور الرئيس للطاقة حول العالم رغم نمو بعض مصادر الطاقة الأخرى. وسيطرة النفط والغاز على هذه الساحة لن تكون قصيرة، إنها تقدر بالعقود لا بالسنوات؛ ما يدفع باتجاه تطوير هذه المصادر التقليدية المهمة، لا إهمالها، ولا سيما أن منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك"، تؤكد أنه لا يمكن إهمال الأصول والموارد الضخمة هذه المتأتية من النفط والغاز "في الوقت الذي يوجد فيه كثير من الناس ممن يعيشون في حالة فقر حاد في احتياجات الطاقة".
هذه نقطة مهمة للغاية، إذا ما عرفنا أن أكثر من ملياري إنسان في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، لا يحصلون على الاحتياجات الأساسية من الطاقة الأولية من النفط والغاز! وعلى هذا الأساس بات مطلوبا الآن أكثر من أي وقت مضى استغلال الموارد والقضاء نهائيا على فقر الطاقة. وهذا أيضا محور رئيس، لاعتبارات عديدة، منها النمو السكاني المتصاعد، ولا سيما في البلدان النامية والاقتصادات الناشئة.
من هنا، فإن النفط والغاز سيبقيان المحورين الرئيسين، مع ضرورة الإشارة إلى أن إنتاجهما يظلان الأقل تكلفة مقارنة ببقية مصادر الطاقة، فضلا عن سهولة الوصول إليهما، يضاف إلى ذلك "بالطبع" وفرتهما في مناطق مختلفة من العالم.
وفي كل الأحوال هناك انتعاش اقتصادي يجري على الساحة العالمية، ومعدلات النمو ترتفع، والطلب على النفط والغاز يزداد، إلى جانب ما يجري حاليا من حراك من أجل إيصال السوق النفطية إلى وضعية مستقرة ترضي المصدرين والمستهلكين. وتلعب المملكة وروسيا دورا محوريا بهذا الخصوص؛ ما دفع اتفاق خفض الإنتاج إلى تحقيق أهدافه، وتمديده في الوقت الذي يجري فيه الحديث حاليا عن تطويره. هذه الاحتياطيات النفطية العالمية الهائلة موجودة في ظل سياسات حكيمة تقودها السعودية منذ البداية، لتوفير الإمدادات اللازمة، بمستويات سعرية مقبولة، وبتنظيم أكبر للسوق النفطية عن طريق التعاون بين "أوبك" وبقية البلدان النفطية خارجها. مع ضرورة الإشارة، إلى أن مصادر الطاقة البديلة لم تحقق أي قفزات لافتة في الأعوام القليلة الماضية.
لا شك في أن طرح "أوبك" الخاص بضرورة استغلال الموارد النفطية على أكمل وجه، يسهم في نشر مفاهيم جديدة حول هذه السلعة العالمية الرمزية. كما أنه طرح يدعم الحراك الإنساني مثلما يدعم الحراك الاقتصادي. ولذلك، فإن الدول الكبرى بإمكانها الدخول إلى الساحة من هذا المفهوم، الذي يصب في كل مشاريع التنمية التي وضعتها البلدان الكبرى مباشرة، أو تلك الصادرة عن الأمم المتحدة. فوفرة الاحتياطيات النفطية، تقدم مادة كافية للانطلاق نحو مزيد من التنمية وتحسين حياة أكثر من 25 في المائة من سكان هذا العالم. ومواصلة الاستثمار فيها، تخدم مصالح أصحابها في الوقت الذي تحقق فيه الأهداف الإنسانية المشار إليها. ناهيك عن التفاهمات الكبرى حاليا بين البلدان النفطية داخل "أوبك" وخارجها.. هذه التفاهمات هدأت من اضطراب السوق العالمية، كما رسمت معالم الحراك النفطي على الأقل من الآن حتى نهاية العقد الحالي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي