FINANCIAL TIMES

تصحيح حراك البورصات بادرة سليمة الاتجاه والتوقيت

تصحيح حراك البورصات بادرة سليمة الاتجاه والتوقيت

تصحيح حراك البورصات بادرة سليمة الاتجاه والتوقيت

نحن نقدم القصة مباشرة. لقد كان هذا تصحيحا سليما، فهو بمنزلة توقف يجعلك تلتقط أنفاسك من أجل الانتعاش.
لا تفزعوا، بل حافظوا على هدوئكم وواصلوا، تماما كما فعل البريطانيون أثناء الحرب العالمية الثانية، وهم يواجهون بمفردهم سماءً تمطرهم بقنابل هتلر.
في الوقت نفسه، نقلا عن روثتشايلدز، يجب علينا الشراء حين تكون هناك دماء في الشوارع.
كان كل هذا، على أي حال، هو ملخص توافق الآراء الساحق الذي بدأ يظهر في وول ستريت، بعد انتعاش من الصدمة السيئة جدا التي تعرضت لها سوق الأسهم يوم الإثنين الماضي.
انتهى الأمر بالأسهم الأمريكية وهي تحقق أفضل المكاسب خلال فترة رئاسة ترمب يوم الثلاثاء الماضي، بحيث تواصل التأكيد على أن أفضل طريقة للاستعداد لتحقيق مكاسب في سوق الأوراق المالية عموماً، على الرغم من التعرض لخسارة في سوق الأسهم أولا. مؤشر فيكس بعد أن سجل 50 نقطة لفترة وجيزة، وهي أعلى نسبة وصل إليها في هذا العقد، يكمن الآن عند نسبة أكثر قابلية للإدارة على حساب الإثارة، ألا وهي 29.9 نقطة.
كثافة عمليات الانتعاش بعد عمليات البيع المكثف "بالخسارة" ليست غير مألوفة على الإطلاق، إلا أن زخم وسرعة عملية الانتعاش الحالية أكبر من عملية الانتعاش العادية التي تعودنا عليها - وفقا لوكالة بيسبوك للاستثمارات، حصل مؤشر إس آند بي 500 على مكاسب بلغت في متوسطها 0.32 في المائة، في اليوم الذي أعقب انخفاضات بلغت نسبتها 4 في المائة أو أكثر. لقد كانت القصة أكثر إثارة من مجرد "عودة القط ذي الأرواح التسع" إلى الحياة.
لقد كان تحقيق ربح نسبته 1.97 في المائة، كافياً للتغلب على كل تلك الخسائر.
ليس ذلك فحسب، بل بدأ المؤشر في الانخفاض، ليأخذ بعين الاعتبار الإثارة في الليلة السابقة.
بعد انخفاض بنسبة 1.59 في المائة عند الافتتاح، كان يتعين على المؤشر تحقيق مكاسب بنسبة 3.59 في المائة للوصول إلى مستوى أعلى- أعلى مستوى له بمثل هذه المكاسب اللحظية منذ تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2011.
وبما أن المكاسب خلال العام الماضي كانت مدفوعة إلى حد كبير بالارتفاع الضخم الذي تسبب فيه الخفض الضريبي في مضاعِفات الأرباح، انخفض مضاعف الأرباح المتوقعة لمؤشر إس آند بي المقاس من قبل وكالة بلومبيرج، من 20 في المائة في نهاية العام ليصل إلى 17.3 في المائة.
لذلك، هل يمكن أن نعلن نهاية حادثة تآمر تضافرت فيها عصبة قليلة من المتداولين، لإخراج عدد قليل من الأدوات الصغيرة عنوة من الأعمال، بما أتاح للمستثمرين فرصة الرهان على التقلبات؟ في الأثناء، جاهدت العصبة تلك على هندسة شبه انهيار في سوق الأسهم الأمريكية يوم الإثنين الماضي؟ ليس صحيحاً.
أولا، من الإنصاف وصف ما حصل ظهيرة يوم الإثنين الماضي بأنه حادثة فنية، وتظهر التجربة أن الحوادث يغلب عليها أن تحصل في ظل ظروف أكثر خطورة.
حصول حادثة على طريق زلقة في وجود جليد أسود ليس أمرا حتميا، إلا أن الظروف الغادرة جعلتها أكثر احتمالا.
إذا كانت هنالك حالة تآمر، نحتاج أن نحدد السبب في حصولها.
بالنسبة إلى بعض الأمثلة المالية الشهيرة الأخيرة، كانت حادثة انهيار شركة لونج تيرم كابيتال مانجمنت في خريف عام 1998 حادثة فنية.
كذلك كانت "مفاجأة شنغهاي" عندما انهارت الأسواق الأمريكية في شباط (فبراير) من عام 2007 بعد عملية بيع تمت في الصين، حيث أثارت أزمة مالية.
أما عملية البيع التي تمت مطلع عام 2008، في أعقاب تداولات حققها المتداول المارق جيروم كيرفيل في بنك سوسييتيه جنرال، فقد كانت حادثة.
في كل الحالات، تمكنت الأسواق من إجراء عملية موازنة متسارعة، لكن في كل الحالات أثرت في سلوك الآخرين، وفي كل الحالات كشفت أنه سواء أكانت الأدوات أم بيئة السوق أم كليهما معاً، هي أمور غير آمنة.
إذا كان الهجوم المضارِب على بعض الأدوات الصغيرة التي لم تبلغ قيمتها أبدا ما يعادل خمسة مليارات دولار فيما بينها، يمكن أن تسبب التشنج، حينها ليس كل شيء على ما يرام.
لا تزال الأسهم الأمريكية أعلى بالكاد من المستوى الذي بدأت فيه العام، مع وصول مؤشر إس آند بي إلى مستوى دون 6.2 في المائة من الذروة التي وصل إليها قبل بضعة أيام، فحسب.
أيضا، لاحظوا أن الأسواق الأخرى شهدت تحولا أيضا يوم الثلاثاء الماضي. حتى إغلاق بورصة نيويورك، بلغت عائدات السندات لأجل عشر سنوات 2.8 في المائة، منخفضة عن الذروة الوجيزة التي وصلت إليها خلال العام بنسبة 2.88 في المائة، لكنها لا تزال أعلى بكثير من المستوى الذي بدأت به، الذي بلغت نسبته 2.4 في المائة، وكان مبررا جيدا لتقييمات الأسهم الأقل.
مؤشر فيكس، عند مستوى أقل من 30 نقطة، لا يزال أعلى مما كان عليه لأكثر من عامين، قبل حادثة يوم الإثنين الماضي، غير المتوقعة.
في الظروف الفوضوية نوعا ما، حاولت سوق الأسهم نوعا ما التكيف مع عالم إصلاح ما بعد الضرائب، الذي ترتفع فيه توقعات الإيرادات والتضخم والنمو المتوقع وأسعار الفائدة. إن فرص أن تأتي البيانات الجديدة خلال الأيام والأسابيع المقبلة، مطالبة بإجراء تعديلات على التقديرات لأي أو لكل من تلك العوامل، باتت مرتفعة جدا. لربما كان علينا المواصلة، إلا أنه في المقابل، لا بد من أن نكون حذرين جدا.
هل كان بإمكانك تفادي الارتباك؟
هذا يؤدي إلى سؤال رائع: بشكل عام، عندما يزداد التقلب، هل ينبغي أن نبقى هادئين والمواصلة؟ كثير من عادات المستثمرين تُشير إلى أنه ينبغي أن نستغل مثل هذه الحوادث كفرص شراء.
من أجل استيعاب الحجة المعاكسة، يمكن أن نلقي نظرة على عمود Smart Money الذي نشرناه قبل عامين: استناداً إلى بحث أجراه ألان موريرا وتايلر موير، اللذان كانا في كلية الإدارة في جامعة ييل في ذلك الحين، يشيران في الواقع أنه عندما يشتد التقلب، فإن أفضل مسار للعمل هو البيع.
يعمل موير الآن في كلية أندرسون للإدارة في جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، بينما يعمل موريرا في كلية سايمون في جامعة روشستر، وقد نُشر بحثهما في المجلة المالية أواخر العام الماضي.
وهما الآن منشغلان بتطبيقه على فئات الأصول والمناطق الجغرافية الأخرى.
بالنسبة إلى الذين لديهم ذكاء في مجال المالية الأكاديمية، فإنه يستحق القراءة. بالنسبة إلى الذين ليسوا كذلك - وهي قراءة كبيرة – فيما يلي خُلاصة الموضوع:
"المحافظ المُدارة حسب التقلب توفر عوائد كبيرة معدلة حسب المخاطر ومن السهل تنفيذها في الوقت الحقيقي. وحيث إن التقلب لا يتوقع بقوة العوائد المستقبلية، فقد تحسنت نسب عوامل "شارب"، من خلال خفض التعرض للمخاطر.
عندما يكون التقلب متزايداً، والتعرض لمخاطر التقلب منخفضاً. تتناقض استراتيجيتنا مع الرأي الشائع، لأنها تتطلب مخاطر أقل نسبياً في فترات الركود والأزمات، إلا أن بوسعها على الرغم من ذلك تحقيق متوسط عوائد أعلى".
بعبارة أخرى، إذا كنت ستبيع عندما يبدأ التقلب في التزايد، فإنك تحصل على وقت أقل صعوبة، وعوائد ليست سيئة، لذلك ستكون في نهاية المطاف أفضل حالاً.
آلية فعل ذلك بسيطة جداً: في نهاية كل شهر يجري رفع أو خفض التعرّض إلى السوق، استناداً إلى تقلب الشهر السابق.
متوسط التعرّض إلى السوق هو 100 في المائة. حتى نكون واضحين، سيكون قد دخل هذا الشهر بشكل جيد مع المال، وسيأخذ المال من السوق في نهاية هذا الشهر، بغض النظر عما سيحدث في الأسابيع الثلاثة المقبلة.
هذا هو "فرصة المال" – لدينا خطان: الخط الرمادي هو الأداء التراكمي لمحافظ الأسهم الأمريكية "المُدارة حسب التقلب".
الخط الأسود هو استراتيجية "البيع والاحتفاظ" خلال نفس الفترة.
في الوقت نفسه، إذا نظرنا إلى أكبر نسبة مئوية من الانخفاضات التي عانتها الاستراتيجيتان، يُمكننا أن نرى أن ميزة توقيت التقلب تنبع من تجنب أسوأ عمليات البيع. نلاحظ أن التقلب تحرك عبر عام 2008 بدون انقطاع، إلى حد كبير لأن التقلب انفجر فجأة في أوائل عام 2007 "بالأحرى كما فعل للتو"، لكن السوق لم تُحقق ذروة وبدأت تراجعها حتى وقت متأخر جداً من العام، بحلول الوقت الذي كانت فيه الاستراتيجية خارج السوق.
كما نجا أيضاً من عام 2000 بدون انقطاع، وهذا غير مستغرب لأن السوق كانت قد تحملت تصحيحا بعد تصحيح "أكبرها كان ما حدث مع شركة لونج تيرم سيئة السمعة" على مدى الأعوام الثلاثة الماضية من انهيار سوق سيئة السمعة، في خضم فقاعة الدوت كوم.
هناك طريقة أخرى للنظر إلى هذا ألا هي أن شدة التقلب بشكل عام تعتبر بمنزلة إشارة تحذير تمنحنا الوقت الكافي للخروج من السوق، قبل أن تبدأ عملية البيع بجدية.
لهذا السبب اقترح عدم استبعاد كل ما حدث مساء يوم الإثنين باعتباره حادثة لمرة واحدة.
"وبما أن هذا البحث مُثير للجدل إلى حد كبير، فإن جميع الردود هي موضع ترحيب". مرة أخرى، حتى نكون واضحين، يُشير البحث إلى خيار البيع في السوق عندما يكون كل من حولك يشعرون بالارتباك، وبالتالي يتعارض مع كل شيء كنا نتعلّمه جميعاً، عن كوننا متناقضين جيدين. عموماً، يبدو الأمر ناجحاً.
مصادر الإزعاج المستمرة
دراما السوق هذا الأسبوع انتهت بصراخ جوقة من صحافيي التلفزيون والنصوص معاً، عند صعود وهبوط نقاط مؤشر داو جونز الصناعي.
هذا أمر لا يُمكن الدفاع عنه، لجميع الأسباب التي كنت أناقشها أخيراً، بل وناقشتها مراراً وتكراراً، وإن كانت الصعوبة كامنة في أنه لا يمكن أيضاً مقاومته.
لماذا؟ لأنه يبدو دراماتيكياً أكثر بكثير من اقتباس تحركات النسب المئوية في مؤشر ستاندرد آند بورز 500. عزاؤنا، هو أن المُشكلة باتت - أو هي على مسار أن تصبح تقليداً يمكننا التعامل معه، إن لم يكن التعود عليه أو القبول به.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES