FINANCIAL TIMES

عودة بريطانيا إلى الطاقة النووية .. اضطرار أم خيار؟

عودة بريطانيا إلى الطاقة النووية .. اضطرار أم خيار؟

عودة بريطانيا إلى الطاقة النووية .. اضطرار أم خيار؟

عبر مساحة من أراض مشوهة يعادل حجمها 250 ملعبا لكرة القدم بجوار قناة بريستول في جنوب غرب إنجلترا، يبني ثلاثة آلاف عامل ما سيكون، بحسب بعض التقديرات، الهيكل البنائي الأكثر تكلفة على هذا الكوكب.
بتكلفة وصلت إلى نحو 20 مليار جنيه استرليني، تعد محطة توليد الطاقة هينكلي بوينت سي في سومرست، هي أول محطة نووية يتم بناؤها في المملكة المتحدة منذ التسعينيات. مجموعات من الرافعات وصوامع الأسمنت تلوح في الأفق عبر منطقة مكتظة بالتحصينات الأرضية المزودة بالحفارات والشاحنات القلابة بسعة 100 طن.
في مركز الموقع، يتم تشكيل الأساسات ليقام عيلها اثنان من المفاعلات النووية بقدرة 1.6 جيجا واط، تهدف إلى تلبية 7 في المائة من الطلب على الكهرباء في المملكة المتحدة، عند الانتهاء من بنائهما بحلول نهاية عام 2025.
مشروع هينكلي حاسم بالنسبة لأمن الطاقة في المملكة المتحدة في الوقت الذي تواجه فيه البلاد إغلاقا لمصانع الفحم القديمة، حيث ستستأثر محطات الطاقة النووية بنحو 40 في المائة من قدرة البلاد الموثوقة لتوليد الطاقة الكهربائية بحلول عام 2030.
ويحظى المشروع أيضا بأهمية أكبر كونه اختبارا لقدرة الصناعة على التنافس في ظل وجود سيناريو طاقة يتغير بسرعة.
كانت الطاقة النووية معرضة للتهديد منذ أن عمل الانهيار الذي حصل في محطة فوكوشيما في اليابان في عام 2011 على إعادة إحياء المخاوف المتعلقة بالسلامة.
التهديد الأكبر أصبح الآن اقتصاديا، في الوقت الذي تصطدم فيه التكلفة المتصاعدة لبناء مفاعلات جديدة بعالم من الطاقة المتجددة والغاز الوفير والرخيص.
سايمون روسي، الرئيس التنفيذي لشركة كهرباء فرنسا في المملكة المتحدة، شركة المنافع الفرنسية التي تعمل على بناء مشروع هينكلي بوينت سي، يعترف بأن الصناعة التي انبثقت من سباق التسلح النووي خلال الحرب الباردة، تواجه معركة تتمثل في إقناع السياسيين والمستثمرين والجمهور بدورها في القرن الحادي والعشرين.
ويقول: "نحن لا نقول إنه ينبغي على الطاقة النووية المضي قدما بأي ثمن. نحن بحاجة إلى إثبات أنها ذات معنى أيضا بالنسبة للمستهلكين".
على مدى 62 عاما، ومنذ افتتاح أول مفاعل تجاري في كالدر هول في شمال غربي إنجلترا، زادت الطاقة النووية بشكل مطرد من قدرتها العالمية للتوليد الكهرباء لتصل إلى رقم قياسي بلغ 392 جيجا واط في العام الماضي.
مع ذلك، تقلصت حصتها في سوق الكهرباء بعد الذروة التي وصلت إليها بسعة 17.6 في المائة في عام 1996 لتصل إلى نحو 11 في المائة، في الوقت الذي ارتفعت فيه المنافسة من قبل توليد الطاقة من الشمس والرياح والغاز وغيرهم من المصادر المتجددة والنظيفة.
المملكة المتحدة هي الآن واحدة من البلدان الغربية القليلة الملتزمة بتجديد مفاعلاتها التي تقدمت في السن. أكثر من 70 في المائة من المفاعلات التي يبلغ عددها 448 مفاعلا في مختلف أنحاء العالم، موجودة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المكونة من الدول الغنية، وأكثر من نصفها يبلغ عمرها 30 عاما على الأقل.
سيصل الكثير منها إلى نهاية حياته التشغيلية خلال العقدين المقبلين، إلا أن احتمالات الاستعاضة عنها غير مؤكدة في أحسن الأحوال، في بلدان مثل الولايات المتحدة وفرنسا واليابان، في الوقت الذي تخطط فيه دول أخرى بما فيها ألمانيا وسويسرا وكوريا الجنوبية إلى التخلص التدريجي من الطاقة النووية تماما.
أي نمو في تكنولوجيا الطاقة النووية يأتي من البلدان النامية، حيث الطلب على الطاقة آخذ في الارتفاع. من بين المفاعلات الستين قيد التشييد في مختلف أنحاء العالم، نحو 80 في المائة منها موجودة خارج منظمة أوسيد، والثلث منها في الصين وحدها.
أما الهند والشرق الأوسط فهما مناطق نمو أخرى. ويعمل هذا على إضعاف قبضة الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وروسيا على الصناعة المهمة استراتيجيا، في الوقت الذي تكتسب فيه الشركات الصينية موطئ قدم لها في السوق.
يأمل المدافعون بأن يتمكن المشروع هينكلي بوينت سي من استعادة الثقة الغربية في التكنولوجيا، لتكون الشكل الوحيد لتوليد الكهرباء القادر على توفير طاقة موثوقة على نطاق واسع، من دون انبعاثات الكربون والتلوث الناجم عن حرق الفحم والغاز.
سيلزم ما يصل إلى 400 من توربينات الرياح البحرية لإنتاج الطاقة التي ينتجها المفاعلان في مشروع هينكلي سي.
وعادة ما تمتلك المحطات النووية معدل استخدام بمتوسط يفوق 90 في المائة، مقارنة بمعدل استخدام 40 في المائة لأكبر محطات الرياح البحرية.
مع ذلك، أثبت مشروع هينكلي حتى الآن بأنه أداة دعاية أكثر فعالية للمعارضين للطاقة النووية، الذين يقولون إن تكلفة المشروع المرتفعة وجدول بنائه الزمني الممتد على مدى عقد من الزمن، يجعل منه أثرا لصناعة تحتضر.
وافقت شركة كهرباء فرنسا على إبرام اتفاق مع حكومة المملكة المتحدة تضمن سعرا يعادل 92.50 جنيها لكل ميجاواط للكهرباء التي ينتجها المصنع، بحيث يرتفع مع التضخم على مدى 35 عاما.
ويعادل هذا نحو ضعف أسعار الجملة الحالية وأكثر من مبلغ 57.50 جنيها لكل ميجا واط الذي وعدت به أحدث مزارع الرياح البحرية، مع عقود ذات فترات زمنية أقصر لمدة 15 عاما.
يقول مدير واحدة من شركات الطاقة النووية الأوروبية: "تم إنشاء هذا المشروع في عصر كان يفترض فيه أن الوقود الأحفوري سيكون نادرا، ومصادر الطاقة المتجددة ستكون مكلفة. تغيرت سوق الطاقة تغيرا جذريا منذ ذلك الحين، بسبب تدفق الغاز الصخري الأمريكي وانخفاض تكلفة الطاقة المولدة من الشمس والرياح".
إن أصبحت الطاقة النووية أكثر قدرة على التنافس، سيتعين عليها عكس مسار سنوات من ارتفاع التكاليف والجداول الزمنية الممتدة، لأن كارثة فوكوشيما أدت إلى تشديد متطلبات السلامة الصارمة أصلا.
هنالك اثنان فحسب من المعامل الأخرى قيد الإنشاء في أوروبا الغربية، في أولكيلوتو في فنلندا وفلامانفيل في فرنسا، وكلاهما يشتمل على تكنولوجيا المفاعلات النووية الأوروبية المكيفة للضغط، المقرر استخدامها في مشروع هينكلي. وهما يعملان منذ عشر وست سنوات على التوالي، وكلاهما تجاوز الميزانية بثلاثة أضعاف.
وهي قصة مماثلة بالنسبة لأول مشروعين للطاقة النووية في الولايات المتحدة منذ 30 عاما. الأول، في معمل في سي سامر في ولاية كارولينا الجنوبية، تم توقيفه في العام الماضي بسبب تصاعد التكاليف، والآخر في مصنع فوجتل في ولاية جورجيا، احتاج لمليارات الدولارات من الاستثمارات الإضافية، وضمانات القروض الفيدرالية لمواصلة العمل.
عملت التجاوزات في الميزانية على تعريض عدة شركات لأزمات، بما في ذلك شركة توشيبا، التكتل الياباني الذي امتلك شركة وستنجهاوس، مطور المفاعل الذي يقف خلف المشاريع الأمريكية، إلى أن تم بيع الوحدة المتضررة إلى شركة إدارة الأصول الكندية بروكفيلد في الشهر الماضي.
في أواخر العام الماضي، أنهت شركة كهرباء فرنسا عملية استحواذها على حصة الأغلبية في شركة أريفا لتطوير المفاعلات التي تقف خلف المشاريع الأوروبية المتأخرة، كجزء من عملية إنقاذ فرنسية تدعمها الدولة.
سيكون الحفاظ على مشروع هينكلي ضمن الجدول الزمني وضمن الميزانية المتاحة أمرا حاسما إن أرادت شركة كهرباء فرنسا تجنب المزيد من الأضرار المالية.
يقول روسي إن العمل "يسير بشكل طبيعي"، مدعوما بالدروس المستفادة من مشاريع أخرى.
يقول دونكان هوثورن، الرئيس التنفيذي لشركة هورايزون، إحدى فروع شركة هيتاشي، مطورة المفاعلات النووية اليابانية التي تخطط لتنفيذ مشروع طاقة نووية في ويلفا في ويلز: "إن نظرنا إلى المشاكل التي تعانيها تلك المصانع، غالبا لا يكون محورها التصميم النووي أو الهندسة. معظمها تعرض لتلك المشاكل في وقت مبكر خلال أعمال الهندسة المدنية، وإزالة الموقع وصب الأسمنت. لا يهم ما تضعه على السطح إن لم يكن الأساس متينا".
أثار قرار اتخذ العام الماضي وتمثل في استبدال جزء من الأنفاق الأسمنتية المحفورة بشكل خاطئ في موقع هينكلي، مخاوف من أن المشروع كان يتعرض لنمط مألوف من الانتكاسات.
تقول شركة كهرباء فرنسا إن القرار أثر على شريحة ضئيلة جدا من العمل المنجز، ومن خلال إصلاح العيوب مبكرا، يمكنه تفادي التعرض لمشاكل أكبر في وقت لاحق.
يقول روسي إن الخبرة المستفادة من المشاريع السابقة ستسمح لشركة كهرباء فرنسا بفرصة بناء محطة طاقة أخرى، حاليا في مرحلة التخطيط، في سيزويل في سافولك شرقي إنجلترا، بتكاليف تشييد أقل بنسبة 20 في المائة من تكاليف تشييد هينكلي.
قد تأتي المزيد من الوفورات من تخفيض تكاليف رأس المال، التي يمكن أن تستأثر بثلث السعر الإجمالي لمشاريع الطاقة النووية.
تخوض شركة كهرباء فرنسا وشركة هورايزون وغيرها من المطورين محادثات مع حكومة المملكة المتحدة حول نماذج التمويل البديلة، ربما تشمل إمكانية الاستفادة من الديون السيادية منخفضة التكلفة، للمساعدة في جعل تكاليف عملية التشييد والبناء معقولة أكثر. حذر هوثورن من أن التقدم مطلوب هذا العام إن أرادت شركة هيتاشي الحفاظ على دعمها لمشروع ويلفا، الذي يعتبر المشروع التالي ليصار إلى تشييده بعد مشروع هينكلي.
يقول هوثورن: "هنالك الكثير من الاهتمام من قبل صناديق التقاعد وغيرها من مستثمري البنية الأساسية، بمجرد أن تبدأ المشاريع في العمل بسبب العائدات المستقرة طويلة الأجل. القضية هي كيف يمكننا تمويل عمليات البناء؟"
الهدف هو الحصول على السعر المناسب للمفاعلات المستقبلية في المملكة المتحدة بتخفيضها إلى 70 جنيها لكل ميجا واط أو أقل - ما يجعلها قادرة على التنافس مع أحدث عقود طاقة الرياح البحرية، إذا ما تم السماح بدفع الأقساط للمزيد من الموثوقية.
يقول النقاد إنه ليس بإمكان أي قدر من وفورات التكلفة والهندسة المالية التغلب على مزيد المشاكل الأساسية التي تواجهها الصناعة.
أيام الشبكات التي يسيطر عليها عدد قليل من محطات توليد الطاقة المركزية الكبيرة آخذة في التلاشي، وفقا للكثير من المحللين. وبدلا منها ستأتي مصادر أكثر تشتتا من جيل الطاقة المتجددة.
وسوف تساعد تكنولوجيا التخزين بالبطاريات و"الشبكة الذكية" الرقمية في تسهيل عمليتي العرض والطلب، وزيادة الكفاءة.
يقول توم بيرك، رئيس مجلس إدارة إي ثري جي، مركز فكري يعنى بالبيئة، إنه لن يكون هنالك مجال في هذا العالم الجديد من الجيل المرن اللامركزي لوجود مفاعلات نووية كبيرة جامدة.
في أوقات الطقس المشمس والعاصف، فإن بلدان مثل المملكة المتحدة وألمانيا والدنمارك تولد المزيد من مصادر الطاقة المتجددة أكثر مما تستطيع الشبكة استيعابه.
هذا يفرض ضغطا متزايدا على أسعار الكهرباء بالجملة، ويجعل السعر الموعود للكهرباء بسبب المشروع الذي يساوي 92.50 جنيها لكل ميجا واط، يبدو حتى أكثر تكلفة.
وفقا لتوقعات حكومية، من المحتمل أن تبلغ تكلفة القيمة خارج السوق التي تدفع لشركة كهرباء فرنسا، على شكل ضريبة مفروضة على المستهلكين، نحو 30 مليار جنيه يدفعها دافعو الضرائب في المملكة المتحدة طوال فترة العقد.
مع ذلك، دون مصدر إيرادات مضمون وطويل الأمد، سوف يكون من المستحيل اجتذاب الاستثمارات في مفاعلات جديدة.
يقول بيرك: "سوف تكون هناك فترات متكررة باستمرار حين يكون لدينا قدر كبير من الطاقة الكهربائية يفوق الحد. إن كنت وزيرا للطاقة، فكيف ستفسر للناس السبب في أنك مضطر إلى التخلي عن مصادر الطاقة المتجددة البديلة، من أجل أن تستخدم قوة نووية أكثر تكلفة بكثير؟ التي التزمت بأن تدفع لها الأسعار على مدى أكثر من 35 عاما؟"
يقول مؤيدو الطاقة النووية إن آمال مستقبل تستخدم فيه الطاقة المتجددة بالكامل يعتمد على افتراضات غير واقعية، حول وتيرة زيادة تخزين البطاريات من حيث القدرة وانخفاضه من حيث التكلفة.
"إذا واجهت محطة رياح بضعة أيام من الظروف الراكدة، فإن تكلفة ملء الفجوة بطاقة البطارية، يمكن أن تكون أكثر من ألف يورو لكل ميجا واط ساعة"، كما يقول روسي.
تحظى ألمانيا بالإعجاب من النشطاء المناهضين للطاقة النووية بسبب قرارها ما بعد فوكوشيما، بإغلاق جميع مفاعلاتها بحلول عام 2022.
على أنه حتى الآن، فإن التأثير الرئيسي لتخلصها التدريجي من الطاقة النووية كان ترسيخ دور الوقود الأحفوري، ووضع ألمانيا على الطريق لتفويت أهدافها لخفض الكربون.
وفي حين أن توليد الطاقة من الفحم انخفض إلى أقل من 7 في المائة من مزيج الكهرباء في المملكة المتحدة في العام الماضي، إلا أن حصة الفحم في ألمانيا ما زالت تشكل 40 في المائة.
يقول ديفيد ستوكس من شركة تيميرا الاستشارية في مجال الطاقة: "الاقتراح الذي وضع أمام الشعب الألماني كان استبدال الطاقة المتجددة بالطاقة النووية، لكن هذه لم تكن النتيجة".
يقول ستوكس إن نهجا أكثر واقعية سيكون أن تستثمر البلدان في إطالة عمر المعامل القائمة. هذا من شأنه إبقاء خيارات التكنولوجيا مفتوحة دون الحاجة إلى التراجع عن الفحم والغاز. مع ذلك، كلما كان تجنب البلدان لطلب مفاعلات جديدة أطول، ستصبح الشكوك أكبر حول مستقبل الصناعة.
من المتوقع أن تنمو قدرة توليد الطاقة النووية العالمية بنسبة 6.6 في المائة بين عام 2017 وعام 2026، وذلك وفقا لمجموعة الأبحاث، بي إم آي، لتتخلف كثيرا عن الارتفاع المتوقع في مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 71 في المائة.
التوسع الأكبر في توليد الطاقة النووية سيكون في الصين، التي هي في سبيلها إلى مضاعفة القدرة بحلول عام 2026. هذا من شأنه تفضيل شركات الطاقة النووية الصينية، بقيادة سي جي إن المملوكة للدولة، التي أشارت إلى طموحاتها العالمية من خلال المساهمة بثلث التمويل لمصنع هينكلي سي، مع خطط لبناء مصنع آخر في المملكة المتحدة في المستقبل.
بالتالي، فإن التقدم في هينكلي يحظى بمراقبة عن كثب في بكين، كما هو الحال في باريس ولندن.
تكرار التأخير في مفاعلي أولكيلوتو وفلامانفيل يمكن أن يمهر مذكرة الإعدام لمطوري المفاعلات الغربيين، بالتزامن التعامل مع انتكاسة التوسع الدولي في الصين.
روسي يدرك المخاطر العالية: "نحن بحاجة إلى التأكد من أن بريطانيا ستكون سعيدة بشأن هذا الخيار".

إطار
محطات طاقة مصغرة خيار أقل تكلفة
مستقبل الطاقة النووية معلق في الميزان جزئيا لأن المفاعلات الكبيرة تكافح من أجل اجتذاب التمويل، لكن ماذا لو توصلت الصناعة إلى نوع جديد من المحطات التي يمكن بناؤها بشكل أسرع وأرخص تكلفة؟
هذا هو هدف الشركات التي تطور مفهوما يعرف باسم مفاعلات الوحدات الصغيرة المستقلة إس إم آر - محطات توليد مصغرة تعتمد على تقنيات تصنيع وحدات مستقلة لتبسيط وتسريع عمليات البناء.
من بين المتنافسين الرائدين شركة نيوسكيل الأمريكية التي يجري تفحص المفاعلات المصغرة لديها، للموافقة عليها من قبل الجهات التنظيمية الأمريكية. وتتضمن التكنولوجيا التي تستخدمها وحدة مستقلة للطاقة بقدرة 50 ميجاواط، تصل إلى 12 وحدة يمكن دمجها معا لإنشاء مفاعل بقدرة 600 ميجاواط.
كما تستهدف شركة رولز رويس الهندسية البريطانية نقل خبراتها في مجال الغواصات النووية إلى ميدان الطاقة المدنية.
وتقول إن مفاعلاتها المصغرة يمكن أن يتم إنتاجها في مصانع - تماما كما تصنع محركات طائراتها - مع نقل كل جزء منها بواسطة شاحنة أو قطار أو بارجة إلى موقع البناء. وتعتزم التخطيط لبناء مفاعل منفرد بقدرة 440 ميجاواط.
هذا يقارن مع القدرة البالغة 3200 ميجاواط التي يجري بناؤها في مشروع هينكلي بوينت سي. ي
قول المحللون إن تكلفة أول مفاعل مصغر في المملكة المتحدة قد تصل إلى أكثر من ملياري جنيه، لكنها ستصبح أقل تكلفة مع ارتفاع الطلب وقلة العرض.
يقول مات روني، زميل في مجال الطاقة في مؤسسة تبادل السياسات، وهو مركز فكري مقره لندن، إن المفاعلات المصغرة من بين أفضل الخيارات المتاحة لتلبية المستويات التي لم يكن يمكن تصورها سابقا في الكهرباء الجديدة منخفضة الكربون، التي ستلزم في السنوات المقبلة لشحن المركبات الكهربائية واستبدالها بالفحم والغاز.
من المتوقع اتخاذ قرار هذا العام حول دعم مالي محتمل من حكومة المملكة المتحدة لشركات تطوير المفاعلات المصغرة. يتساءل المتشككون عما إذا كان بإمكان الاقتصادات أن تكون ناجحة أم لا؟
يقول بول دورفمان، وهو زميل باحث شرفي لدى معهد يو سي إل للطاقة: "من الأرخص بناء وحدة طاقة بقدرة 1.2 جيجا واط، بدلا من بناء ست وحدات بقدرة 200 ميجاواط".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES