FINANCIAL TIMES

النمور الآسيوية تفتقد البنية الأساسية لتلبية متطلبات المتقاعدين

النمور الآسيوية تفتقد البنية الأساسية لتلبية متطلبات المتقاعدين

عدد كبار السن في بلدان جنوب شرق آسيا التي فعلت الكثير لتعزيز النمو الإقليمي، في ازدياد، وهي في سبيلها إلى النفاذ لدى عدد من أكبر الاقتصادات في المنطقة.
كثير من العاملين في بلدان آسيان ليسوا على ثقة بأنهم سيتمكنون من العيش بصورة مريحة في فترة التقاعد، نظرا لعدم كفاية مدخراتهم أو لعدم وجود راتب تقاعدي.
قسم كبير من المتقاعدين الحاليين يستمرون في العمل لإعالة أنفسهم، وهذه علامة على الأمور التي ستحدث بالنسبة لاقتصادات آسيان التي يكثر فيها عدد كبار السن
الفائدة من الوضع السكاني، التي ساعدت في دفع النمو الاقتصادي القوي في بلدان آسيان من التسعينيات على الأقل، في سبيلها إلى الانتهاء.
بعض البلدان قطعت أشواطا على هذا المسار أكثر من غيرها. وفي حين أن إندونيسيا والفلبين تستطيعان الاستمرار في الاعتماد على القوى العاملة الشابة نسبيا، إلا أن عدد كبار السن في تايلاند وفيتنام أخذ يزداد منذ الآن، وبدأت ماليزيا تحولها لتصبح مجتمعا يكثر فيه كبار السن، ويبقى أن كثيرا من العمال في المنطقة غير مستعدين ماليا للتقاعد، في حين أن ارتفاع معدلات الكبار الذين هم بحاجة إلى إعالة سوف يكون له أثر عميق في اقتصادات البلدان.

العمال غير مستعدين للتقاعد
في استبانة إقليمية من قبل FTCR شارك فيها 5000 من سكان المدن، تبلغ أعمارهم 18 سنة فأكثر، تبين أن العمال ليس لديهم شيء يذكر للتحضير للتقاعد. قسم كبير من المشاركين عبر أكبر خمسة بلدان نامية في منظمة آسيان قال إنهم ليسوا على ثقة أو غير متأكدين من أنهم يستطيعون أن يعيشوا بصورة مريحة في سنوات التقاعد.
معظم المشاركين من العمال في المدن، الذين تقع أعمارهم بين 18 و50 سنة، قالوا إنه سيتعين عليهم الاستمرار في العمل إلى ما بعد سن التقاعد. وعلى الرغم من أن الماليزيين يعيشون في أكثر الاقتصادات رفاهية ضمن مجموعة آسيان-5، إلا أنهم كانوا أكثر الناس الذين يرجح لهم أن يؤمنوا بهذه الفكرة، على اعتبار أن 65.1 في المائة قالوا إنهم بحاجة إلى الاستمرار في العمل.
المخاوف التي من هذا القبيل هي حقيقة واقعة بالنسبة لكثير من المتقاعدين. تبين لنا أن قسما كبيرا من المشاركين المتقاعدين لا يزالون يعملون بصورة أو بأخرى لإعالة أنفسهم. حتى في ماليزيا، حيث نسبة المتقاعدين العاملين كانت هي الأقل، إلا أن منظر النساء والرجال الكبار في السن الذين يعملون في حراسة ورعاية المباني هو مشهد مألوف في كوالالمبور.

لا تقاعد ولا مدخرات كافية
تبين من استبانتنا أن عددا كبيرا في بعض البلدان (يصل إلى نصف المشاركين في الاستبانة) يدعون أنهم لا يحصلون على تقاعد أو صندوق المعاشات (الذي يشارك فيه الموظفون وصاحب العمل وأحيانا الدولة). وذكروا أيضا أن مدخراتهم محدودة. من بين الماليزيين الذين ليس لديهم دخل من التقاعد أو صندوق المعاشات، كان لدى 31.7 في المائة منهم مدخرات تبلغ فقط 100 رينجيت ماليزي (24 دولارا) أو أقل. ومن بين التايلانديين الذين لا يحصلون على دخل تقاعدي، قال 34.8 في المائة منهم إن لديهم مدخرات تبلغ فقط ألف بات (31 دولارا) أو أقل.
حتى الذين لديهم راتب تقاعدي أو دخل من صناديق أخرى ليسوا بالضرورة مستعدين للتقاعد. صندوق معاشات الموظفين في ماليزيا، الذي يدير برامج الادخار الإلزامي لنحو سبعة ملايين عامل في القطاع الخاص، يقول إن أغلبية الماليزيين لا يوفرون مالا يكفي للتقاعد. ويعتقد الصندوق أن شخصا في الخامسة والخمسين من عمره في عام 2017 ينبغي أن يكون قد ادخر مبلغا لا يقل عن 228 ألف رينجيت ماليزي من أجل التقاعد، لكن تقديرات الصندوق في السنة الماضية أشارت إلى أن 68 في المائة من المشتركين في برامج الضمان الذين يبلغ عمرهم 54 سنة كان لديهم في حساباتهم أقل من 50 ألف رينجيت.

بعض المجموعات السكانية أكبر سنا من غيرها
استنادا إلى بيانات الأمم المتحدة، تشير تقديراتنا إلى أن متوسط العمر في جنوب شرق آسيا في عام 2017 هو 29 سنة. لكن السبب في ذلك هو أن نصف سكان إندونيسيا البالغ عددهم 261 مليون نسمة هم دون سن 29 سنة، في حين أن متوسط العمر للفلبينيين هو فقط 24 سنة ونصف.
معدلات الإعالة – أي نسبة غير العاملين إلى السكان العاملين – في هذين البلدين هي أيضا في تراجع، في الوقت الذي ينضم فيه المزيد من الشباب إلى القوة العاملة. النسبة المنخفضة تعني أن قوة عاملة كبيرة تعيل أعدادا أقل من أفراد العائلة، الذين هم إما أصغر سنا وإما أكبر سنا من القدرة على العمل. هذه الهياكل العمرية تستطيع أن تساند فترات من التوسع الاقتصادي المتسارع.
في كل مكان في بلدان آسيان الفوائد المترتبة على التشكيلة السكانية تنفذ الآن في الوقت الذي يتقدم فيه السكان في العمر. معدلات الإعالة تتصاعد في فيتنام وتايلاند. التحدي في تايلاند حاد بشكل خاص على اعتبار أن لديها أكبر معدل من حيث متوسط العمر – 38 سنة – في جنوب شرق آسيا بعد سنغافورة. إمكانية النمو في تايلاند ربما تكون مقيدة بصورة حادة بسبب التركيبة السكانية، ما يجعل الهرم مشكلة ملحة. على خلاف سنغافورة، تايلاند معرضة لخطر التقدم في السن قبل أن تصبح غنية. الأمم المتحدة تعتبر أن المجتمع يكون متقدما في العمر حين تكون نسبة السكان الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة فما فوق تقع بين 7 و14 في المائة.
ربما تكون النسبة تتناقص في ماليزيا، لكن معدل التراجع آخذ في التباطؤ، ولن يمر وقت طويل قبل أن يبدأ في الارتفاع. في ماليزيا، دون جيشها الكبير من العمال الأجانب، الذين يشكلون على الأقل 18 في المائة من القوة العاملة، فإن معدل الإعالة لا بد أن يكون قد ارتفع الآن.
التحدي بالنسبة لهذه البلدان هو أن وجود قوة عاملة متقلصة نسبة إلى إجمالي المعالين يحد من إمكانية النمو الاقتصادي. إذا لم يكن لدى العاملين السبل المالية للتقاعد بصورة مريحة في عصر يتسم بارتفاع العمر المتوقع، فإنها تخاطر بأن تصبح عبئا على قوة عاملة متقلصة.
وفقا للبنك الدولي، معدل العمر المتوقع عند الولادة في ماليزيا ارتفع من 60 سنة في 1960 إلى 78 سنة في 2015. بالنسبة لتايلاند، ارتفع الرقم من 57 إلى 79 سنة خلال الفترة نفسها، في حين أن الرقم ارتفع في فيتنام من 63 إلى 81 سنة.
صناع السياسة في بلدان آسيان يتخذون الإجراءات للتصدي لإمكانية تقلص القوة العاملة. في عام 2012 رفعت ماليزيا سن التقاعد من 55 إلى 60 سنة، وهناك حديث عن رفعه إلى 65 سنة. كذلك تحاول ماليزيا التصدي للتراجع في نسبة الخصوبة من خلال إدخال برنامج علاوات للأطفال هذا العام، وهي سياسة تبنتها سنغافورة منذ 16 سنة. في أيلول (سبتمبر)، للمرة الأولى قررت تايلاند أن سن التقاعد الإلزامي هو 60 سنة، حيث تعطي العمال راتبهم التقاعدي القانوني. وفي فيتنام تقترح الحكومة رفع سن التقاعد من 60 إلى 62 سنة بالنسبة للرجال، ومن 55 إلى 60 سنة للنساء.
"لكن نعتقد أن بلدان آسيان سوف تتطلب المزيد من الإجراءات النشطة لاستدامة نموها الاقتصادي القوي في المستقبل. ربما تشتمل تلك الإجراءات على استخدام العمال الأجانب أو المزيد من الأتمتة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES