اضطراب أسواق المال ينهي موجة المكاسب القوية للنفط .. برنت قرب 66 دولارا

اضطراب أسواق المال ينهي موجة المكاسب القوية للنفط .. برنت قرب 66 دولارا

تراجعت أسعار النفط أكثر من 1 في المائة أمس، بالتزامن مع هبوط الأسواق المالية العالمية في أعقاب واحدة من أكبر الخسائر التي سجلتها "وول ستريت" خلال التعاملات على الإطلاق.
وقال محللون نفطيون إن اضطراب أسواق المال وصعود الدولار وضعف الطلب أنهت موجة المكاسب القياسية للنفط، الذي تجاوز مستوى 70 دولارا للبرميل الشهر الماضي.
وبلغ خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة أمس 66.91 دولار للبرميل، بانخفاض 71 سنتا أو 1.1 في المائة عن التسوية السابقة، بحلول الساعة 0530 بتوقيت جرينتش. ويقل هذا السعر أكثر من أربعة دولارات عن أعلى مستوى في 2018 الذي سجله الخام الشهر الماضي.
وبلغ خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 63.46 دولار للبرميل، متراجعا 69 سنتا أو 1.1 في المائة عن التسوية السابقة ومنخفضا أكثر من ثلاثة دولارات عن أعلى مستوى منذ بداية 2018.
وهبطت الأسواق المالية أمس الأول، بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات الأمريكية أثار القلق بشأن ارتفاع التضخم واحتمال رفع أسعار الفائدة.
وارتفع إنتاج النفط في الولايات المتحدة بأكثر من 18 في المائة منذ حزيران (يونيو) 2016 متخطيا حاجز 10 ملايين برميل للمرة الأولى منذ 40 عاما، محاولا تخطي إنتاج السعودية وروسيا.
وتشير معظم التوقعات إلى استمرار تسارع إنتاج النفط الأمريكي خلال الفترة المقبلة، خاصة مع ارتفاع منصات الحفر والتنقيب في مناطق حقول النفط الصخري، وارتفعت تلك المنصات الأسبوع الماضي إلى 765 منصة، وهو أعلى مستوى منذ آب (أغسطس) 2017، وأكثر من ضعف عدد المنصات العاملة في فترة هدوء الإنتاج منتصف 2016.
وتشير توقعات مخزونات الخام في الولايات المتحدة التي يصدرها معهد البترول الأمريكي إلى ارتفاع المخزونات للأسبوع الثالث على التوالي، وتصدر اليوم الأربعاء البيانات الرسمية عن طريق إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وكبح الانخفاضات لسعر النفط استمرار جهود "أوبك" والمستقلين في خفض الإمدادات النفطية لتحقيق التوازن بين العرض والطلب في الأسواق، إلى جانب توقف صعود الدولار الأمريكي، الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط الخام.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية"، فيتوريو موسازي مدير الشراكة الدولية في شركة "سنام" الإيطالية لاستشارات الطاقة، إن تراجع أسواق المال كانت له تأثيرات مباشرة وقوية في سعر النفط الخام، مشيرا إلى أن نشاط بيع الأسهم الواسع كان بتأثير من ازدياد المخاوف المتعلقة بالنمو الاقتصادي.
وذكر أنه في المقابل فإن الإنتاج الأمريكي يسير بوتيرة شديدة السرعة في إنتاج النفط والغاز خاصة الصخريين، لافتا إلى أن الحفارات في الحقول الصخرية تحديدا وصلت بالفعل إلى أعلى مستوى في خمسة أشهر، وهو ما يجدد المخاوف من فيضان مقبل من الإمدادات الأمريكية على المدى القصير.
من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية"، رينهولد جوتير مدير قطاع النفط والغاز في شركة "سينمس" الدولية، أن تمسك دول "أوبك" وشركائهم المستقلين بتمديد خفض الإنتاج على مدار العام الجاري يعزز الاستقرار والتوازن في السوق في ضوء الطفرة الواسعة في الإنتاج والاستثمار في الحقول الأمريكية.
وبين أن ارتداد الأسعار نحو الانخفاض كان متوقعا بسبب بدء موسم صيانة المصافي في الولايات المتحدة، الذي يعرف بضعف الطلب الموسمي، مشيرا إلى أن الربع الأول من العام من أضعف الفترات السعرية للنفط الخام.
وذكر أن "أوبك" تعي هذا الأمر جيدا وتراهن على أداء أقوى وتوازن أفضل للسوق في الربع الثاني.
وأوضح أنه في هذا الإطار فإن السعودية أبقت على أسعار مبيعات نفطها الخام إلى أسواق آسيا عند المستوى نفسه للشهر الثاني إدراكا لحالة تباطؤ الطلب المتوقعة.
بدوره، قال لـ"الاقتصادية"، أندرو موريس مدير شركة "بويري" للاستشارات الإدارية، إن انخفاض الدولار في الأسابيع الماضية بشكل حاد كان أحد المسببات الرئيسة في ارتفاع الأسعار، كما أن تماسك وتوقف الخسائر أدى إلى الضغط مجددا على أسعار النفط لتتراجع بالفعل من مستويات قياسية سابقة، وعزز تلك الانخفاضات الاضطرابات الحادة التي وقعت في أسواق المال.
وأوضح أن اتجاه التصحيح الهبوطي لأسعار النفط قد يستمر في الأسابيع المقبلة؛ نظرا لأن الارتفاعات القياسية الحادة السابقة كانت غير مبررة، وربما ترتكز على عوامل نفسية للسوق، كما أنها لم تكن هدفا للمنتجين، وكان استمرارها قد يؤدي إلى إضعاف تمسك بعض المنتجين بخفض الإنتاج.
إلى ذلك، أكدت شركة "وود ماكينزي" الدولية لاستشارات ودراسات الطاقة، أن شركات النفط الوطنية تسيطر على ما يقرب من 63 في المائة من احتياطيات النفط التجارية في العالم، وهو ما يمثل نحو 945 مليار برميل، مشيرة إلى أن مجموعة من الشركات تواجه صعوبات ارتفاع التكاليف، وهو ما يعرضها لمخاطر انقطاع الإنتاج.
وطلب تقرير حديث للشركة الاستشارية الدولية من شركات النفط الوطنية حول العالم بأن تقوم باستخدام وسائل أقوى وأحدث للتكيف مع مستقبل منخفض الكربون، مشددا على أهمية تبني أفضل استراتيجيات الإنتاج والتركيز على موارد الطاقة الوطنية الغنية، التي تؤمن احتياجات الأسواق من النفط الخام على المدى طويل الأجل مع ضمان تكاليف إنتاجية منخفضة.
وأشار التقرير الدولي إلى أنه في السنوات الأخيرة قامت عديد من شركات النفط الوطنية الغنية بالموارد بضخ نفطها الخام في مصافي التكرير المحلية لتلبية احتياجات نمو الطلب ومن أجل الاستفادة من استثمار منخفض المخاطر، غير أن تركيزها يتحول الآن إلى التكرير الدولي في الاقتصادات الناشئة، ولا سيما في آسيا حيث يزداد الطلب بوتيرة سريعة، مبينا أن هذه الشركات الغنية بالموارد والمصدرة للخام يمكن أن توفر رأس المال لهذه المصافي الخارجية؛ لأنها تؤمن منافذ إضافية لإنتاجها من النفط.
ولفت التقرير إلى وجود تحديات تواجه استراتيجية الاستثمارات في قطاع المصافي خاصة في آسيا، ومنها أن عملية الاستثمار الجديد صارت معقدة، مؤكدا أنه يجب على الشركات أن تنظر بعناية في قدرة البلد المضيف على استيعاب كميات كبيرة من المعروض الإضافي من المنتجات وعلى سبيل المثال فإن كلا من الصين والهند سوقان كبيران يشهدان نموا سريعا في الطلب، ولكن يوجد فائض في قدرة التكرير، ما يجعل أي استثمار جديد في قدرات التكرير يزيد من صعوبة تسويق المنتجات النفطية.
وأوضح تقرير الشركة أن الطلب على وقود النقل "البنزين والديزل" قد بلغ ذروته بالفعل في أوروبا، متوقعا أن يصل إلى ذروته في الولايات المتحدة في السنوات الخمس المقبلة، وعلى الصعيد العالمي ستصل السوق إلى ذروة الطلب بحلول عام 2030.
وقال التقرير الدولي إن هناك قطاعات معينة تشعر بالفعل بالآثار المبكرة لانخفاض الطلب العالمي، لافتا إلى أنه من المحتمل أن يصل الطلب العالمي إلى ذروته مبكرا – بحسب تقديرات أخرى – وذلك بحلول عام 2025 إذا كانت عناصر السوق مساعدة على هذا الأمر.

الأكثر قراءة