أخبار اقتصادية- خليجية

الرياض وأبو ظبي محط أنظار منتجي السيارات الكهربائية

الرياض وأبو ظبي محط أنظار منتجي السيارات الكهربائية

تشير تقديرات الخبراء في مجال صناعة السيارات، إلى أن العالم سيشهد طفرة في أنواع السيارات الكهربائية المتاحة للمستهلكين خلال الأعوام الخمسة المقبلة، ويتوقع الخبراء أن تشهد الأسواق منافسة حادة بين ما يزيد على أكثر من 100 نوع من تلك السيارات الحديثة.
وخلال بضع سنين أضحت السيارات الكهربائية واقعا ملموسا على الأرض، وبدأت حكومات البلدان المتقدمة في اتخاذ إجراءات وتدابير تشجع على زيادة الطلب على ذلك النوع من السيارات.
وفي هذا السياق قررت ألمانيا وبريطانيا وفرنسا التحول من عالم مركبات البنزين والديزل، إلى عالم السيارات الكهربائية، وبحلول عام 2030 ستكون كل المركبات في الشوارع الألمانية بالكهرباء، والوضع ذاته سيصبح في فرنسا وبريطانيا خلال عام 2040، ويتوقع خبراء البنك الدولي أن تكون جميع مبيعات السيارات الجديدة في أوروبا كهربائية قبل خمس سنوات من ذلك التاريخ.
ولكن ماذا عن منطقة الشرق الأوسط، وإلى أي مدى ترى شركات إنتاج السيارات الكهربائية في المنطقة سوقا واعدة لهذا المنتج؟ يجيب عن هذا التساؤل ريك هاس الاستشاري السابق في شركة "جاكور" البريطانية قائلا: "بصفة عامة هناك توسع في استخدام الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط حتى في البلدان المنتجة للنفط، ويترافق هذا مع اتجاه لا يمكن أن نصفه بالعمومية في المنطقة، ولكنه يتركز في مجموعة البلدان النفطية الثرية، وتحديدا المعنية منها بقضية البيئة، لتعزيز الطلب والاستخدام المحلي للسيارات الكهربائية، فاستخدام تلك السيارات يتطلب توفير بنية أساسية مثل محطات الشحن، وذلك يعني استثمارات مالية عملاقة، غالبا لا يستطيع الإيفاء بها في منطقة الشرق الاوسط إلا البلدان الخليجية، كما أن سعر السيارات الكهربائية وتكلفة صيانتها لا تزال مرتفعة، ومن ثم لا يستطيع تحملها إلا المستهلك مرتفع الدخل".
ويضيف الاستشاري السابق في شركة "جاكور" البريطانية: "من المتوقع أن تركز الشركات الدولية لإنتاج السيارات الكهربائية على السوق الإماراتية والسعودية، فالقدرات المالية للمستهلكين، ورغبة الحكومات هناك في تحديث البنية الأساسية بما يتلاءم مع احتياجات السيارات الكهربائية، والرغبة في ربط المجتمع بأحداث التقنيات التكنولوجية والقدرة على تمويل ذلك، يجعل الرياض وأبوظبي محط أنظار منتجي السيارات الكهربائية".
ولكن هل يؤدي تزايد حصة الصين من السيارات الكهربائية على المستوى الدولي، وتحول بلدان مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بالكامل إلى هذا النوع من السيارات، وتزايد استهلاك الأسواق الأمريكية منها إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط؟
آندروا ديكي الخبير النفطي في شركة "شل الأنجلو-هولندية" يجيب قائلا: "بالطبع لا. ففي عالم تسير فيه نحو مليار سيارة في الشوارع والطروقات فإن مليوني سيارة كهربائية لن يؤثرا في سوق النفط، وحتى مع الإعانات التي تقدم لتلك السيارات، فإنها ما زالت أغلى من السيارات البديلة بالبنزين والديزل، كما أن هناك مشاكل في نقاط الشحن وتوليد الكهرباء".
ويضيف لـ "الاقتصادية"، أن "السيارات الكهربائية لن تغير معادلة الحاجة إلى النفط نتيجة الطلب المتزايد على الطاقة في الاقتصادات النامية والأسواق الناشئة، والحقيقة الثابتة أن الطلب على النفط سيصل ذروته منتصف عام 2030، ورغم أن التوقعات تشير إلى أن السيارات الكهربائية ستمثل 35 في المائة من مبيعات السيارات الجديدة، فإنه إذا حدث تغير في الطلب العالمي على النفط، فلن يكون من السيارات الكهربائية على أي حال".
ومع هذا يصعب الادعاء في اللحظة الراهنة – من وجهة نظر البعض - بأن المستقبل حسم تماما لمصلحة هذا النوع من السيارات، فلا يزال الصراع قائما بين أنصار السيارات الكهربائية وخصومها، وكل طرف يدعم موقفه بحجج وبراهين تستند إلى الأرقام والإحصاءات.
ويدافع أنصار السيارات الكهربائية عن قناعتهم بأن تلك النوعية من المركبات هي سيارات المستقبل، وأن ما لحق بها من تطوير وتحديث في السنوات القليلة الماضية، مكن المنتجين من التغلب على كثير من العوائق التي حدت لسنوات من انتشارها، ومن أبرز تلك العوائق السرعة، حيث زادت سرعتها إلى معدلات لم تعهدها النماذج الأولى منها، وهذا التطور ساعد وبالأرقام على زيادة المبيعات على المستوى العالمي.
وتشير الأرقام المتاحة إلى أن مبيعات شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حققت رقما قياسيا جديدا، إذ بيع 141 ألف سيارة، بزيادة 72 في المائة مقابل الشهر ذاته من عام 2016، بينما تجاوزت المبيعات في 11 شهرا من العام الماضي مليون سيارة على المستوى الدولي لتصل إلى 1039114 مركبة.
وتشير بعض الأرقام الأولية إلى أن مبيعات الشهر الماضي قد تصل إلى 160 ألف سيارة كهربائية على المستوى العالمي، ليبلغ إجمالي مبيعات العام الماضي 1.2 مليون سيارة.
وبطبيعة الحال لا يخفي أنصار السيارات التقليدية، موقفهم الرافض للسيارات الكهربائية سواء بالتهوين من قدرة المنافس الجديد على تحديهم، أو التشكيك في امتلاكه شعبية حقيقية تمكنه من الإطاحة بهم من على عرش عالم صناعة السيارات.
ويركز خصوم السيارات الكهربائية على نقاط الضعف الراهنة فيها، وأبرزها الفترات الطويلة التي تتطلبها عملية الشحن، وعدم توافر محطات شحن بأعداد كبيرة حتى في معظم البلدان المتقدمة، التي تسير بخطة حثيثة في اتجاه إحلال السيارات الكهربائية بشكل كامل محل السيارات التقليدية.
فالخطط الطموحة لشركات صناعة السيارات الكهربائية لا يوجد ما يعززها في عالم المبيعات، حيث تشكل السيارات الكهربائية اليوم 1 في المائة فقط من مبيعات السيارات في جميع أنحاء العالم، ويقل ذلك المعدل في الولايات المتحدة، ولا تزيد على 2.4 في المائة فقط من الطلب الأمريكي، وأدنى من 10 في المائة من الطلب العالمي بحلول عام 2025.
ويقول لـ "الاقتصادية"، تشارلز هاردي نائب رئيس اتحاد منتجي السيارات، إنه "من المؤكد أن هناك ضجة في عالم السيارات الكهربائية في الوقت الحالي، تفوق النمو الحقيقي في حجم المبيعات، لكن هذا لا ينفي أن الآفاق واعدة أمام هذا النوع من السيارات، فتكاليف إنتاج البطارية التي تمثل الجزء الأكبر من إجمالي تكلفة السيارة الكهربائية تنخفض بسرعة، ومن ثم لا يمكن لأحد حاليا التنبؤ بالطلب المستقبلي".
ويشير هاردي إلى أن شركات صناعة السيارات تبدو متفائلة، فشركة "جنرال موتورز" تخطط لطرح 20 موديلا من السيارات الكهربائية بحلول عام 2023، وشركتا "فورد" و"فولكسفاجن" تخططان لافتتاح خطوط إنتاج جديدة للسيارات الكهربائية في الصين، و"تويوتا" ستطرح 10 موديلات جديدة بحلول عام 2020.
وتتجه أنظار منتجي السيارات الكهربائية في العالم إلى الأسواق الصينية، فخلال الفترة من تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 إلى شباط (نوفمبر) 2017 قفزت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين بمقدار الضعف، لترتفع من 42 ألف سيارة إلى 84 ألف سيارة كهربائية.
وتبلغ حصة الأسواق الصينية نحو 2.5 في المائة من إجمالي السيارات الكهربائية في العالم، وتخطط بكين حاليا لإنتاج مليوني مركبة كهربائية بحلول عام 2020، على أن يرتفع هذا الرقم إلى سبعة ملايين سيارة عام 2025، لتمثل بذلك 20 في المائة من إجمالي الإنتاج الصيني من السيارات.
وإذا كانت تلك هي طموحات الصين ومخططاتها في عالم السيارات الكهربائية، فإن تقديرات الخبراء أكثر تفاؤلا بشأن قدرات الصين في هذا المجال، إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية بلوغ حصة الصين من السوق العالمية من السيارات الكهربائية 40 في المائة بحلول العقد الرابع من هذا القرن، وأن تحقق ما تصبو إليه من نتائج قبل موعدها ليصل الإنتاج إلى مليوني سيارة العام المقبل، وسبعة ملايين سيارة عام 2022.
وبحلول عام 2026 سيكون 50 في المائة من السيارات صينية الصنع سيارات كهربائية، وفي عام 2030 سيكون أغلب إنتاج الصين من السيارات ضمن فئة السيارات الكهربائية.
ويوضح لـ "الاقتصادية"، المهندس روجر دوبسون الاستشاري في شركة "فوكسهول" لصناعة السيارات، أن "هناك مجموعة من الأسباب تجعل تركيز منتجي السيارات الكهربائية على الأسواق الصينية طبيعيا، فالضغوط الدولية على الصين للتصدي لمشكلة التلوث البيئي، ورغبة بكين في تحسين ملفها في هذا الشأن لتعزيز القبول الغربي لإنتاجها الصناعي، يجعلها حريصة على تعزيز الطلب المحلي على السيارات الكهربائية، وبطبيعة الحال فإن وضعها الحالي يساعدها باعتبارها أكبر منتج للسيارات في العالم، وفي إطار تحقيق رغبتها بإيجاد مزيد من الطلب على السيارات الكهربائية، فإنها تمنح حاليا دعما بقيمة 15 ألف دولار لكل سيارة منتجة، لتكون بذلك ثاني أكبر دولة في العالم تدعم السيارات الكهربائية بعد النرويج".
بيد أن لورين داري رئيسة قسم التسويق لشركة "مازدا"، تعتقد أن التحدي الأكبر أمام السيارات الكهربائية قد لا يكون التكنولوجيا وإنما التسويق.
وتضيف لـ "الاقتصادية"، "في السنوات الخمس المقبلة سيتم عرض 127 موديلا جديدا من السيارات الكهربائية، وهذا سيوجد عشرات المعارك وكثيرا من الرابحين والخاسرين، فإذا كان هناك هذا العدد الهائل من المتنافسين، فما الذي يمكن أن تقوم به لتجعل المستهلك ينظر إلى منتجك من السيارات الكهربائية".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- خليجية