أستراليا وتيمور الشرقية تتقاسمان ثروات استغلال غاز بـ 65 مليار دولار

أستراليا وتيمور الشرقية تتقاسمان ثروات استغلال غاز بـ 65 مليار دولار

وقعت تيمور الشرقية وأستراليا أمس معاهدة في الأمم المتحدة تعين حدودهما البحرية للمرة الأولى وتشمل اتفاقا بشأن تقاسم إيرادات محتملة تقدر بنحو 65 مليار دولار من حقول غاز "الشروق الأعظم" في بحر تيمور. وتطوير تلك الحقول بالغ الأهمية لتيمور الشرقية التي تعاني الفقر، البالغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة فقط، إذ إن حقل بايو أوندان للغاز، المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد منذ 2014، على وشك النضوب بحلول 2022.
وبحسب "رويترز"، فإن توقيع المعاهدة في نيويورك يعتبر أول تسوية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهي عملية قال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة "إنها قد توفر لدول أخرى سبيلا إلى حل الخلافات ذات الصلة بالحدود البحرية المتنازع عليها".
وبأسعار السوق الحالية، تعادل احتياطيات الشروق الأعظم أكثر من 23 مثل الناتج المحلي الإجمالي السنوي لتيمور الشرقية البالغ 2.8 مليار دولار.
وظل تطوير تلك الاحتياطيات رهين النزاع الحدودي البحري بين أستراليا وتيمور الشرقية، وهي مستعمرة برتغالية سابقة حصلت على الاستقلال عن إندونيسيا في 2002.
وقالت جولي بيشوب وزيرة الخارجية الأسترالية التي وقعت المعاهدة في نيويورك مع هيرمينيجيلدو أوجاستو كابرال بيريرا الوزير المعني بترسيم الحدود في مكتب رئيس وزراء تيمور الشرقية "المعاهدة خطوة مهمة تفتح الطريق أمام تطوير مورد ثري ومشترك هو حقول الشروق الأعظم للغاز. نعرف أن هذا المورد مهم للتنمية في تيمور الشرقية".
بيد أن شركة مشروع الشروق الأعظم المشترك الذي تقوده وودسايد بتروليوم الأسترالية، التي كانت طرفا مهما في المفاوضات التي استمرت طويلا، مشيرة إلى أنها أصيبت بخيبة أمل لأن المعاهدة لم تتضمن خطة شاملة لتطوير احتياطيات الغاز.
وقالت شركة المشروع في بيان "إنه لأمر مخيب للآمال أن هذه العملية لم تفرز اصطفافا حول مفهوم للتطوير"، ولم يحدد شركاء الشروق ما الذي يرون أنه ينقص الاتفاق لكن من المرجح أن تكون حكومة تيمور الشرقية قد أصرت على إنتاج الغاز داخل البلاد لبيعه في الخارج بينما يفضل المشروع المشترك ضخ الغاز عبر أنابيب إلى أستراليا.
وبموجب شروط الاتفاق، ستحصل تيمور الشرقية على 70 في المائة من الإيرادات إذا تمت عملية الإنتاج في البلاد بينما ستحصل على 80 في المائة إذا جرى ضخ الغاز إلى أستراليا، وبالمقارنة كان توزيع الإيرادات مناصفة في اتفاق أبرمته تيمور الشرقية مع كانبيرا في 2006.
ويقع حقلا صنرايز وتروبادور للغاز، المعروفان معا باسم الشروق الأعظم، تحت المياه على عمق بين 100 و600 متر ما يجعلهما ضحلين مقارنة بالحقول التي تقع على بعد متوسط في أعماق المياه.
واكتُشف الحقلان في 1974 ويحويان، وفقا لوودسايد، احتياطيات تبلغ نحو 5.13 تريليون قدم مكعبة من الغاز، وهو ما يعادل أكثر من ثلث الاستهلاك العالمي الحالي من الغاز الطبيعي المسال في السنة الواحدة.
وبالأسعار الحالية، تصل قيمة هذه الكمية من الغاز الطبيعي المسال إلى نحو 50 مليار دولار، وشأنها شأن معظم حقول الغاز، بما في ذلك منشآت تصدير الغاز الطبيعي المسال الضخمة في بابوا غينيا الجديدة وأستراليا، تحتوي حقول الشروق الأعظم أيضا على كميات ضخمة من المكثفات، وهي نوع خفيف جدا من النفط الخام.
وتتجاوز قيمة احتياطيات المكثفات، البالغ حجمها 225.9 مليون برميل، 15 مليار دولار بأسعار السوق الحالية، وكثيرا ما رددت وودسايد وشركاؤها أنهم يفضلون تطوير الحقول باستخدام منصة عائمة للغاز الطبيعي المسال، ويعد هذا الخيار الأكثر فعالية من حيث التكلفة، إذ تقع الحقول على بعد 150 كيلومترا من تيمور الشرقية و450 كيلومترا من داروين في أستراليا.
بيد أن الاتفاق الموقع يتحدث عن خيارين فقط هما ضخ الغاز إما إلى تيمور الشرقية أو إلى أستراليا، ولطالما ضغطت تيمور الشرقية من أجل إنتاج الغاز لديها سعيا منها إلى إيجاد آلاف من فرص العمل في مجال الإنشاءات ثم بعد ذلك في قطاع إنتاج النفط والغاز والتخزين والنقل والبتروكيماويات، وهو قطاع عوائده عالية، حالما تتم عملية التطوير.
لكن لدى أستراليا بنيتها التحتية القائمة بالفعل في قطاع الغاز إضافة إلى عمال من أصحاب الخبرة ما يجعلها المكان المفضل لهذه الصناعة، علما بأن الشركاء في الشروق الأعظم هم وودسايد الأسترالية وكونوكو فيليبس الأمريكية ورويال داتش شل البريطانية الهولندية وأوساكا جاس اليابانية.
وحتى في ظل الاتفاق الجديد، قد يكون أمام أعمال التطوير سنوات، وأوضحت وودسايد في أيار (مايو) الماضي أنها قد لا تطور الشروق الأعظم قبل 2027.
وتتعافى أسواق الطاقة بعد سنوات من وفرة الإمدادات التي أدت إلى هبوط أسعار النفط والغاز وتسببت في العزوف عن مشروعات الغاز الجديدة.
ومن المتوقع أن تظل أسواق الغاز الطبيعي المسال الآسيوية، التي ستخدمها حقول الشروق الأعظم، متخمة حتى أوائل العشرينيات في ظل زيادة الإنتاج في أستراليا وأمريكا الشمالية وبابوا غينيا الجديدة، ومن المرجح أن شركاء الشروق سيتمهلون قبل رصد مليارات الدولارات لإقامة مثل ذلك المشروع الضخم.

الأكثر قراءة