تنين الصين.. هل يحيل إفريقيا إلى حقل للتجارب؟ «2-2»

تنين الصين.. هل يحيل إفريقيا إلى حقل للتجارب؟ «2-2»

من وجهة نظر إفريقيا، على الرغم من أن توسع استثمارا الصين لا يخلو من المخاطر، إلا أن الصين تجلب فوائد ملموسة في التمويل والمهندسين. والأكثر أهمية من ذلك، هو أنها تجلب خيارات عدة أمام دول القارة.
هذا أمر مرحب به للحكومات الإفريقية التي ظلت على مدى عقود، محصورة في علاقات غير منتجة في كثير من الأحيان، مع المانحين الأجانب الذين جلبوا مليارات الدولارات كمساعدات، ولكن في الثمانينيات والتسعينيات جلبوا ما يعتبره كثير من الناس إجماع واشنطن، الذي يفرض شروطه بقوة مدمرة بخصوص التنمية والإصلاح القائم على أساس السوق.
تقول دامبيسا مويو، وهي خبيرة اقتصادية زامبية شكك كتابها المعنون: "المعونة الميتة" عام 2009، في العلاقات القائمة على تقديم المساعدات إلى إفريقيا من أوروبا والولايات المتحدة: "تغير سرد المانحين والمتلقين تغيرا كبيرا مع الصين".
وتضيف قائلة: "الدول الإفريقية تحتاج إلى تجارة وتحتاج إلى استثمارات. وبقدر ما أن الصين، أو أي دولة أخرى - الهند وتركيا روسيا والبرازيل - تجلب فرصا تجارية واستثمارية جديدة لإفريقيا، فإن هذا خبر سار".
جيفري ساكس، مدير معهد الأرض في جامعة كولومبيا، يصف الحماس الصيني الجديد بأنه "أكثر تطور متميز لإفريقيا في هذا الجيل".
ويقول إنه يمكن لبكين أن تساعد في تحويل القارة. ويقول: "إنهم يعرفون كيفية بناء المشاريع الكبيرة"، مشيرا إلى السدود والموانئ والمطارات والسكك الحديدية وشبكات الاتصالات والطرق، التي تقوم بها المجموعات الصينية حتى في أكثر الزوايا غموضا من القارة. ويضيف: "هم يعرفون كيفية القيام بذلك".
شركاء متساوون؟
في جميع أنحاء إفريقيا، يردد الناس في الشوارع وفي أروقة السلطة صدى هذه المشاعر. سياسة بكين الرسمية بعدم التدخل تجعلها شريكا جذابا للقادة الأفارقة في بلدان تمتد من أنجولا إلى زيمبابوي، التي ضجرت من محاضرات القوى الاستعمارية السابقة بشأن حقوق الإنسان أو الديمقراطية.
توصلت دراسة استقصائية أجرتها مؤسسة أفروباروميتر في 36 بلدا إفريقيا إلى أن 63 في المائة من الأفارقة يرون أن نفوذ الصين إيجابي "نوعا ما" أو "إيجابي جدا".
وردا على سؤال عن البلدان التي قدمت أفضل نموذج للتنمية لإفريقيا، قال 30 في المائة من المشاركين في الدراسة إنها الولايات المتحدة، فيما قال 24 في المائة إنها الصين، الأمر الذي وضع البلدين في المرتبة الأولى والثانية.
ومع ذلك، هناك قلق بشأن صعود النفوذ الصيني. يقول بلومبا، مدير كلية كينيا للحقوق: "أعتقد أن الصينيين يعرفون ما يريدون. المشكلة هي أن الأفارقة هم الذين لا يعرفون ما يريدون. الصين تريد السيطرة. وهي تريد أن تكون قوة عالمية"، مضيفا أن الحكومات الإفريقية تتلقى كثيرا من الديون الصينية، إلى درجة أنها ستكون في حالة اقتصادية وسياسية مرهونة لبكين، آجلاً.
جودفري موامبمبوا، وهو رسام كاريكاتير يعرف باسم "غادو" ينشر هجاءه السياسي في جميع أنحاء إفريقيا، يقول شيئا مماثلا: "إنها القصة القديمة نفسها: الآن لديك الصينيون الذين يغزون إفريقيا، ولكن ما الذي تستفيد فيه إفريقيا من ذلك؟" في واحد من رسوماته، يصافح القادة الأفارقة الأقزام يد شخصية صينية شاهقة. يقول التعليق: "نحن شركاء متساوون".
وفي مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز، أعرب أوهورو كينياتا، الرئيس الكيني الذى استخدم المليارات الصينية والخبرة الهندسية في تقديم دفعة ضخمة للبنى التحتية عن قلقه إزاء تحول إفريقيا إلى عجز تجاري مع الصين.
وقال إن بكين "بدأت تقدر أنه إذا كانت استراتيجية الفوز لجميع الأطراف ستنجح، فإن ذلك يجب أن يعني أنه في الوقت الذي تفتح فيه إفريقيا بابها أمام الصين، يجب على الصين أيضا أن تفتح أبوابها لإفريقيا" كذلك.
ويقول فرينتش إن رؤية الأفارقة للصين "لا تزال إيجابية، ولكن ليس بالاندفاع الذي كان عليه" من قبل. الناس يرحبون بالبنية التحتية، كما يقول، ولكنهم يصرون على ضرورة عدم قطف زهور حكوماتهم إما عن طريق الإقراض الزائد، أو قبول العمل غير المطابق للمواصفات، أو السماح للشركات الصينية باستخدام جميع الأعمال والموارد. ويقول إن الأفارقة يستاءون من ذلك، خاصةً عندما تضخم الحكومات الفاسدة ثمن المشاريع – مثل الادعاءات بخصوص خط سكة حديد مومباسا - نيروبي الذي تم افتتاحه، الذي تبلغ قيمته أربعة مليارات دولار - لإفساح مجال للرشوة.
ومع ذلك، كما يضيف، أصبحت الشركات الصينية أكثر انتباها لهذه القضايا مما يشير إليه النقاد. قبل عقد من الزمن، اعتقدوا أن التعامل مع الحكومة كان كافيا. هم يدركون الآن أنهم بحاجة أيضا إلى إشراك المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الدولية في قضايا تبدأ من المهارات المحلية إلى البيئة.
تحب الشركات الصينية أن ينظر إليها على أنها تعمل على نقل للمهارات. شركة هواوي، التي تكسب 15 في المائة من إيراداتها العالمية في إفريقيا، تتولى تدريب 12 ألف طالب في مجال الاتصالات سنويا في مراكز في أنجولا والكونغو ومصر وكينيا والمغرب ونيجيريا وجنوب إفريقيا.
ووفقا لباحثي كلية جونز هوبكنز، فإن 80 في المائة من العمال في المشاريع الصينية أفارقة، حتى لو كان كثير منهم في وظائف متدنية المهارات.
يقول فرينتش: "أنا أنسب قدرا لا بأس به من الفضل للصينيين. لقد كانوا يعملون على منحنى تعلم حاد جدا من اللا معرفة، إلى أن أصبحوا من اللاعبين المتطورين للغاية".
تقول السيدة جينج من مركز القوى الصاعدة إن الصين تريد أن ينظر إلى هذه العلاقة على أنها مفيدة للطرفين. وتضيف: "الصين تتابع بنشاط استراتيجية التصنيع في إفريقيا. وهي تأمل في نقل الإنتاج المنخفض الأجور إلى إفريقيا، في الأعوام العشرة المقبلة".
وتضيف أن الشيء الحاسم بالنسبة للحكومات الإفريقية هو السيطرة على علاقاتها، سواء مع الغرب أو الصين. وهذا يعني تحديد الأولويات، وضمان نقل المهارات والتفاوض مع الشركاء الأجانب بشروطهم الخاصة: "الأمر يرجع إلى الأفارقة. يجب أن يكونوا واضحين حول من يمكنه أن يلعب الدور. يجب ألا يكون الغرباء هم من يقرر ذلك".

الأكثر قراءة