«وول ستريت» سعيدة بتوجه ترمب لتخفيف الضوابط التنظيمية

«وول ستريت» سعيدة بتوجه ترمب لتخفيف الضوابط التنظيمية

لم يمض سوى أكثر من عام بقليل على تعهد دونالد ترمب بـ"تعديل كبير" على قانون دود فرانك لعام 2010، الذي يهدف إلى كبح التجاوزات في وول ستريت. وعد الرئيس بأن الإدارة الجمهورية الجديدة ستُفكك كثيرا من تلك القيود، ما يحرر المصارف لكي تلعب دورها في تعزيز النمو في أكبر اقتصاد في العالم.
حتى الآن التحوّل في اللهجة لم يُترجم إلى تغييرات في القانون الذي ينتظر أن يصوت مجلس الشيوخ على مشروع قانون يتعلق بتعديل بعض أجزاء منه، لكن مصرفيين يقولون ـ بشكل عام ـ إنهم سعداء بالإدارة الجديدة لثلاثة أسباب.
أولاً، بسبب ما لم تفعله: لم يتم فرض أية ضوابط جديدة كبيرة على المصارف منذ تولي ترمب المنصب، وهذا شكل من أشكال الراحة في حد ذاته بعد موجة ضخمة من التعليمات خلال عهد أوباما.
ثانياً، وزارة الخزانة في إدارة ترمب حددت رؤيتها للتنظيم المالي في سلسلة من التقارير التي ركّزت على تقليص الأعباء على الصناعة. وتشكل التقارير برامج أعمال للمسؤولين الذين عينهم ترمب في وكالات مثل الاحتياطي الفيدرالي، الذين لديهم مجال كبير لكتابة وإعادة كتابة الضوابط التفصيلية التي يفرضها القانون.
النعمة الثالثة بالنسبة للمصارف هي أن الإشراف اليومي أصبح أقل إثارة للقلق، لأن السلالة الجديدة من رؤساء الأجهزة التنظيمية ينفذون القواعد القائمة بشكل مختلف. بشأن قاعدة فولكر، مثلا، البند في قانون دود فرانك الذي يحظر على المصارف الرهان في السوق بأموالها الخاصة، يقول أحد المحامين في واشنطن إن هناك الآن فرصة أقل لأن "تُعاقب المصارف" إذا وجدت إحدى الوكالات أي انتهاك.
التغيير في الحكام غيّر اللعبة منذ الآن، بغض النظر عما إذا كان الكونجرس سيُعيد كتابة أية قواعد.
يقول تيري دولان، كبير المديرين الماليين في "بانكورب"، خامس أكبر مصرف في الولايات المتحدة من حيث الأصول: "يُمكننا أخذ أي بند في (قانون دود فرانك)، ويُمكننا الحصول على تفسير صارم جداً، أو معتدل، أو ليبرالي. تغيرت اللهجة في الأعلى فقط؛ إنها موالية بعض الشيء للنمو والسوق".
راندال كوارلز، كبير المنظمين الذي عينه ترمب في الاحتياطي الفيدرالي، قال في خطابه الكبير الأول الشهر الماضي إن الوقت قد حان لتحقيق "كفاءة، وشفافية، وبساطة" أكبر. وأشار إلى أن الاحتياطي الفيدرالي بدأ العمل على إنشاء قاعدة فولكر جديدة وكان يستكشف إعادة كتابة متطلبات الرفع المالي للمصارف الكبيرة.
المزيد من العلامات على تغيير النظام ظهرت من "مكتب الحماية المالية للمستهلكين"، حيث تنكّر القائم بأعمال الرئيس، ميك مولفاني، لإرث أول مدير للوكالة، ريتشارد كوردراي. في الخطة الخمسية للمكتب التي صدرت الأسبوع الماضي - تقرير يبلغ أقل من نصف طول التقرير السابق - أكد مولفاني أنه سيعمل على رصد الامتثال بالقوانين القائمة، بدلاً من اقتراح أو فرض قوانين جديدة نافذة من خلال وضع قواعد رسمية أو استخدام الإنفاذ الشديد.
يقول تشارلز هورن، الشريك في "مورجان لويس" في واشنطن: "أوضح مكتب الحماية المالية للمستهلكين أنه سيُقلّص أنشطته وعملياته".
الأقل وضوحاً، لكن على درجة متساوية من الأهمية، هي الخطوات من "مكتب مراقبة العملة"، وهو مكتب مستقل تابع لوزارة الخزانة الأمريكية يتولى منح الحقوق، والتنظيم، والإشراف على جميع المصارف الوطنية، فضلاً عن المصارف الأجنبية. تحت قيادة جوزيف أوتينج، الرئيس التنفيذي السابق لمصرف وان ويست OneWest والحليف المقرب لستيفن منوشين، وزير الخزانة، اتّخذت الوكالة سلسلة من الخطوات الصديقة للمصارف.
إحداها هو في تفسير قانون إعادة استثمار المجتمع، وهو قانون موجود منذ 41 عاماً يهدف إلى التأكد من أن المصارف المؤمن عليها تُلبّي الاحتياجات الائتمانية للمجتمعات التي تعمل فيها.
في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قال مكتب مراقبة العملة إنه لن ينظر بعد الآن في انتهاكات قوانين أخرى لا علاقة لها بقانون إعادة استثمار المجتمع، عند تحديد تصنيف قانون إعادة استثمار المجتمع لأي مصرف. هذا التحوّل جاء بعد ستة أشهر من تصنيف المراقب السابق "لعوامل الأداء غير المتعلقة بقانون إعادة استثمار المجتمع" المرتبطة بفضيحة حسابات "ويلز فارجو" الوهمية.
يقول وارن ترايجر، وهو محام أول في "باكلي ساندلر"، وهي شركة محاماة مقرها في نيويورك: "على عكس كثير من القوانين المصرفية، قانون إعادة استثمار المجتمع قصير إلى حد ما وغير محدد المعالم ويضع كثيرا من السلطة في أيدي الوكالات التنظيمية لتحديد المتطلبات"، مضيفا: "بإمكانهم تغييرها بالطريقة التي يُريدونها".
كذلك مكتب مراقبة العملة يستهدف توجيهاته الخاصة على منتجات "سُلفة الودائع"، وهي شكل من أشكال الإقراض الاستهلاكي القليل على المدى القصير. قبل خمسة أعوام، اتحد مكتب مراقبة العملة مع مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية ليقول إن المصارف ينبغي أن تتأكد من أن الزبائن لديهم القدرة على سداد قروضهم. هذا كان يعني تطبيق مستوى من الدقة للتعهد بالتمويل الذي جعل القروض غير اقتصادية، كما يقول ديفيد بوميريهن، المحامي العام المشارك في جمعية المصرفيين الاستهلاكية.
مكتب مراقبة العملة ألغى الآن توجيهاته لعام 2013 ومؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية قد تحذو حذوه، ما يُمهد الطريق أمام المصارف لدخول السوق مرة أخرى. تقول "مجموعة المواطنين المالية"، التي تزن خياراتها: "يُمكن لبعض الشرائح من الزبائن أن تستفيد من هذا النوع من المنتج، ونحن نعتقد أن المصارف المنظمة هي مكان أفضل ليحدث هذا من مُقرضي يوم الدفع".
مع ذلك، على الرغم من كونهم منفذين أقل نشاطا، إلا أن المنظمين لن يكونوا خصما ضعيفا. وجولة هذا العام من اختبارات الإجهاد من الاحتياطي الفيدرالي ستكون أكثر صرامة من الأعوام السابقة، كون المنظم يتصوّر انخفاضات أكبر في أسعار الأصول وضربة أعمق للاقتصاد. علاوة على ذلك، توبيخ الاحتياطي الفيدرالي الشهر الماضي لـ "ويلز فارجو" بسبب فضيحة حساباته الوهمية تُشير إلى أنه ستتم معاقبة المخالفات الواضحة للقوانين.
يقول إيان كاتز، وهو محلل لدى "كابيتال ألفا" في واشنطن: "يحب الرئيس ترمب أن يرى نفسه على أنه شخص مهتم بالقانون والنظام. ونحن نعلم أن فضح الأسماء الكبيرة بسبب أفعالها الشائنة هو في معظم الأحيان أمر جيد في السياسة".
لكن يستطيع المصرفيون أن يدركوا أن الجو العام تغير. جوناثان بروزان، كبير المسؤولين الماليين لدى "مورجان ستانلي"، لاحظ في مؤتمر للصناعة في ميامي في الأسبوع الماضي أن الناس في المصرف "لديهم شعور جيد بشأن نغمة ونوع وجهة السفر".
وقال "أعتقد أننا إذا نظرنا إلى ما بعد سنة أو سنتين من الآن، فسنكون في موقع أفضل".

الأكثر قراءة