Author

قياس التضخم .. الرقم القياسي لتكاليف المعيشة

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا

يعبر التضخم عن عملية الارتفاع المستمر في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات، أو بعبارة مكافئة: الانخفاض المستمر في قيمة النقود. وعكس التضخم الانخفاض المستمر في الأسعار، ويسمى أحيانا بالتضخم السلبي. ونفهم من معنى التضخم أن الارتفاع المؤقت في سعر سلعة ما لا يعد تضخما. كما أن ارتفاع سعر سلعة أو مجموعة سلع، دون أن يقابله ارتفاع في المستوى العام للأسعار فإن هذا لا يعد تضخما أيضا.
يعبر إحصائيا عن التضخم بأنه معدل الزيادة في الأسعار خلال فترة زمنية محددة، كالشهر والسنة.
مقاييس التضخم عديدة، ويبنى أي مقياس على أساس نسبة التغير السنوي في أسعار سلة من السلع والخدمات، تختار حسب الهدف من القياس. وقليلا ما تتغير هذه السلع والخدمات المختارة في السلة، ولذا يعكس القياس التغير "تقريبا" في القوة الشرائية لعملة الدولة خلال سلسلة زمنية. ولكل مؤشر سنة أساس = 100، وتتغير سنة الأساس عادة كل عشر سنوات.
في المملكة وكثير من دول العالم هناك أربعة مقاييس للتضخم، هي الرقم القياسي لأسعار الجملة، ومعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي، والرقم القياسي لأسعار العقارات، والرقم القياسي لتكاليف المعيشة، وهو أهمها لعموم الناس. أما الأول فيرصد أسعار السلع كما هي لدى تجار الجملة في المدن الكبرى، وينشر دوريا. وأما الثاني فيرصد التغير في أسعار جميع السلع والخدمات المحسوبة في الناتج المحلي الإجمالي. وهناك ثلاثة قطاعات اقتصادية رئيسية هي النفط والحكومة والخاص "غير النفطي"، ولكل منها معامل انكماش، خلاف المعامل العام للاقتصاد كله. أما الثالث فحديث، ويرصد التغير في أسعار خمسة أنواع من العقارات: أرض وعمارة وفيلا وشقة وبيت.
وأما المقياس الرابع الأخير، وهو الأهم بالنسبة لعموم الناس، فيقيس التغيرات في أسعار سلعة ثابتة من السلع والخدمات التي يرى أنها تمثل استهلاك غالبية الناس. وتصدر هيئة الإحصاء هذا المؤشر شهريا تحت اسم "الرقم القياسي لتكاليف المعيشة".
يتناول المؤشر مئات السلع والخدمات الموزعة على 12 مجموعة رئيسة، هي
1 - الأطعمة والمشروبات، 2 - التبغ 3 - الملابس 4 - السكن وتوابعه، 5 - التأثيث 6 - الصحة 7 - النقل 8 - الاتصالات 9 - الترويح 10 -التعليم 11 - المطاعم والفندقة، 12 - السلع الأخرى. وفي داخل كل مجموعة رئيسة مجموعات فرعية. ولكل مجموعة رئيسة نسبة مئوية "وزن نسبي" في تركيب المؤشر، تم تبنيه اعتمادا على نتائج مسوحات إحصائية تجريها الهيئة عن الوزن النسبي للصرف على تلك المجموعة لدى غالبية العائلات. مثلا، إذا أظهر المسح الإحصائي أن نسبة 20 في المائة من الدخل تذهب للطعام والشراب، فإن فئة الطعام والشراب تعطى وزن 20 في المائة، وهكذا. وتوزيع الأوزان في المؤشر قابل لأن يتغير، لكن من النادر أن يطول التغيير المؤشر كل سنة، لكن كل عدة سنوات.
وقد خضع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة للتطوير المستمر على مدى السنين. ويطول التطوير مثلا، زيادة عدد البنود المختارة "عدد السلع والخدمات" الداخلة في تركيب الرقم القياسي. من التطويرات التوسع في نطاق التغطية الإقليمية بزيادة عدد المدن، وتحديث الأوزان النسبية. كما أجرت الهيئة عدة تطويرات في الأساليب الفنية المتبعة في الميدان والمعالجة.
وفي كل الأحوال، فأول خطوة في إنتاج الرقم القياسي تكون بجمع المعلومات عن أسعار سلة بنود بعينها دوريا حسب فترات إصدار المؤشر "عادة كل شهر" من محال التجرئة ومالكي المنازل والمستأجرين. هذا الجمع يتم وفقا لمنهجية مرتبة مسبقا، حيث تمثل سلة السلع والخدمات ما تشتريه عائلة افتراضية تمثل غالبية عائلات المجتمع.
وبعد الجمع، تجرى عمليات احتساب الرقم القياسي، باستخدام طريقة لاسبير، المعروفة لذوي الاختصاص. ومن الرقم القياسي يشتق أي يحتسب معدل التضخم.
تصاعد الرقم القياسي لتكاليف المعيشة من 100 في سنة الأساس 2007 إلى 138 تقريبا نهاية نوفمبر من العام الماضي، أي أن معدل التضخم للمستهلك خلال السنوات العشر الماضية كان في حدود 40 في المائة. لكن هذا المعدل كان في حدود الصفر بين نهاية 2016 ونهاية 2017. أي أن الرقم القياسي لم يتغير تقريبا خلال العام الماضي 2017.

إنشرها