نظامنا الغذائي والعلاقة برأس المال البشري «2 من 2»

كخطوة أولى، لا بد من القيام بتخطيط مكاني بحري قوي. وفيما يتعلق بالأسماك، فإن التخطيط المكاني يسمح بنهج قائم على الأدلة، والنهج القائم على البيانات لتحسين تحديد مناطق النمو. ويمكن لمناطق الاستخدام التجاري المستدام أن توجه الاستزراع المائي بعيدا عن الموائل الحرجة مثل أشجار المنجروف والشعاب المرجانية والأعشاب البحرية، نحو المناطق التي تتمتع بالظروف الاقتصادية الحيوية المناسبة لزراعة المأكولات البحرية، ما يقلل من الآثار السلبية للاستزراع المائي في هذه العملية. ويمكن دمج تربية الأحياء المائية حتى مع استخدامات المحيطات الناشئة الأخرى مثل توليد الطاقة المستدامة في المناطق البحرية، بما في ذلك توليد الكهرباء من طاقة الرياح. وفي الوقت نفسه، يمكن حماية الأصول البيئية الحرجة من التنمية التجارية. وفي هذا الصدد، يشكل البحر حقا سوقا جديدة.

يمكننا إيجاد صناعة لتربية الأحياء المائية تعمل في وئام مع البيئة بدلا من أن تتعارض معها

تخيل إنتاج الأغذية الذي يسهم في صحة النظام الإيكولوجي بدلا من تدهوره. تخيل مزرعة منخفضة البصمة تستخدم عمود الماء بأكمله لزراعة المحار والأعشاب البحرية في وقت واحد. بالقرب من مصب أحد الأنهار، تقوم الكائنات الصدفية بتنقية المياه، بينما تمتص الأعشاب البحرية النيتروجين الزائد من جراء التلوث الساحلي مثل الجريان السطحي على اليابسة. ويتم تصميم المزرعة بحيث تعمل كحضانة لأنواع الأسماك والقشريات المحلية لتنمو، ما يشكل جزءا من وظيفة بيئية مفقودة كانت تقدمها الشعاب المرجانية. ويمكن أن تساعد زيادة استخدام المبادئ الإيكولوجية على تحسين تصميم وموقع المزارع السمكية البحرية أيضا.
وتقوم منظمة حفظ الطبيعة، إلى جانب عديد من الشركاء، بتنفيذ عدد من المشاريع الرائدة في جميع أنحاء العالم؛ لتحديد كيف وأين ومتى يمكن أن تساعد تربية الأحياء المائية في المحيطات على تحسين البيئة عن طريق تحسين نوعية المياه ووظيفة الموئل والتخفيف من زيادة حمضية المحيطات. وإذا استطعنا أن نحدد الظروف الصحيحة، يمكننا أن نطلق حلا قويا يستند إلى السوق لإصلاح السواحل، مع زيادة الأغذية المغذية والوظائف الزرقاء وثروة المحيطات على نطاق أوسع.

مع تربية الأحياء المائية يمكننا تقصير سلاسل التوريد ونمو الأغذية محليا

في المتوسط في الولايات المتحدة، يسافر الطعام 1500 ميل قبل أن يصل إلى المستهلك. وتستورد عديد من البلدان الكبرى من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة واليابان معظم المأكولات البحرية التي تستهلكها منزليا، ما يجعل المأكولات البحرية واحدة من أكثر السلع تداولا على كوكب الأرض. وإذا تمكنا من زراعة مزيد من المأكولات البحرية محليا، فمن شأن ذلك أن يقصر سلسلة إمدادات المأكولات البحرية، ويقلل من انبعاثات الكربون في المأكولات البحرية، ويحفز الاقتصادات المحلية ويوفر فرص العمل المحلية. وهذا ينطبق أيضا على البلدان النامية.
ومع اتساع المدن بشكل مطرد في جميع أنحاء العالم، أصبح إنتاج الأغذية أكثر إلحاحا، ولكن معظم الأراضي المتاحة لإنتاج الأغذية في جوارها قد استغلت بالكامل. ومعظم المدن الرئيسة ساحلية، وعلى مسافات قصيرة توجد إمكانات كبيرة للاستزراع المائي لزراعة المحيط بأمان وبشكل مستدام.
لا تزال هناك عقبات كثيرة تحول دون تحقيق ذلك. فنحن بحاجة إلى سياسات ذكية لتربية الأحياء المائية بما يتيح النمو مع حماية بيئتنا. إن العمل مع الشركات والمجتمعات الساحلية والحكومات يمكن أن يضمن أن مستقبل تربية الأحياء المائية سيرقى إلى مستوى إمكاناتها، وأن تكون موجودة في انسجام مع المحيطات والسواحل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي