«صندوق النقد»: حروب التجارة لا يربحها أحد .. وعواقبها خطيرة

«صندوق النقد»: حروب التجارة لا يربحها أحد .. وعواقبها خطيرة

حذرت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي أمس من أن الحروب التجارية لا يربحها أحد، مؤكدة أن عواقب فرض رسوم أمريكية على الواردات ستكون خطيرة بالنسبة إلى الاقتصاد الكلي إذا ردت الدول الأخرى بفرض رسوم من جانبها.
وبحسب "رويترز"، فقد ذكرت لاجارد متحدثة إلى إذاعة "آر.تي.إل" الفرنسية "العواقب على الاقتصاد الكلي ستكون خطيرة، ليس إذا أخذت الولايات المتحدة إجراء فحسب، لكن بخاصة إذا ردت الدول الأخرى، ولا سيما تلك التي ستكون الأشد تأثرا، مثل كندا وأوروبا وألمانيا على وجه الخصوص".
يأتى ذلك، فيما أكدت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض أنه سيتم الكشف نهاية هذا الأسبوع عن تفاصيل الرسوم الجمركية في واردات الصلب والألمنيوم، التي أثارت مخاوف الأسواق وأدت إلى استقالة أحد كبار مستشاري الرئيس دونالد ترمب الاقتصاديين.
من جهته، أعلن ويلبور روس وزير التجارة الأمريكي أن بلاده لا تسعى إلى حرب تجارية، وأن قرار فرض رسوم على واردات الصلب والألمنيوم "قد تم درسه بعناية".
وأشار روس في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي"، "لا نريد حربا تجارية"، وجاء كلام روس غداة استقالة جاري كوهن، أبرز مستشار اقتصادي لدى الرئيس دونالد ترمب، الذي كان يعارض فرض هذه الرسوم.
وتابع روس "نريد علاقات جيدة مع حلفائنا"، مضيفا أن "قيام الولايات المتحدة بزيادة إنتاجها من الصلب، سيجنب ارتفاع أسعار هذا المعدن"، وعن استقالة كون، قلل روس من أهمية هذا التطور، مضيفا أن "المستشار الاقتصادي كان ينوي منذ فترة اتخاذ قرار من هذا النوع".
ونقلت وسائل إعلام أن روس وبيتر نافارو مستشار ترمب للتجارة، أقنعا ترمب بهذا القرار من دون اطلاع كوهن على الأمر، وأضاف روس "لن تكون هناك حرب تجارية كبيرة، والرئيس ترمب ما كان ليبدي رغبة في الليونة مع كندا والمكسيك، لو كان يسعى فقط إلى حلول متطرفة. إنه قرار تم درسه بعناية مع طريقة تطبيقه".
من جهة أخرى، عرضت المفوضية الأوروبية أمس استراتيجيتها المفصلة للرد على تهديدات ترمب وبينها إجراءات رد تشمل سراويل الجينز وزبدة الفستق وعصير الليمون الأمريكي.
وأعلنت سيسيليا مالستروم المفوضة الأوروبية للتجارة أنه "ليس هناك رابحون في حرب تجارية"، معربة عن الأمل في أن "تكون أوروبا معفاة" من الإجراءات التي أعلنها ترمب الأسبوع الماضي.
وقالت المفوضة "هذا سيسيء إلى العلاقات بين جانبي الأطلسي"، بدون أن تعلن إجراءات ملموسة إنما عرضت فقط الإجراءات التي يمكن أن يتخذها الاتحاد الأوروبي.
وفي بروكسل، أكد جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي مستعد "للرد بحزم وتكافؤ"، وتبلغ قيمة الصادرات الأوروبية من الفولاذ إلى الولايات المتحدة خمسة مليارات يورو سنويا ومن الألمنيوم مليار يورو.
وتفيد حسابات المفوضية أن الإجراءات الأمريكية التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي حمائية ستسبب أضرارا بقيمة 2.8 مليار يورو، وإلى جانب تعقيد دخول الصناعات المعدنية الأوروبية إلى السوق الأمريكية، يمكن أن تحول رسوم ترمب، إلى أوروبا، الإنتاج الأجنبي من هذه المواد التي لم تعد تجد طريقا إلى الولايات المتحدة.
وأول قرار تفكر فيه بروكسل هو اتخاذ إجراءات تعرف باسم "إعادة التوازن" لتعويض قيمة الأضرار، بما ينسجم في رأيها مع قواعد منظمة التجارة العالمية.
ويتعلق الأمر عمليا بفرض رسوم على بعض المنتجات الأمريكية المحددة لتوجيه رسالة إلى ترمب، مثل استهداف شركات في الولايات الأكثر تأييدا له، وهذا الإجراء يحتاج إلى ثلاثة أشهر ليصبح فعالا.
وتسعى المفوضية الأوروبية إلى أن يكون التأثير السياسي لهذه الإجراءات الانتقامية في حده الأقصى في الولايات المتحدة مع الحد من آثاره في المستهلكين الأوروبيين.
وقالت مالمستروم "إنه تجري مناقشة لائحة موقتة وسيتم نشرها قريبا"، وأضافت "هناك على هذه اللائحة منتجات من الفولاذ، ومنتجات صناعية وزراعية"، لافتة إلى بعض المواد الأخرى مثل زبدة الفستق وعصير البرتقال.
وكان يونكر قد كشف الأسبوع الماضي أن شركات مثل هارلي ديفيدسون وليفايس وكذلك الويسكي الأمريكي يمكن أن تستهدف.
ورد دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي أمس بشكل مباشر على الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، معتبرا الحروب التجارية "سيئة ومن السهل خسارتها"، وذلك بعد أن هدد الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم.
وردا على قول ترمب "إن هذه الحروب جيدة ومن السهل الانتصار فيها"، قال توسك في مؤتمر صحافي عقده في لوكسمبورج "الحقيقة هي العكس تماما، ولهذا السبب أعتقد بقوة أن الوقت قد حان لكي يتحرك المسؤولون السياسيون على جانبي الأطلسي بشكل مسؤول".
وكان توسك قد استهل كلامه، مشددا أن "هناك خطر نشوب نزاع تجاري جدي بين الولايات المتحدة وبقية دول العالم وبينها الاتحاد الأوروبي. ويجب أن يكون لدينا هدف واضح وهو إبقاء التجارة العالمية نشطة، وحماية الأوروبيين إذا دعت الحاجة من الاضطرابات التجارية، عبر ردود متناسبة تنسجم مع قواعد منظمة التجارة العالمية".
عمليا، لا تتضمن لائحة المنتجات التي يدرسها الاتحاد شركات، وهي تستهدف في ثلثها منتجات من الفولاذ وفي ثلثها الثاني منتجات زراعية وفي الثلث المتبقي منتجات متنوعة مستخدمة بنودا جمركية عامة مثل "السراويل القطنية للرجال".
وأشار مصدر أوروبي إلى أنه "لا يمكن اتخاذ قرار نهائي بشأن هذه اللائحة طالما أن الولايات المتحدة لم تعلن أي قرار رسمي"، وإلى جانب الإجراءات الانتقامية يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتخذ خلال أسابيع أيضا إجراءات تسمى "إنقاذية" لحماية صناعته.
ويقضي ذلك بخفض الواردات الأوروبية من الفولاذ والألمنيوم لحماية القطاعين من الصناعة الأجنبية بحسب ما تسمح به قواعد منظمة التجارة العالمية.
ويمكن للمفوضية الأوروبية التقدم، إذا احتاج الأمر ومع الدول المعنية الأخرى بما فيها الصين بشكوى مشتركة إلى منظمة التجارة العالمية وهو إجراء يستغرق سنتين بشكل عام.

الأكثر قراءة