FINANCIAL TIMES

«إمبر» .. كوب ذكي يتحكم في درجة حرارة الشاي والقهوة

«إمبر» .. كوب ذكي يتحكم في درجة حرارة الشاي والقهوة

الوعد الكبير الذي يحمله إنترنت الأشياء هو أنه في النهاية سيتم ربط كل شيء به. لكن هل هذا يعني حقا كل شيء، مهما كان هذا الشيء صغيرا أو تافها؟
هناك حالة اختبار مثيرة للاهتمام موجودة على مكتبي خلال الشهرين الماضيين: "كوب ذكي" من شركة ناشئة اسمها "إمبر" Ember يمكنه التحكم بدقة في درجة حرارة الشاي أو القهوة الموجودة بداخله، عبر تطبيق الهاتف الذكي. تباع أكواب إمبر في مئات من متاجر ستاربكس في أمريكا الشمالية بسعر 79.95 دولار للكوب.
كان ردي المبدئي عندما سمعت عن إمبر: لماذا يحتاج أي شخص إلى هذا؟ وكان رد فعلي الثاني: 80 دولارا مقابل كوب؟
التجربة السابقة مع ما يسمى أواني الشرب "الذكية" لم تبشر بخير. قبل بضع سنوات، اختبرت زجاجة ماء بقيمة 100 دولار تسمى "بريم فيسيل" Pryme Vessyl ترصد مستوى السوائل في جسمي، عن طريق تسجيل كم شربت منها وإرسال البيانات إلى أحد التطبيقات.
حتى لو كان سعرها عشرة دولارات، لم أكن لأقتنع بأن "فيسيل" مفيدة للغاية. ومع أن ترطيب الجسم مهم، إلا أنني لم أجد بعد قطعة تكنولوجية أفضل تذكرني بشرب الماء من إحساسي أنا بالعطش. لست بحاجة لزجاجة لكي تقرع رأسي من أجل ذلك.
"مارك وان" Mark One، الشركة التي صنعت "فيسيل"، التزمت الصمت. أخفقت محاولة للاستحواذ عليها شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ولم يعد موقعها الإلكتروني يعمل، ولم يتم نشر أي مشاركة لها على حسابها على تويتر منذ أكثر من عام. ولم أتلق أي رد على بريد إلكتروني أستفسر فيه عما إذا كانت لا تزال تمارس أعمالها.
مؤيدو حملتها للتمويل الجماعي عام 2014، التي جمعت فيها أكثر من مليون دولار لإنتاج كوب أكثر تطوراً يمكن أن يحس بنوع المشروب الموجود بداخله، لا يزالون في انتظار تسلمهم إياه. ويغلب على ظني أنهم سينتظرون فترة طويلة.
من ناحية أخرى، يبدو أن "إمبر" في وضع صاعد. فهي تعمل منذ الآن على منتجها الثاني للتسخين الذاتي، بعد أن أطلقت سابقًا كوبًا للشرب يتحكم بدرجة الحرارة أثناء التنقل.
على الرغم من شكوكي، أستطيع أن أفهم لماذا يجد كوب إمبر منطقته الخاصة. هناك شيء مثير للدهشة ويدعو إلى السرور بشأن كوب من الشاي لا يبرد. ولت الأيام التي كنت أضع فيها كيس شاي في كوب، ثم أصب الماء عليه، ثم أنشغل عنه بأمر ما، ثم أعود بعد نصف ساعة لأجد أن الشاي قد برد وتخمر.
صحيح أن بعض التكنولوجيات الموجودة حاليا حلت هذه المشكلة. من بعض النواحي، يحاول كوب إمبر تعطيل إبريق الشاي وقارورة الثيرموس.
لكن بالنسبة للشخص الذي يُكثِر من شرب الشاي والقهوة، يتيح له كوب إمبر أن يحدد بدقة درجة الحرارة التي يمكنه عندها التمتع باحتساء ما في الكوب على أفضل نحو ممكن. بالنسبة للقهوة، يعتقد "الكوب" أن الحرارة المناسبة هي 57 درجة مئوية. لا أستطع أن أقول إن طعم القهوة أفضل عند درجة أو اثنتين أكثر سخونة أو أقل من ذلك، لكنها بالتأكيد أفضل من شربها حارة تلسع اللسان أو فاترة.
سواء كان هذا إسهاما ذا مغزى في المجتمع، أو أنه بحد ذاته تعريف على مشكلات العالم الأول، فإن إمبر يفعل ذلك بأسلوب راق. في الواقع، يمكن للكوب تعليم "الأشياء الذكية" الأخرى شيئًا أو اثنين عن التصميم. هنا، تلقت الشركة المشورة من قبل "أميونيشن جروب" Ammunition Group، وهو أستوديو مقره في سان فرانسيسكو عمل أيضًا مع سماعات Beats By Dre وLyft وSquare.
للوهلة الأولى، يبدو أن إمبر يشبه إلى حد كبير كوبا عاديا أبيض اللون، يأتي بلمسة سيراميك ناعمة. (أسفله مصنوع من الفولاذ، الذي يوصل الحرارة بشكل أفضل). لا توجد شاشة عادية أو شاشة رقمية تشير إلى درجة الحرارة، مجرد ضوء رفيع في القاعدة للإشارة إلى طاقة البطارية ـ من الواضح أن الكوب يستهلك ذكاءه بشكل خفيف.
صحن الكوب هو شاحِنُه. وجود الصحن على مكتبي يعني أن بإمكاني أن أتركه يشحن طوال الوقت. هذا أمر مفيد لأنه بدونه تعيش البطارية ساعة أو ساعتين فقط - ليس بالقدر الكافي للحفاظ على المحتوى في حرارة مناسبة أثناء التنقل طوال اليوم.
كما تم صنع كوب إمبر بشكل أكثر قوة من معظم الأدوات، فهو قادر على تحمل إغراقه بشكل منتظم في حوض الغسيل (لكنه لا يتحمل أن يوضع في الغسالة الأوتوماتيكية). وكنت أفضل أن تكون لديه سعة أكبر قليلاً - البطارية وعناصر التسخين تَشغُل مساحة لا بأس بها في الجزء السفلي من الكوب. لكنني فوجئت عندما وجدت أن إمبر استطاع أن يستهويني على الرغم من تحفظاتي الأصلية حول فائدته.
إذا كانت صناعة التكنولوجيا تريد حقاً أن تُضفي الذكاء على أدواتنا المنزلية، فستضطر إلى تقليص التكاليف. استفادت ثورة الكمبيوتر الشخصي من قانون مور، وهو قاعدة تقول إن عدد الترانزستورات في المعالِج - وبالتالي قوته – يمكن أن يرتفع إلى الضعف كل عامين مع الحفاظ على السعر نفسه. اعتدنا على ميزات الهاتف الذكي التي تنتقل في غضون عامين من كونها أحدث التطورات لتصبح موجودة في كل مكان.
لا يبدو أن تسعير إنترنت الأشياء يتحسن بالوتيرة نفسها. مثلا، استغرق الأمر من "نست" ست سنوات لإصدار نسخة أرخص من ثرموستاتها الذكية.
المشكلة، كما يقول روبرت برونر، الرئيس التنفيذي لـ "أميونيشن جروب"، هي عدم تجانس إنترنت الأشياء. هناك العشرات من صناع الهواتف الذكية الذين يضغطون على المجموعة نفسها من الموردين لإنتاج أجهزة مشابهة تباع بمئات الملايين سنوياً. ومن غير المحتمل أن ترى الأكواب الذكية، أو منظمات الحرارة، أو الأفران، أو الأضواء الأحجام نفسها، أو توحيد المعايير في أي وقت قريب.
في غضون ذلك، كما يتوقع برونر، الأشياء الذكية التي ستنجح هي تلك التي تجعل المواد التي نستخدمها أفضل قليلاً، بدلاً من التكنولوجيا التي تجبرنا على تغيير سلوكنا. وبالنظر إلى عدد المرات التي لا أزال أجد فيها أكوابا باردة من الشاي في أنحاء المنزل، ربما تكون إمبر قد عثرت على فكرة جيدة. يمكن أن نسميها الموقد البطيء.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES