المشراق

الربيعي .. صناجة عنيزة وراوية النبط

الربيعي .. صناجة عنيزة وراوية النبط

الربيعي .. صناجة عنيزة وراوية النبط

الربيعي .. صناجة عنيزة وراوية النبط

الربيعي .. صناجة عنيزة وراوية النبط

الربيعي .. صناجة عنيزة وراوية النبط

أطلق الشاعر عبدالله بن حسن هذا اللقب على الشاعر والراوية الراحل عبدالرحمن بن إبراهيم الربيعي (1309-1402هـ)، رحمه الله، فكانت عنوانا لكتاب جديد ألفه الدكتور عبدالله الربيعي عن والده الراحل، صدرت طبعته الأولى عام 1425هـ. والكتاب دراسة قيمة عن حياة الشاعر والراوية الراحل عبدالرحمن الربيعي، وصدر له المؤلف بمبحث جميل عن مدينة عنيزة وحضارتها الرائعة، تلك المدينة التي وصفها أمين الريحاني بـ"باريس نجد"، ووصفها جون فيلبي بـ"جوهرة الجزيرة العربية". ثم ينتقل المؤلف إلى شخصية شاعرنا الأدبية والعوامل المؤثرة فيها، وعن دوره في رواية الشعر، فكلنا نعرف أن الربيعي كان واحدا من أهم وأبرز رواة الشعر النبطي ومدونيه. لينتقل بعد ذلك للحديث عن بصماته الشعرية وأغراض شعره، ثم يورد بعض قصائده الجميلة ويقارنها ببعض القصائد العربية الفصيحة. وفي آخر هذا الفصل المطول يورد في بريد الشاعر بعض المراسلات الشعرية التي دارت بين الربيعي وبعض الشعراء، ثم يورد بعض قصائده الوطنية أو التي قالها في بعض المناسبات. ويختم الكتاب بالرحيل إلى المثوى البرزخي ووفاته في العاشر من شعبان عام 1402هـ، رحمه الله وغفر له.
والكتاب مفيد ومعلوماته دقيقة، وبحكم صلة المؤلف بالمؤلَف عنه فقد أورد معلومات نادرة ومهمة يصعب على أي مؤلف آخر أن يستطيع الحصول عليها. وتمنيت لو ختم المؤلف كتابه بفهارس تسهل للباحث الوصول إلى مبتغاه.

سيرة الربيعي
عبدالرحمن بن إبراهيم بن محمد الربيعي (ت 1402هـ) شاعر نبطي مجيد ومكثر، وراوية للشعر النبطي عارف به وبالأخبار والتاريخ النجدي، وناسخ من أهم وأشهر نساخ الشعر النبطي وأغزرهم إنتاجا، ويقدر بعض الباحثين عدد المخطوطات الشعرية التي نسخها بيده بـ60 مخطوطة ما بين متوسطة الحجم في مجلد لطيف، وكبيرة الحجم في مجلد ضخم، أو عدة مجلدات. ويذكر ابنه الدكتور عبدالعزيز أنه نسخ مئات الدفاتر بقي بعضها في عنيزة، وأرسل بعضها إلى الرياض والحجاز والأحساء والبحرين والكويت، وأنه بقي في مكتبة والده منها بعد وفاته 30 مخطوطة.
ولد الربيعي عام 1309هـ في حي الخريزة في مدينة عنيزة، ونشأ فيها في كنف والده الفلاح، الذي كان صديقا وراوية للشاعر المشهور محمد العبدالله القاضي (ت 1285هـ)، وتعلم القراءة والكتابة على يد والده، ثم لازم والده بعد إصابته بالعمى، فكان يأخذ بيده حين يريد الذهاب إلى أصدقائه من الشعراء والرواة، ويجالسهم مع والده ويستمع إلى أحاديثهم والقصص والأشعار التي يروونها، فتعلق عبدالرحمن الربيعي بالشعر والأدب منذ صغره، وجالس أهم شعراء ورواة عنيزة والقصيم من خلال ملازمته لوالده، وحفظ عنهم ودون كثيرا من الأخبار والأشعار.
وبعد وفاة والده وبلوغه سن الرجولة أصبح الربيعي مقصدا لكل مهتم بالشعر النبطي وكان مجلسه في عنيزة من المجالس الماتعة التي تزخر بكل مفيد من الأحاديث والروايات والأشعار، وقد أثنى عليه وعلى مجلسه الشاعر المبدع سليمان بن ناصر بن شريم (ت 1363هـ) بقوله:

وقل للربيعي ما على الطيب تحيار
من طال حبله شرب والناس مظمين
يا عابد الرحمن يا حبر الاحبار
بي علة ما له طبيب يداوين

ويمضي فيها إلى أن يقول:
والشك مرفوعٍ عن الكل ومجار
واسلم وسلّم لي على المستفيدين
أهل المجالس والمدارس والاخيار
في ساعة عنهم حسدهم مغيبين
توفي الشاعر الراوية عبدالرحمن الربيعي مساء يوم الثلاثاء من شهر شعبان من عام 1402هـ في لندن حيث كان ذاهبا للعلاج.

طريقته في النسخ
كان الشاعر الربيعي حسن الخط، وراوية للشعر النبطي، عارفا به، ممارسا لصنعة النسخ معتنيا بها كثيرا، وهذا ما جعل كثيرين يقصدونه لينسخ لهم مخطوطات في الشعر النبطي، أو يجمعها لهم. وقد مارس هذه الصنعة منذ شبابه، وقبل أن تتوافر الأقلام، ويصف ابنه الدكتور عبدالعزيز في كتابه "صناجة عنيزة"، الذي جمعه في سيرة والده، طريقته في صنع الحبر فيقول: "كان يصنع الحبر بنفسه بطريقتين: الأولى بإذابة الزاج وهو حجر أبيض بماء فيستحيل إلى حبر أسود إلا أنه لا يدوم والأخرى تتمثل بخلط شيء من نبات العصفر وقشور الرمان وطحنها ثم مزجها بالماء وإضافة صدأ الحديد إليها ويوضع المزيج على نار هادئة ثم يضاف الزاج والصمغ لنحصل على حبر أكثر ثباتا وديمومة ومقاومة للرطوبة والشمس. أما القلم فكان يؤخذ من العصفر ويشق رأسه ويسمى "المشلوخ" ثم يغمس بالحبر ويكتب به، ثم تطور الأمر إلى استخدام البرية وهي ذات مقاسات حسب الطلب، وأخيرا استخدم الوالد أقلام الحبر".

القوافي النادرة
ومما تميز به شاعرنا الربيعي هو نظم الشعر على القوافي النادرة في الشعر النبطي، كقافية الثاء، والذال، وهذه مقتطفات من قصائده تلك:
تفكرت بزماني باعتباثي
نظمت القيل مرجومٍ على ثي
ججتوليت الهوى في كل مرقب
ومن عظم الدواهي صرت جاثي
وعفت النوم من شد المصيبه
وشاب الراس من كثر المغاثي

ويمضي فيها إلى أن يقول
وشفت الناس جملتهم تكفا
صار القول كله للأناثي
الى قالت فهو سمعٍ مطيع
على المامور ما يقدر يغاثي
يطيعه من ورا خشمه وعينه
ويجيب لها الأواني والأثاثي
وشفت المرجله قَلّوا رجاله
وراح الجود كله بانخباثي
وراح العرف والمعروف جمله
وقل الطيب من كثر الخباثي

وهذه أبيات من قصيدته الذالية، وهي أطول من ذلك:
يا الله يا اللي للمخاليق معبود
يا مسندي يا خالقي يا ملاذي
يا جاعل رزق المخاليق محدود
عن قدرتك كل الخلايق جواذي
الطف بحال اللي عن النوم مصدود
لكن في عينه شماريخ حاذي
كني لديغٍ صابني ناب راصود
حاربت لذّات الكرى يا عياذي
على الذي صابن وأنا عنه مردود
وكثرت علي من الغريم المواذي
غرو سلب عقلي وانا منه ملهود
ولا ساعة عن مولع القلب لاذي
ميَّاح مزَّاح ولا منه لي فود
لا هو بمحذيني ولا هوب حاذي
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق