نُذر مذبحة وظائف تلوح في صناعة الصلب الأمريكية

نُذر مذبحة وظائف تلوح في صناعة الصلب الأمريكية

خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المزمعة والمثيرة للجدل، المتمثلة في فرض رسوم جمركية نسبتها 25 في المائة على الواردات من الصلب، يمكن أن تعرض الوظائف للخطر في شركات صناعة الصلب الأمريكية المنهكة أصلاً، على الرغم من أن غاية تلك السياسة الجديدة هي حمايتها لا العكس، وفقا لتنفيذيين في الصناعة، تعتمد أعمالهم على وجود ألواح يزن الواحد منها 30 طناً، التي لا يمكنهم الحصول عليها من مصادر محلية.
تأتي معظم الواردات إلى الولايات المتحدة في شكل صلب مصنع، لكن نحو 20 في المائة منها، هي عبارة عن ألواح شبه جاهزة تأتي من البرازيل وروسيا والمكسيك واليابان يتم تحويلها إلى منتجات ومن ثم بيعها إلى شركات صناعة السيارات وشركات الإنشاءات وغيرها من العملاء.
قال التنفيذيون "إن تلك المعامل ربما تكون مضطرة الآن إلى خفض عدد الموظفين لديها أو حتى إغلاق المعامل".
قال بوب ميلر، الرئيس التنفيذي لشركة إن إل إم كيه في الولايات المتحدة، وهي شركة لإنتاج الفولاذ مملوكة لروسيا وتوظف 1060 شخصا في ولايتي بنسلفانيا وإنديانا "على المدى القصير، لدينا إمدادات من كتل الصلب، لذلك سيكون لدينا مخزون، لكنني أخشى أن يأتي وقت خلال فترة قريبة للغاية، نفكر فيه في شأن قدرتنا على البقاء على قيد الحياة".
وقال "إن فرض رسوم جمركية نسبتها 25 في المائة من شأنه أن يؤدي بكل تأكيد إلى فقدان الوظائف. هذا النوع من الأرقام يجعلنا نتعرض إلى الإفلاس"
ومن شأنه أيضا أن يعرض للخطر برنامج الاستثمار الرأسمالي الذي تبلغ تكلفته 670 مليون دولار، الذي كانت قد خططت له شركة إن إل إم كيه خلال السنوات الخمس المقبلة، بحسب ما أضاف، مشيرا إلى أن الصناعة تقدر بأن كل وظيفة في مجال الصلب تدعم سبع وظائف في صناعات أخرى.
قال مارسيلو بوتيلهو رودريجيز، الرئيس التنفيذي "لصناعات كاليفورنيا للصلب"، "إنه ليس متأكدا مما إذا كان يمكنه تحميل تكاليف أعلى على العملاء لإنقاذ نحو ألف وظيفة في معمل فونتانا التابع للشركة، بالقرب من سان بيرناردينو".
وأضاف في تعليق على الرسوم الجمركية المقررة "إن الرئيس ترمب يفعل ذلك لحماية الوظائف في البلاد، لكنه يدمر الوظائف في الصناعة".
رحبت معظم شركات إنتاج الصلب في الولايات المتحدة بخطة الرئيس حول الرسوم الجمركية، ويتوقع المحللون أن تستفيد الصناعة ككل، من قوة التسعير الأفضل وارتفاع الاستفادة من القدرة التشغيلية فيما لو تم تطبيقها، حتى إن كان المستهلكون في هذا القطاع هم الذين سيدفعون الثمن.
ربما تعاني بعض شركات الإنتاج المتكاملة، التي تنتج الكتل الخاصة بها من الصلب من تشديد القبضة، لأنها تستورد الصلب شبه الجاهز عندما لا تستطيع إنتاج ما يكفي منه لتزويد معاملها، ما يجعلها من المستهلكين إضافة إلى كونها من المنتجين.
قال ميلر "المعامل الأمريكية الوحيدة التي تنتج ألواح الصلب هي المعامل المتكاملة: حيث إنه ليس لديها أي حافز لبيع الألواح، لذلك ليس هنالك أي بديل محلي". أضاف رودريجيز قائلا "إن شركات الإنتاج المتكاملة "خائفة" من الجهود الرامية إلى إعفاء الصلب، في حال أدى ذلك إلى إضعاف الزخم السياسي المترتب على الرسوم الجمركية".
قد تتسبب الرسوم الجمركية في توجيه "ضربة قاصمة" لمجتمع محلي يعاني الركود مثل فاريل في غربي ولاية بنسلفانيا، بحسب ما قال ميلر، حيث انخفض عدد السكان بنسبة 30 في المائة، منذ إغلاق معملها المتكامل في مطلع التسعينيات، وحيث باتت شركة إن إل إم كيه رب العمل الرئيسي، الآن، الذي يعمل لديه 750 عاملا.
قال جون روسو، باحث زائر في "مبادرة كالمانوفيتز للعمل والفئة الفقيرة العاملة" في جامعة جورج تاون، الذي أمضى 32 عاما وهو يدرس "وادي الصلب" في بنسلفانيا وأوهايو "الأمر قاتم. انخفض عدد السكان بالتأكيد، وليس هنالك كثير من الفرص الأخرى".
تمثل ألواح الصلب المستوردة ما نسبته 6.3 في المائة من إجمالي الطلب على الصلب في الولايات المتحدة، بحسب ما ذكر رودريجيز، وهي تستخدم أيضا من قبل معمل إيفراز المملوك لروسيا في ولاية أوريجون، ويشكل مشروعا مشتركا بين شركة آرسيلور ميتال ومقرها في لوكسمبورج وشركة نيبون ستيل آند سوميتومو ميتال اليابانية في كالفيرت، في ولاية ألاباما.
لا تزال التفاصيل النهائية التي توضح كيفية تنفيذ الرسوم الجمركية غير واضحة، ومن الممكن أن يكون هنالك استثناء لبعض الشركات لكي تتقدم بطلب استئناف. قال رودريجيز "إن صناعات كاليفورنيا للصلب لا تعتقد أن النزعة الحمائية صحية بالنسبة إلى الاقتصاد، لكنه يريد "ميدانا متكافئا"، بما في ذلك فرض عقوبات على الإغراق".
وأضاف أن "الشركة كانت تُجري محادثات مع أشخاص في البيت الأبيض وأعضاء في الكونجرس لتقديم الحجة بأنه ينبغي استثناء ألواح الصلب من الرسوم الجمركية.
كثيرون منهم لا يتفهمون السبب في شمول الألواح لأنها جزء من الحل، وليست هي المشكلة".
قال ميلر "إن شركة إن إل إم كيه تؤيد فرض رسوم جمركية على منتجات الصلب الجاهزة، خاصة تلك الآتية من بلدان مثل الصين التي "تحتال على النظام"، لكنها كانت أيضا تمارس جهود الضغط على صانعي القرار في واشنطن"، "ربما يكون الأمر سياسيا فوق الحد في هذه المرحلة، لكنني أعتقد أن الوظائف الموجودة لدينا البالغ عددها 1100 وظيفة، مهمة بقدر أهمية أي وظائف أخرى".
إن النهج العام المتبع في الرسوم الجمركية، أي تطبيقها على كل بلد وكل فئة من فئات منتجات الصلب، "يمكن أن يتسبب في إحداث تأثير سلبي في الإدارة" حسبما أضاف.
قال روسو "إنه ليس من الواضح مع ذلك ما إذا كان من شأن الرسوم الجمركية أن ترتد على الجمهوريين.
كان هنالك "توتر وخوف شديدان" في البلدات المنتجة للصلب مثل فاريل، حيث إن الأمريكيين من الطبقة العاملة يبحثون عن شخص لتوجيه اللوم إليه"، بحسب ما قال. الديموقراطيين لم يتوصلوا إلى استراتيجية للرد على القرار الاقتصادي الأكثر إثارة للجدل حتى الآن الذي اتخذه الرئيس ترمب، لتخوفهم من أن يتم تصوير ذلك من خلال مواقف التجارة الحرة، التي لا تحظى بشعبية كبيرة لدى كثير من اليساريين في الحزب.
"هذا قرار من النوع الذي له أبعاد سياسية كثيرة، لأن ترمب يقدم على كل تلك التصريحات، ومن ثم يحتج الديمقراطيون حول كل قضايا التجارة الحرة المذكورة، تماما على غرار ما فعلت هيلاري كلينتون".

الأكثر قراءة