Author

النمو المستدام .. وآفاق البناء الاقتصادي

|

من أهم المخططات الاقتصادية التنموية التي يجري تنفيذها في المملكة، ضمان استدامة نمو الاقتصاد الوطني، عن طريق مجموعة من الأدوات والروافد. واستدامة النمو تمثل محورا رئيسا في عملية البناء الاقتصادي كلها، التي تشمل كل القطاعات، وهي ركيزة أساسية لـ "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. والنمو هنا، يرتبط بكل شيء أيضا، من قطاعات الخدمات إلى التصنيع والطاقة وغيرها. ومن هنا، فإن الاستدامة المطلوبة ستتحقق تماما، بعد استكمال الاستراتيجية العامة. ومن بين المؤشرات على ذلك، تحسن أداء القطاعات غير النفطية في السعودية، وارتفاع حصتها في الدخل الوطني، كما ظهر أخيرا في الموازنة العامة للعام الجاري، في حين أن المسيرة ماضية إلى الأمام لتعزيز هذا الاتجاه.
الخطط كثيرة في السعودية، وهي تشهد استكمال بعضها قبل موعدها، كما أنها تشمل تحسين بيئة الأعمال، وإعادة تأهيل قطاع الموارد المعدنية. ويؤكد محمد بن عبد الله الجدعان وزير المالية، أن هذه الخطط تشتمل أيضا على تطوير قدرات الطاقة المتجددة، وتوطين صناعات السلاح، والاستثمار في تطوير القوى العاملة والتعليم. ففي مجال الطاقة المتجددة، ضخت المملكة استثمارات ضخمة، جاءت ضمن سياق "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. وأشارت أكثر من جهة عالمية مستقلة، إلى أنه بإمكان السعودية أن تتحول إلى مصدر لهذه الطاقة في غضون عشر سنوات، ما يرفد الاقتصاد الوطني بمزيد من القوة، ولا سيما بعد استكمال عملية البناء الاقتصادي كله.
واهتمت القيادة السعودية بصورة خاصة بقطاع الموارد البشرية والتأهيل، ورصدت أيضا استثمارات كبيرة في هذا المجال، بما في ذلك الاشتراط على كل المؤسسات والشركات الأجنبية الكبرى التي تحصل على حصة ما في عملية التنمية السعودية، أن توافر التدريب والتأهيل للسعوديين، وطبعا توظيفهم في إطار دعم برنامج العمل التشغيلي الوطني. بعض الشركات فتحت بالفعل وحدات تدريب وتأهيل للإيفاء بالشروط السعودية. وهذه النقطة تمثل محورا رئيسا، لأن الاستراتيجية الاقتصادية العامة في البلاد ترتكز بصورة كبيرة على الكادر الوطني في كل المجالات، بما فيها التصنيع والصناعات التي تعتمد على الابتكار. يضاف إلى ذلك، أن الخطة الخاصة بهذا الشأن ستقلل لاحقا حجم العمالة الوافدة، على الرغم من أن الخطة الاقتصادية الجديدة تشمل فرض رسوم على هذه العمالة لرفد الاقتصاد الوطني.
هناك أيضا استقطاب متزايد على صعيد التصنيع للمؤسسات والشركات الأجنبية المختصة، التي وجدت في السعودية مكانا ملائما للتصنيع والتصدير منها مباشرة إلى المنطقة كلها. وهذا المجال أيضا يوفر دفعا قويا لـ "رؤية المملكة 2030". وترى هذه الشركات أن السعودية تتمتع بالأرضية المناسبة للاستثمار، ليس فقط من جهة المخططات والمشاريع المطروحة، بل أيضا من ناحية ما تمتع به من سمعة اقتصادية قوية، حتى في عز تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية قبل ثلاث سنوات.
كل ذلك يصب في طريق الوصول إلى النمو المستدام في البلاد، إلى جانب طبعا التشريعات التي اتخذتها القيادة، التي توفر مزيدا من المرونة للحراك الاقتصادي خصوصا بالنسبة للأموال الأجنبية التي تصب ضمن نطاق التنمية الوطنية كلها. ناهيك طبعا عن التحركات التي تقوم بها للقضاء نهائيا على الفساد، وتكريس منهج تكافؤ الفرص، وعدم التهاون في أي تقصير بصرف النظر عن هوية من يقوم به. إنها استراتيجية اقتصادية تتصل بالحاضر والمستقبل، والمملكة بفضل الله قادرة على الوصول إلى أهدافها بكل ثبات وقوة.

إنشرها