الإرهاب يستنزف 35 % من الاقتصاد الإيراني .. وصناديق التقاعد تعاني الإفلاس

الإرهاب يستنزف 35 % من الاقتصاد الإيراني .. وصناديق التقاعد تعاني الإفلاس

أجمعت الصحف الأوروبية والأمريكية التي تتابع بشغف خلال الأيام الثلاثة الماضية، أن الاضطرابات الشعبية التي تندلع حاليا في إيران أربكت حسابات النظام القائم في طهران.
وأفردت الصحف الغربية تحليلات معمقة لكشف أسرار هذا البركان الذي هز أروقة سلطة الملالي، وأشارت إلى أن هذه الاحتجاجات كان عاملها الرئيس هو الاقتصاد الإيراني بمؤشراته الضعيفة.
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير مفصل أمس، جاء متوافقا في مضمون صحف أخرى داخل بريطانيا وخارجها في القارة الأوروبية، أن هذه الاحتجاجات الشعبية تظهر امتعاض الشعب الإيراني من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البيض والدواجن، إضافة إلى أن أرقام البطالة لا تزال مرتفعة، وأيضا معدلات التضخم الرسمي التي وصلت إلى 10 في المائة مرة أخرى.
وأوضحت "الجارديان" أن موجات الاحتجاج التلقائية جاءت ضد اقتصاد إيران الضعيف عبر عنه طلاب الجامعات وغيرهم ضد سياسات الحكومة المهزوزة ماليا، معتبرة أن تلك المظاهرات تعد الأكبر من نوعها في إيران منذ الاحتجاجات التى تلت الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها فى عام 2009 التي قمعتها السلطات بعنف.
وانطلقت التظاهرات الخميس في مشهد، ثاني أكبر مدن إيران، قبل أن تنتشر وتطول عدة مدن أخرى، وتواصلت يومي الجمعة والسبت ورفعت فيها شعارات مثل "الموت للطاغية".
وامتدت هذه الاحتجاجات لتصل إلى العاصمة طهران، وكانت موجهة في بادئ الأمر ضد ارتفاع الأسعار والسياسة الاقتصادية، لكنها تحولت سريعا إلى انتقادات قيادة البلاد وسياسات طهران بشأن الشرق الأوسط، وقطعت السلطات الإنترنت عن الهواتف النقالة لعدة ساعات ليل السبت الماضي، وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2009 التي تشمل فيها الاحتجاجات مثل هذا العدد من المدن.
ويبدو أن الطبقة الفقيرة كانت وراء انطلاق الاحتجاجات بسبب البطالة وغلاء المعيشة والفضائح المالية، واعتبر بايام بارهيز رئيس تحرير شبكة "نظار" الإصلاحية أن "هذه التظاهرات هي بدفع من الشريحة السكانية التي تعاني صعوبات اقتصادية كبرى، خصوصا الذين خسروا أموالهم عند إفلاس مؤسسات إقراض".
وقال أحد المتظاهرين: "إنهم يقولون دائما (يقصد الحكومة) إننا ندعم الشعب الإيراني، ولكن من يجب أن يدفع التكاليف؟"، وكانت طهران تعول على الالتزام بتطبيق الاتفاق النووي في مقابل انتهاء بعض العقوبات الدولية التي شلت اقتصادها، إلا أن الاتفاق تعثر مع تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالانسحاب، وبالتالي لم يشعر الإيرانيون بأي تحسن.
ويبدو أن الزيادة الأخيرة في أسعار البيض والدواجن بنسبة تصل إلى 40 في المائة، كانت بمنزلة شرارة للاحتجاجات الاقتصادية، فيما ألقى متحدث باسم الحكومة باللائمة في ذلك على تفاقم المخاوف إزاء عودة إنفلونزا الطيور.
أما صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية فقد استعرضت التظاهرات الشعبية في تقريرها تضمن خمسة أسئلة أولها: كيف بدأت التظاهرات؟ وماذا يريد المتظاهرون؟ وما الشعارات التي كان يرددوها المتظاهرون؟ وكيف واجه النظام هذه التظاهرات؟ وأين كانت مواقع الاحتجاجات؟ وكيف كانت ردة فعل الإدارة الأمريكية؟
وأوضحت الصحيفة الأمريكية واسعة الانتشار، أن هذه الاحتجاجات المتناثرة التي ركزت على المظالم الاقتصادية كانت ضد الفساد المالي، ومخصصات الميزانية للمؤسسات الدينية وإفلاس صناديق التقاعد.
وفشل الرئيس حسن روحاني فى الوفاء بوعده بالازدهار الاقتصادي، وكان الإيرانيون يأملون في أن تؤدي إدارة روحاني واتفاق نووي مع القوى العالمية الأخرى إلى إنهاء عزلة طهران وتؤدي إلى اجتذاب استثمارات أجنبية وفرص عمل وقوة شرائية أفضل.
وألقى بعض المتظاهرين باللوم على روحاني في عدم المضي قدما في إصلاحات اقتصادية، على الرغم من اتفاق مع المجتمع الدولي مقابل رفع العقوبات عن إيران.
وتحولت المظاهرات التي استهدفت الاقتصاد وحده، في نهاية المطاف، إلى رفض شعبي للقمع السياسي من قبل السلطة، وهكذا انضم الناشطون الطلابيون والمنشقون إلى الطبقة العاملة ونقابات العمال في الشوارع.
وحذرت السلطات الإيرانية أمس من أن المتظاهرين "سيدفعون الثمن"، وحجبت موقعين للتواصل الاجتماعي لمنع المعارضين من تنظيم تظاهرات جديدة، وذلك غداة ليلة ثالثة من الاحتجاجات ضد السلطة في البلاد قتل خلالها شخصان وتم توقيف العشرات بينما تعرضت مبان حكومية لهجمات.
وأظهرت مقاطع مصوّرة نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي آلاف الأشخاص يتظاهرون في عديد من مدن البلاد ليلا، وتقول تقارير إعلامية ألمانية، إن أسباب اندلاع العنف الشعبي في إيران يعود إلى داوفع اقتصادية مشيرا على لسان خبير اقتصادي إيراني إلى أن الحرس الثوري يهيمن على نحو 35 في المائة من الاقتصاد الإيراني، يستخدم عوائدها في دعم مجموعات إرهابية مثل حزب الله وميليشيا الحوثي في اليمن.
إلى ذلك، حدثت الخارجية الألمانية من نصائحها الموجهة إلى رعاياها بخصوص السفر إلى إيران في ظل التطورات الأخيرة.
وجاء في الإصدار الجديد للوزارة عن الوضع في إيران: "في الوقت الراهن يجب أن يوضع في الحسبان وجود مظاهرات ذات دوافع سياسية في كل أنحاء البلاد، ويرافق هذه المظاهرات عدد كبير من قوات الأمن".
وتابعت الخارجية الألمانية أن على المسافرين إلى إيران توخي درجة كبيرة من الانتباه في الأماكن العامة، ومن مصلحة المسافرين، تجنب المسيرات والتجمعات البشرية الكبيرة وتجنب التصوير حتى بالهاتف المحمول أيضا.

الأكثر قراءة