الطاقة- المعادن

تفاؤل حذر في أسواق المعادن بشأن أسعار خام الحديد في 2018

تفاؤل حذر في أسواق المعادن بشأن أسعار خام الحديد في 2018

لم يحمل الشهر الأول من هذا العام أخبارا إيجابية لأسواق خام الحديد، فالتقلبات السعرية التي عاناها الخام العام الماضي، امتدت إلى هذا العام أيضا.
ففي عام 2017 تذبذبت أسعار الخام بين حد أقصى في شهر شباط (فبراير) عندما بلغ سعر الطن حينها 95 دولارا أمريكيا، لكنه انخفض بشدة في شهر تموز (يوليو) الماضي، ولم يتجاوز سقف الـ 53 دولارا للطن.
وخلال الأسبوع الثالث من الشهر الماضي ونتيجة تقلبات الطلب في الأسواق الصينية انخفضت أسعار جميع أنواع خام الحديد، لكن أقلها انخفاضا كانت الأنواع الأكثر جودة، نتيجة تحول الطلب الصيني من الأنواع الدنيا من الخام إلى الأنواع مرتفعة الجودة.
إلا أن أسعار خام الحديد شهدت ارتفاعا ملحوظا هذا الأسبوع على خلفية ارتفاع أسعار الصلب في الأسواق الصينية، فقد بلغ أعلى مستوى لها خلال الأشهر الستة الماضية، ووصل سعر الطن في السوق العالمية حاليا إلى 80 دولارا، ويقدر الخبراء الزيادة السعرية للخام منذ بداية العام حتى الآن بنحو 9.3 في المائة.
ورغم ما تبديه أسواق المعادن من تفاؤل بشأن مستقبل أسعار خام الحديد في عام 2018، إلا أنه تفاؤل حذر، إذ يخشى بعض البائعين تأثير مجموعة من العوامل السلبية على الأسواق، خاصة في النصف الثاني من العام الجاري.
جورج مايك أحد المضاربين على المعادن في بورصة لندن يعتقد أن "التحرك السعري، الذي حدث بداية هذا الأسبوع في الأسواق الفورية لخام الحديد، جاء في أعقاب زيادة الطلب على عقود حديد التسليح الآجلة في بورصة مدينة شنجهاي الصينية، والآخذة في الارتفاع منذ أوائل كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بسبب انتشار أنباء عن فرض السلطات الصينية مزيدا من القيود على إنتاج الصلب في مدينة تانجشان، التي تعد أكبر منطقة منتجة للصلب في الصين".
ويستطرد قائلا لـ"الاقتصادية"، "يضاف إلى ذلك أنباء لم تؤكدها أو تنفيها السلطات الصينية بعد، وهي أن مستويات مخزونها من الصلب انخفض أكثر من المعتاد، وإذا صحت تلك الأنباء فالمتوقع أن نشهد ارتفاعا في أسعار الصلب في المدى القريب، وكذلك المزيد من الارتفاع في أسعار خام الحديد وفحم الكوك الذي يستخدم لتوفير الطاقة اللازمة لإنتاج الحديد والصلب".
ويشير بعض الخبراء في أسواق المعادن، إلى أن السلطات الصينية أجبرت مصانع الصلب في تانجشان، على خفض الإنتاج بنحو 50 في المائة ابتداء من أواخر العام الماضي، كجزء من حملة لمكافحة تلوث الهواء، بالإضافة إلى محاولة امتصاص الطاقة الفائضة في قطاعي الصلب والفحم في الصين، والتي أسفرت في سنوات سابقة عن ضعف الربحية وزيادة ديون المصانع العاملة في هذا المجال.
ومع ذلك، فإن بعض المحللين في بورصة لندن لا يترددون في الإعراب عن خشيتهم من التأثير السلبي لمجموعة من العوامل على الأسعار، خاصة في النصف الثاني من العام الجاري.
ويقول لـ"الاقتصادية"، كورن ويل جراي المحلل المالي في بورصة لندن، إن "التقديرات الراهنة تشير إلى أن نمو الطلب على خام الحديد في الفترة من 2018-2022 لن يتجاوز 4 في المائة، وتلك الزيادة لا تعد شديدة الارتفاع، إذ يجب الأخذ في الاعتبار أن صناعة الحديد والصلب في الصين تمر بمرحلة شديدة الحساسية، فالضغوط الدولية على السلطات الصينية لخفض معدلات تلوث الهواء والبيئية دفعت السلطات إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لإغلاق عديد من المصانع غير الفعالة إنتاجيا والملوثة للبيئة. ومن الواضح حاليا أن بكين ستتجه مستقبلا إلى إنتاج نوعية أعلى من الصلب، وهذا ما يفسر زيادة طلب الصين على الأنواع مرتفعة الجودة من الخام، يضاف لذلك سعيها لتطوير البنية التكنولوجية لمصانع الصلب عبر استخدام تقنيات أكثر كفاءة تمكنها من استخلاص كميات أكبر من الحديد باستخدام كميات أقل من الخام، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع الطلب على الخام وانخفاض الأسعار".
ومع هذا، فإن الاتجاه العام لا يزال يحمل تفاؤلا بمستقبل الطلب على خام الحديد نتيجة لمجموعة من العوامل يوضحها لـ "الاقتصادية" الدكتور ستيف آدم قائلا إن "هناك عوامل في الأجل القصير أبرزها خطة الإصلاح الضريبي الأمريكي، التي ستؤدي إلى مزيد من الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة، ومن ثم زيادة الطلب على الحديد، وبالتالي على الخام ذاته، والعامل الثاني يتمثل في إصلاح البنية التحتية في الولايات المتحدة، وذلك سيحدث قفزة عالمية في الطلب على الحديد والصلب ومن ثم على خام الحديد. أما العامل الثالث فهو مشروع طريق الحرير الذي تستهدف من خلاله الصين توسيع نطاق أسواقها في بلدان الإقليم، خاصة بلدان وسط آسيا، وهذا المشروع يرمي في الأساس إلى تطوير جذري للبنية الأساسية في غرب الصين وفي بلدان آسيا الوسطى، بما يعنيه ذلك من إنشاء مدن ومطارات وجسور وكباري وتمديد خطوط سكك حديدية وغيرها من العمليات الإنشائية التي ستزيد الطلب على الحديد والصلب وتخلق طلبا سنويا مرتفعا عليهما، وبالطبع سيؤدي ذلك لمزيد من الطلب على خام الحديد.
ويضيف آدم أن تلبية ذلك الطلب لن تتم بشكل سريع، لمحدودية قدرة المناجم، خاصة في البرازيل وأستراليا أكبر منتجين لخام الحديد في العالم، على التعامل مع الاحتياجات الجديدة. فالتوسع في إنتاج الخام سيتطلب بعض الوقت، ما سيسفر عن ارتفاع الأسعار أيضا نتيجة الخلل بين العرض والطلب".
وتظهر الشركات المنتجة لخام الحديد أوضاعا مالية جيدة للغاية فشركة "فايل" البرازيلية أحد أقطاب تلك الصناعة أعلنت أن صافي أرباح العام الماضي ارتفع بنسبة 38 في المائة، مقارنة بعام 2016، أي بنحو 5.51 مليار دولار، ولا تقف مراهنة شركات خام الحديد على الأسواق الصينية وإنما تمتد أيضا إلى أسواق جنوب شرق آسيا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- المعادن